الروائية والكاتبة حسيبة عبد الرحمن تتحدث عن روايات ألفتها لتجربتها في الاعتقال السياسي

قامشلي – نورث برس

كتبت الروائية والكاتبة والسياسية حسيبة عبد الرحمن، عن تجربة الاعتقال السياسي في سجن دوما، رواية ومجموعة قصصية، وكتبت عن المجتمع المدني السوري، إضافة لرواية “تجليات جدي الشيخ المهاجر.”

وقالت الروائية، في حوار مع نورث برس، أمس الأحد، إن روايتها “جدي الشيخ المهاجر”، هي إعادة بث الروح في الموروث الشعبي، وتحميله للشيخ في تقمصاته وتجلياته، وحركته الاجتماعية.

وحسيبة عبد الرحمن روائية وكاتب وسياسية، أمضت في سجون الحكومة السورية أكثر من تسع سنوات بشكل متقطع، كانت مدة أطولها أربعة أعوام.

“بث الروح”

وحول أهمية توظيف الأسطورة والخوارق في روايتها “تجليات جدي الشيخ المهاجر”، قالت: شخصية الشيخ هي إعادة بث الروح في الموروث الشعبي، وتحميله للشيخ في تقمصاته وتجلياته.

وأشارت إلى حركته الاجتماعية ضمن مجتمع مغلق معزول فقير وجاهل وخاضع لاضطهاد العثمانيين، يعيش على ما تتيح له الطبيعة، وفي ظرف وشرط كهذا يغرق المجتمع بالأساطير والخوارق، كي يحتمل شظف العيش ومرارة الواقع.”

وقالت “عبد الرحمن”: نبشت ذاكراتي، وما علق بها من خوارق لرجال دين، وأعدت صياغتها لألقي الضوء على الانعزال والفقر، وما ينسج حوله من خوف ورعب من المجهول أو الموت المحمول من الهواء القادم نحو تلك التجمعات.

وبهذا المضمون “تدمغ تلك المجموعات البشرية بطابع خاص من القلق والانغلاق والتقوقع على الذات كلما أحسوا بأي شيء يهددهم، قد يفسر ذلك بأحد جوانبه وزواياه بعض ترددات ما حصل، ويحصل في سوريا”، بحسب الروائية.

“الخير والشر”

وحول الصراع بين الخير والشر المطلق في الرواية والذي يتجسد في الإقطاعي والعسكري “العثماني”،  قالت: تبلور الصراع بين الخير والشر بكافة الحقول، خاضع لمنظور الكاتب ورؤيته وموقفه لماهية الصراع الاجتماعي والسياسي والشخصي، ومن أي زاوية يتناول الصراع، هل هو أفقي؟ عامودي؟ أم الاثنان معاً.

وأما بشأن كيفية نقل صورة أو شكل الصراع، فهناك أساليب وأشكال متعددة منها من ينقل الصراع على شكل صورة  فوتوغرافية، وهناك من يدخل الخيال والموروث الاجتماعي والديني والإنساني، بحسب “عبد الرحمن”.

وأضافت: “هناك آخرون يستخدمون الرموز خصوصاً من يخضعون لشرط القمع السياسي أو الإيديولوجي الفكري أو الديني، بهدف تمرير رسالة أو رؤية، أو موقف دون التعرض للكتّاب أو المساس بعملهم الأدبي.”

وأشارت إلى أن الكاتب “حر بالأسلوب الذي يختاره المهم الحفاظ على المتعة والإفادة، حتى وإن كانت المتعة قاهرة أو ظالمة، وتحمل في طياتها مرارة العلقم.”

“سقط سهواً”

وعن قصة “سقط سهواً” والتي حملت في بعض ملامحها مواجهة الديكتاتورية في السجن،  قالت: بشكل عام يواجه المثقف أو الكاتب القمع أو الديكتاتورية بأكثر من حقل منها “الحقل السياسي بتعرية النظام القائم على كل المستويات، وكشف ممارساته القذرة من خلال حزب أو تجمع أو بشكل فردي.”

وفي حال كان المثقف روائياً أو قاصاً فإنه يختار شخصياته المضَطهدة والمضطِهدة  ويكسوها ثوب إدانته للقمع، بشكل مباشر أو عبر رموز إنسانية واجتماعية تشير إلى الأذى والتدمير الذي ألحق بالمجتمع من خلالها، رموز تجسد تداعيات القمع، بحسب الروائية.

والحب في أعمال الروائية والكاتبة لا يسير بخط أفقي أحادي يكتب له النهايات السعيدة، فالحياة تفرض إيقاعها في نهايات غير تقليدية، بعيدة عن المثالية.

