ثلاث سنوات من البعد لم تنس نازحي عفرين حلم العودة

قامشلي – نورث برس

يقول نازحون من منطقة عفرين، شمال غربي سوريا، يقيمون في مدينة قامشلي، شمال شرقيها، إن الأعوام الثلاثة الماضية لم تغير شيئاً من تعلقهم بأرضهم ولم تنسهم أمل العودة كما لم تساعدهم وعائلاتهم في سائر أرجاء البلاد وخارجها في التكيف مع بيئات جديدة.

وتمر اليوم الذكرى الثالثة على هجوم واسع شنه الجيش التركي بمشاركة فصائل سورية معارضة على منطقة عفرين وانتهى بسيطرتها على مركز المدينة وسط نزوح مئات الآلاف، بحسب منظمات حقوقية محلية ودولية.

وقبل يومين نددت العشرات من المنظمات الحقوقية الكردية والسورية في بيان مشترك ما وصفته بـ”الـصمت والخذلان من قبل المجتمع الدولي.”

“احتجاجات وصور”

وخرج الآلاف من نازحي عفرين المتوزعين في مختلف مناطق شمالي سوريا في احتجاجات ضد استمرار ما وصوفه بـ”الاحتلال” التركي لمناطقهم، ورفع المحتجون صور من فقدوا حياتهم أثناء الهجمات.

كما شملت الصور لمختطفين ومختطفات لا تعلم عائلاتهم مصيرهم.

وقال تقرير للجنة التحقيق المستقلة في الأمم المتحدة، في أيلول/سبتمبر الماضي، إن الفصائل قامت بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين قد ترقى لـ”جرائم حرب” وتتمثّل في “اختطاف الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب والاغتصاب.”

شريف محمد وهو صحفي فر من مدينة عفرين بسبب القصف التركي، لا ينفك يتحدث عن داره وأرضه فثلاثة أعوام لم تستطع أن تنسيه اللحظات الأولى لهجمات تركيا وفصائل المعارضة.

ويقول الصحفي الذي زار، بحكم طبيعة عمله في برنامج تلفزيوني محلي، معظم قرى عفرين خلال سنوات ما قبل الحرب: “ننام ونستيقظ على ذكرياتنا في عفرين ولا يمكن أن ننسى ما عشناه في منطقتنا.”

ويعتقد “محمد” أن الأعوام الماضية أظهرت مدى صعوبة أن يتمكن “العفريني” من العيش تحت “راية الدولة التركية وفصائلها المسلحة.”

“تفاؤل بالعودة”

ويقدر عدد النازحين من عفرين بـ300 ألف شخص، بحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين، 100 ألف منهم فضلوا البقاء في مخيمات وبلدات بريف حلب الشمالي على أمل العودة إلى منطقتهم.

وتتهم منظمات حقوقية كردية وسورية تركيا والفصائل الموالية لها الموالون لها بمحاولة “تغيير وجه منطقة عفرين ديمغرافياً، وتغيير مظهر الساحات العامة والمعالم الأثرية.”

وقالت المنظمات في بيان صدر مؤخراً: “لم تبقَ موبقة ولا صنيفة من صنوف إجرام إلا ومارسوها.”

وقال منان جعفر، وهو محاضر في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة “روج آفا”، إنه “متفائل” كمعظم سكان منطقته بأنهم سيعودون يوماً إلى عفرين.

وقال أيضاً في مقابلة مع نورث برس: “بإمكاننا التأقلم مع بيئات جديدة أخرى، ولكن خلقنا في عفرين وكنا شاهدين على الكثير من القصص والأحداث والمجريات ولا يمكن أن نعايشها في مكانٍ آخر.”

وأضاف: “معاناة الهجرة وخيمة جداً يشعر بها كل إنسان مرتبط بأرضه، حتى في حالتنا النفسية نحتاج إلى بيئتنا الخضراء والهواء العليل والأشجار والمياه.”

“كنا بخير”

ويسرد “جعفر” حادثة عودة مهجّرٌ مسن من عفرين قبل فترة، إذ دفع لمسلحي فصائل المعارضة المسلحة مبالغ مالية طائلة مقابل أن يسمحوا له بوداع أيامه الأخيرة في عفرين.

“عندما سألوه لماذا تريد الدخول إلى عفرين، أجابهم بأنه حان موعد الوداع، وهو يفضل أن يتم ذلك على تراب عفرين بجانب شجرة زيتون.”

ويؤمن “جعفر” كغيره من المهجرين أنه “ما لم يعد أهلنا إلى ديارهم سوف تتحول عفرين التي كانت فردوساً إلى صحراء لأن الفصائل تستمر مثل الجراد في قطع الأشجار.”

وتقول منظمات حقوقية إنه تم قطع وإتلاف وحرق أكثر من 18 مليون شجرة منذ سيطرة تركيا وفصائل سورية موالية لها على المنطقة.

ويعاني النازحون في مختلف مدن وبلدات شمالي سوريا وشرقيها مشكلات حياتية عديدة وسط أزمات خلفتها الحرب في تلك المناطق.

وقالت نسرين سيدو (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة من عفرين تقيم في قامشلي: “لا نعلم متى ستنتهي مأساتنا هذه. من الصعب العيش بعيداً عن ديارنا؟”

وأضافت: “كان لدينا قطعة أرض وأشجار زيتون نكسب قوتنا منها، كنا بألف خير ولكن تعرضنا للكثير من المتاعب بسبب النزوح.”

إعداد: هوكر العبدو- تحرير: حكيم أحمد