جمود في الحركة الاقتصادية ومخاوف من العودة إلى بلدة أبو راسين بسبب القصف التركي

أبو راسين – نورث برس

تشهد بلدة أبو راسين، 75 كم شمال مدينة حسكة شمال شرق سوريا، تراجعاً في حركة البيع والشراء، بسبب نزوح غالبية سكانها ومخاوفهم من العودة إليها بسبب عمليات القصف المتكررة من قبل القوات التركية وفصائل مسلحة موالية لها.

وتسبب الاستهداف المتكرر لتركيا والفصائل المسلحة الموالية لها، التي وصلت إلى مشارف بلدة أبو راسين أواخر العام 2019 بعد شن هجمات على مدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، بهجرة أكثر من 60 بالمئة من سكان البلدة وريفها باتجاه مدينتي قامشلي وحسكة.

وتقع بلدة أبو راسين بمحاذاة الحدود التركية ويحرسها داخلياً قوى الأمن الداخلي (الآسايش) بينما تنتشر على طول خطوط التماس قوات حرس الحدود السورية بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية وبرعاية روسية.

وسيطرت تركيا أثناء عمليتها العسكرية ضد منطقتي سري كانيه وتل أبيض في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019 على 25  قرية تابعة لبلدة أبو راسين، حيث وقعت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية تحت سيطرة الفصائل المسلحة، إضافة إلى أن أراضي وقعت على خط التماس.

متاجر مغلقة

وعلى رصيف الطريق العام ضمن سوق بلدة أبو راسين، ينظر علي درويش (37 عاماً) لشوارع البلدة شبه الفارغة ومحالها التي تراجعت حركة البيع فيها.

وقال “درويش”، الذي يمتلك محلاً لبيع الخضار والفاكهة في البلدة، إن “حركة البيع والشراء ضعيفة جداً بسبب قلة عدد السكان.”

وأضاف أن “الأوضاع مستتبة منذ أيام، لكن عندما يكون هناك قصف، تخلو الشوارع من المارة نهائياً وتغلق المحلات.”

وعلى غرار بلدتي تل تمر وعين عيسى الواقعتين على خطوط التماس مع الفصائل الموالية لتركيا، تتعرض بلدة أبو راسين وقرى تابعة لها  لهجمات متكررة من قبل الجيش التركي ومسلحين موالين لها.

وفي الخامس من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، شهدت قرى تابعة للبلدة قصفاً مكثفاً من قبل القوات التركية والفصائل وسط إطلاق قنابل ضوئية وتحليق طائرات تركية المسيرة، ما تسبب بحالة من الذعر للعائلات التي ما زالت تسكن البلدة.

ويقول سكان إن المدرعات الروسية تمر بين الحين والآخر عبر البلدة باتجاه خطوط التماس، إلا أنها لا تمنع تركيا من القصف.

أراض بلا زراعة

ويتخوف مزارعون في بلدة أبو راسين من استثمار أراضيهم الزراعية خوفاً من التعرض لإطلاق نار من قبل المسلحين الموالين لتركيا الذين تبعد نقاط لهم كيلومتراً واحداً عن البلدة.

وضمن أحد الأحياء الغربية في البلدة، يجلس نورالدين المحيميد (47 عاماً)، في محله للألمنيوم مفضلاً البقاء رغم نزوح أغلب جيرانه.

يقول إنه لا يملك مسكناً آخر يلجأ إليه ولا يمكنه  تحمل إيجار منزل في مناطق أخرى،” وعلى الرغم من أن حركة العمل ضعيفة لكنني أفضل البقاء في منزلي ومع أسرتي.”

وأضاف: “الأوضاع الأمنية ليست جيدة، كما أن أغلب معيشتنا على الزراعة لكن الخوف من الاستهداف يمنعنا من ذلك.”

ويتأسف “المحيميد” لما آلت إليه الأوضاع في البلدة، معبراً عن اشتياقه لجيرانه الذين لم يتبقَّ إلا قليلون منهم.

“يوم واحد يمر وكأنه ألف سنة بالنسبة لي، فقبل الهجمات التركية كانت الحياة جميلة هنا، حركة العمل كانت كثيفة لكن الأوضاع اختلفت كثيراً فالشوارع باتت شبه فارغة.”

وتشير أسهم لافتة على الطريق الرئيس داخل البلدة إلى ثلاث قرى تقع في جهتها الغربية مكتوبة باللغتين الكردية والعربية وهي باب الخير وداوودية ومضبعة، إلا أن السكان لم يعد بمقدورهم الذهاب إليهم منذ خضوعها لسيطرة تركيا.

وقال محمد عثمان (30 عاماً)، وهو نازح من قرية أم عشبة الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة بريف البلدة، إن عائلته تشتت مع قدوم الجيش التركي للمنطقة.

وأضاف: “تهجرنا من منازلنا بسبب الاحتلال التركي، كنا نعيش حياة هانئة لكن عائلتنا متشتتة الآن.”

ويسكن قسم من عائلة “عثمان” في القرى الأشورية بريف تل تمر، بينما هو يسكن في بلدة أو راسين وشقيقه في مخيم واشوكاني للنازحين بالقرب من مدينة حسكة.

وذكر النازح أن مسلحي الفصائل المسلحة الموالية لتركيا أحرقوا منزله بعد سيطرتهم على قريته بحجة تعامله مع الإدارة الذاتية.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: سوزدار  محمد