وقالت: الحب في رواياتي وقصصي متكسر ومنكسر انكسار الواقع وجبروته، “من أين تأتي النهايات السعيدة إذا كانت أحلامنا تتحطم بقوة جرف صخري أسطوري؟ حتى إذا انتهت القصة نهاية سعيدة  فهي مؤقتة وآنية، سيقضم الواقع ومشاكله جمالها.”

وأضافت: “هذا لا يعني أن نتوقف عن الحب وسيره فهو سكر وعسل أيامنا القاحلة والماء المتسرب في صحراء ورمال أعمارنا.”

وتحمل قصة “رسائل الغرباء” روح الذاتية لأي سجين، ففي المعتقل تغيب صورة الحبيب ولا يبقى إلا طيفه الذي تناجيه وتستحضره لتجمل أيامك ولو خداعاً، بحسب الكاتبة.

وقالت: كنت أنوي أن أكتب رواية كاملة عبر الرسائل بين رجل وامرأة ومن خلالها أفتح سجن الرجال والنساء معاً، ولكني تقاعست عن ذلك. لأن العودة إلى زمن السجن وهلامية زمنه مرهق جداً.”

“أدب السجون”

وحول تصنيف رواية “الشرنقة” ضمن أدب السجون، وكتابة الكثير عن ظاهرة تصنيف ذلك الأدب، قالت الكاتبة والسياسية: “أدب السجون تسمية دقيقة وتصنيف في مكانه، ليس لدي أي اعتراض على التسمية.”

وقالت أيضاً: “عندما تكون في معمعة العمل السياسي ومعركتك مع النظام وهذا يعني أن تركيزك وجهدك وفكرك منصب في مواجهة النظام السياسي.”

وأضافت: “عند ذلك لا تدير ظهرك لما يسقط من جيوبك وجيوب من حولك من ثغرات، وتتناسى الأخطاء والسلبيات، وعندما تدخل السجن تصبح معركتك مع يومياتك وتفاصيل حياتك من طعام، شراب ملبس زيارات.”

وأشارت إلى أنه عند ذلك “تعود لفطرتك الأولى وهنا تتضح الفروق بين النظري والعملي من خلال الممارسات اليومية، وتدخل في صراع مع من حولك من سجان وسجينة ومع ذاتك.”

ومشكلة رواية “الشرنقة” لم تجمّل واقع السجن ولا واقع السجينات بمن فيهم الكاتبة. وأصحاب التجربة  يعتبرون أن الرواية عليها أن تتحدث عن الجانب المضيء في التجربة وبالدرجة الأولى النضال، لا أن تتعرض لحياة السجناء الداخلية، والتفاصيل اليومية للصراع بينهم.

وأشارت إلى أن النقاد تناسوا “أننا كنا في زمن وواقع عجّ بالهزائم والانكسارات، سواء هزيمة الاتحاد السوفيتي، أو هزيمة المنطقة في حرب الخليج الثانية.”

وأضافت: لا أدري من أين يأتي التوهج النضالي والمشاريع الكفاحية الصاعدة، ونحن في حالة انحدار وتمزق كشف عن نفسه بعد خروجنا من المعتقل.

ويقدم كتاب “غزو المصطلحات” للكاتبة “عبد الرحمن”، نقداً قاسياً للمجتمع المدني السوري، وتعتبر الروائية من نشطاء حقوق الإنسان في سوريا مطلع الألفية الثانية.

“ممول خارجي”

وتقول إن “موقفي من الكتاب، لا يشمل المجتمع المدني ككل، وإنما  جزء منه، وأعني الجزء الممول خارجياً والخاضع لأجنداته، والذي أريد منه الحلول محل الأحزاب السياسية الإيديولوجية من أجل العماء الفكري والإيديولوجي.”

وتهدف من خلال ذلك، تسهيل تمرير السياسات الاستعمارية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وضرب الأحزاب المقاومة للكولونيالية وغيرها.

وحول تقييمها للعملية السياسية في سوريا وهيئة التفاوض، إضافة لمشاركة المعارضة والمجتمع المدني في العملية، ترى السياسية أن هيئة التفاوض هيئة مفروضة من فوق، لم يُسأل ويستشار الشعب السوري “عن ممثليه”.

وتضيف: “إن دولاً خارجية قامت بتسمية أعضاء هيئة التفاوض السورية.” وتساءلت، هل هؤلاء يمثلون مصالح بلدهم أو مصالح الدول التي سمتهم؟.”

وأشارت إلى أن هذه التسمية، “تتناقض جذرياً مع فكرة الديمقراطية التي يتشدقون بها، عدا عن أنها وصفة سياسية في الوقت الضائع.”

إعداد: بسام سفر ـ تحرير: معاذ الحمد