قامشلي – نورث برس
تعيش المعارضة السورية، مؤخراً، أوضاعاً “غير صحية” إذ لم تتمكن هيئة التفاوض من عقد أي اجتماع منذ أكثر من سنة، وسط حديث عن تشكيل منصة جديدة للمعارضة قد يشارك فيها مجلس سوريا الديمقراطية.
ورغم ما تعانيه هيئة التفاوض، إلا أن الائتلاف، وممثلي الفصائل العسكرية، والمستقلين المتحالفين معه أنجزوا مجموعة اجتماعات انتخبوا فيها أنس العبدة خلفاً لنصر الحريري رئيساً لهيئة التفاوض.
كما انتخبوا نصر الحريري خلفاً للعبدة رئيساً للائتلاف في خطوة وصفت بـ”لعبة لتبادل الكراسي”، ما زاد من تعقيد وضع المعارضة السورية.
واستبدلت مؤخراً، منصة القاهرة ممثلها في اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض قاسم الخطيب، بـ”نضال الحسن وتليد صائب.”
وكان الائتلاف في هيئة التفاوض فصل ممثل منصة موسكو مهند دليقان من اللجنة الدستورية بناء على مخالفة المطالبة العلنية بنقل اجتماعات الدستورية من جنيف إلى دمشق.
مطالبات بالتدخل
ودفع كل ذلك هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغير الديمقراطي ومنصتي موسكو والقاهرة لإرسال مذكرة إلى المبعوث الأممي غير بيدرسن، ورسائل إلى وزارات الخارجية الروسية والسعودية والمصرية.
وطالبوا في الرسائل التدخل لوقف حالة “التفكك” التي تعاني منها هيئة التفاوض، وخوفاً على انعكاس ذلك على كتلة المعارضة في اللجنة الدستورية ما قد يستدعي وقف اجتماعاتها.
وقال بيدرسن في إحاطة أمام مجلس الأمن: “يبدو واضحاً أنه لا يمكن لأي طرف فاعل أو مجموعة من الأطراف الفاعلة فرض إرادتها على سوريا أو تسوية النزاع، وبالتالي يجب على كل الأطراف العمل معاً.”
وأضاف: “نعم، العملية يجب أن تكون بملكية وقيادة سورية، إلا أنه في ضوء تدويل الأزمة إلى حد كبير، ووجود خمسة جيوش أجنبية تنشط على الأراضي السورية لا يمكننا التظاهر بأن الحلول في أيدي السوريين فقط، أو أن الأمم المتحدة يمكنها أن تقوم بذلك بمفردها.”
في غضون ذلك علقت وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية دفع مخصصات شهرية كانت تمنحها للمفرَّغين الإداريين الذين يعملون في هيئة التفاوض لحين عودتها للعمل والاجتماعات وفق مكونات الهيئة.
منصة جديدة
وتتزامن هذه الإجراءات مع نشاط سياسي مكثف تقوم به الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا يقول مسؤولون إنه يهدف إلى إنشاء منصة سياسية للمعارضة السورية تكون قادرة على التعبير عن مطالب السوريين الحقيقية، وما يحتاجونه جميعا بغض النظر عن انتمائهم الطبقية والطائفية والعشائرية والقومية.”
والأسبوع الماضي قالت إلهام أحمد، رئيس الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، إنهم “يخططون لعقد مؤتمر وطني لكافة قوى المعارضة السورية خلال هذا العام.”
وأضافت: “نتواصل مع كافة القوى السياسية في الداخل السوري ومختلف قوى المعارضة الموجودة خارج سوريا لتحقيق هذا المؤتمر.”
وقال مصدر مطلع في معارضة الداخل، لنورث برس إن “استمرار التعطيل” في هيئة التفاوض السورية سببه “تعنت” الائتلاف والمحسوبين عليه من الفصائل العسكرية والمستقلين القدامى.
ويرغب هؤلاء، بحسب المصدر، لاستمرار “السيطرة والهيمنة” على كل قرارات هيئة التفاوض، وعدم قبوله (الائتلاف)، خوض النقاش والتوصل إلى توافقات، وعدم موافقته على دخول عدد من المستقلين الجدد الذين شاركوا في مؤتمر المستقلين في نهاية العام 2019.
ويرى المصدر، أن الاستحواذ على القرار السياسي والإداري الذي يقوم به الائتلاف لا يخدم هيئة التفاوض، ولا الحل السياسي والدستوري وقوى المعارضة.
ولكنه قد يعيق التقدم في عمل اللجنة الدستورية في جولاتها القادمة، ويخدم الحكومة السورية، خاصة أن الرئيس السوري على طريق إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة “التي ستفضي إلى استمرار بشار الأسد في كرسي حكم سوريا لفترة زمنية جديدة تؤمن سيطرة جديدة لمرحلة جديدة”، بحسب المصدر.
بديل للهيئة
وقال عبد القهار سعود وهو عضو في المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغير والديمقراطي لنورث برس إن: “هذه القرارات ستضع هيئة التفاوض على حافة الهاوية، وقد تدفع المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى البحث عن بديل إذا لم يكن البديل قد جرى ترتيبه في الكواليس.”
وشدد على أنه “كان المؤمل من اجتماع دول الخليج في (العلا) تهدئة الأمور بين تركيا والسعودية، وأنه قد يحدث بعض التفاهمات بما يخص الملف السوري.”
ولكن على ما يبدو، بحسب “سعود”، فإن الإصرار التركي من خلال الائتلاف، “وعدم تقديم أي تنازل، أو الاستجابة لما قدمته هيئة التنسيق والمنصات الأخرى حال دون ذلك.”
وأشار المعارض السوري إلى أن “استمرار اجتماعات هيئة التفاوض واتخاذها بعض القرارات بخصوص استبدال قاسم الخطيب، وقبول أسماء جديدة وعدم الاستجابة لتسوية الخلاف بخصوص المستقلين الجدد والقدامى، يعكس رغبةً تركيةً في استمرار السيطرة على هيئة التفاوض.”
وأضاف أن “ما تريده تركيا هو استمرار السيطرة على الملف السوري، وهذا يتعارض مع ما يريده الغرب وأميركا في سوريا.”
وقال عبد القهار سعود عضو في المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغير والديمقراطي، إن ما يجري من “أحاديث بتشكيل منصة جديدة بعض أشخاصها من منصة القاهرة، وبعض المنشقين من الائتلاف، وقد يكون بعض الأشخاص من هيئة التنسيق الوطنية و(مسد) من أجل الدخول إلى هيئة التفاوض، يؤشر لوجود طبخة جاهزة من بعض الدول الإقليمية والدولية بخصوص هيئة تفاوض جديدة.”