الخروج مساء.. عادة دمشقيين في ظل أزمات المواصلات وانقطاع الكهرباء

دمشق – نورث برس

يلجأ سكان في العاصمة دمشق إلى التسوق مساءً، هرباً من الازدحام وقلة وسائل النقل العامة، بينما يخرج آخرون هرباً من عتمة المنازل بسبب الانقطاع  المتكرر أو المتواصل للتيار الكهربائي.

ويبدو الخروج مساءً عادة يومية غريبة، خاصة في الشتاء ومع مخاطر جائحة كورونا في العالم أجمع، لكنها باتت مألوفة بالنسبة للدمشقيين الذين خبروا أسبابها.

“الفترة الأنسب”

ويفضل عمر المزاوي (48 عاماً)، وهو اسم مستعار لأربعيني يقيم في منطقة مزة-جبل بدمشق، الفترة المسائية للتوجه إلى سوق الشيخ سعد القريب من منطقة سكنه لشراء حاجيات المنزل الأساسية من المواد الغذائية والأساسية.

وقال لنورث برس إن الفترة المسائية هي “الأنسب” له، إذ تتوفر وسائل النقل ويخف الازدحام بعد انتهاء دوام الموظفين والعمال ودوام الطلاب.

وأضاف: “في النهار نضطر أحياناً لقضاء وقت طويل بانتظار السرافيس للذهاب إلى مكان يمكن الوصول إليه خلال نصف ساعة من المشي، لكن يختلف الوضع مساء عندما يخف الازدحام.”

وتشهد العاصمة السورية ازدحامات خانقة تبلغ ذروتها في الفترة ما بين الظهر والعصر، لقلة وسائل النقل العامة (السرافيس) بسبب نقص الوقود وعمل الكثير منها لصالح المدارس الخاصة ونقل الموظفين .

وتتهم سهى دردر (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لسيدة من سكان حي ركن الدين، أصحاب السرافيس “بالجشع” بسبب تعاقدهم لصالح موظفين ومدارس، “تاركين الناس تحت وطأة البرد والمطر في المواقف بانتظار وسيلة تقلهم.”

وقالت لنورث برس:” أخرج أنا وابنتي مساء للتسوق ونشتري كل احتياجات المنزل لليوم التالي، فالخروج في النهار أشبه بجحيم في ظل التجمعات الضخمة أمام المواقف العامة بانتظار وسائل النقل الداخلي”.

أسعار أنسب

وكانت وزارة النفط قد خفضت مؤخراً مخصصات المحافظات من الوقود بنسبة 17% لمادة البنزين و24% بالنسبة لمادة المازوت، ما تسبب بتوقف كثير من سيارات النقل الداخلي عن العمل.

ويقول سكان إنهم يرون في المساء انخفاضاً طفيفاً على أسعار مواد غذائية قابلة للتلف إن لم يتمكن الباعة من تصريفها، وإنهم يحصلون بذلك على ضبط أسعار عجزت عنه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

واعتبر عصام ورد (43 عاماً)، وهو اسم مستعار لرب عائلة من سكان الحريقة بدمشق القديمة، أن التسوق المسائي له مزايا عدة أبرزها أن أسعار المواد تكون أرخص من النهار.

وقال لنورث برس:” هناك فارق كبير بين الصباح والمساء خاصة في أسعار المواد الغذائية، وذلك أن البائع في المساء يريد أن ينتهي من البضاعة ليعود إلى المنزل، فيضطر للبيع بأسعار مشجعة على عكس الصباح حيث يتمسك بالسعر الذي يراه هو مناسباً.”

واستشهد “ورد” بأسعار بعض المواد كاللحوم الحمراء مثلاً، “إذ لا يقل ثمن الكيلوغرام منها في النهار عن 20 ألف ليرة سورية في سوق باب سريجة، لكن في المساء يمكنك شراؤه بـ 17 أو 18 ألفاً، وينطبق هذا الأمر على الخضار وباقي المواد الغذائية.”

هرب من العتمة

وشهدت دمشق، خلال الأيام الفائتة، في ساعات تقنين الكهرباء، إذ اقتصرت التغذية على ساعتي وصل مقابل خمس ساعات قطع، الأمر الذي يدفع كثيرين للخروج مساءً بدل البقاء في عتمة المنزل .

و تشهد مقاهي المدينة اكتظاظاً كبيراً في الفترة المسائية وحتى الثانية بعد منتصف الليل، حيث يقضي روادها أوقاتهم بعيداً عن أجواء العتمة والظلام المنزلي.

واختارت ياسمين العائدي (23 عاماً)، وهو اسم مستعار لشابة من سكان حي باب مصلى بدمشق، التقاء أصدقائها كل مساء والتجول في شوارع باب توما أو ارتياد أحد المقاهي فيها، “هرباً من انقطاع الكهرباء ونقص وقود التدفئة.”

ورغم الأجواء الباردة في الخارج، ترى “العائدي” أن التجول والمشي” يغني عن المدفأة قليلاً ويبقى أفضل من البقاء في المنزل والالتفاف بالبطانية.”

تقول لنورث برس:” نخرج هرباً من البرد وقطع الكهرباء ونقص المازوت.”

إعداد: وحيد العطار – تحرير: حكيم أحمد