حوادث قتل وفراغات إدارية في المجالس تفاقم مخاوف لاجئين بمخيم الهول

حسكة – نورث برس

يسود قلق بين النازحين السوريين واللاجئين العراقيين في مخيم الهول، شرق حسكة، شمال شرقي سوريا، بعد سلسلة أحداث دموية شهدها المخيم مع حلول العام الجديد، بينما يتسبب الفراغ في مجالس محلية بعراقيل أمام الجهود الإغاثية والإنسانية.

وسجل مخيم الهول خلال الأسبوع الأول من العام الجديد، اثنتي عشرة حادثة قتل شملت نازحين سوريين ولاجئين عراقيين في أكبر حصيلة يشهدها المخيم، لتتبعها حوادث أخرى لاحقاً.

ويوم أمس، قال مصدر أمني من المخيم، لنورث برس، إنهم عثروا على جثة لاجئ عراقي في العقد الرابع من العمر، ولم يتمكنوا من معرفة الجناة.

وتبلغ عدد العائلات في مخيم الهول حالياً، 6.155 عائلة سورية بمجموع 22.231 شخصاً، و 8.284عائلة عراقية بمجموع 30.706 شخصاً، بحسب شيخموس أحمد، رئيس مكتب شؤون اللاجئين والنازحين والمنكوبين في الإدارة الذاتية.

فيما تبلغ عدد عائلات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من الأجانب 2.625 عائلة بمجموع 8.965 شخصاً.

رعب يسود

ويتخوف النازحون في المخيم من التحدث لأي وسيلة إعلامية خوفاً من تعرضهم للقتل ومن أن يكونوا الهدف القادم لخلايا تنظيم الدولة في حال تنديدهم بما يجري في المخيم.

وفي شارع فرعي بعيداً عن التجمعات وبالقرب من مكتب المجلس العراقي الذي أوصد أبوابه بعد مقتل رئيسه في تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، وافق أحد اللاجئين العراقيين من منطقة بعاج، التحدث بشرط عدم نشر اسمه.

وقال إن الوضع داخل المخيم حالياً “مستتب قليلاً مقارنة مع الأيام الماضية التي شهدت حالات قتل.”

وأضاف اللاجئ العراقي: “قبل أيام لم نكن نستطيع الخروج من الخيمة، بسبب حالات القتل المتتالية، فالهول بالفعل أخطر مخيم في العالم.”

وخلال الأسبوع الماضي، قتل مجهولون  بأدوات حادة اثنين من أبناء خال اللاجئ العراقي (شاب وفتاة)، رغم أنه نفى أن يكون لأولاد خاله صلة مع أي جهة كانت.

وفي الثامن من الشهر الجاري، قُتل رئيس المجلس السوري، حمد صالح حديد (أبو أحمد الشمري)، وأصيب اثنان من أولاده بطلق ناري أطلقه مجهولون عليهم أثناء خروجهم من مسجد في المخيم.

وقتل عنصر من قوات الأمن الداخلي (الأسايش) وأصيب آخر، في اليوم ذاته بعد مداهمة قوى الأمن للقسم الثالث، من المخيم بحثاً عن قاتلي رئيس المجلس السوري.

ويتكون مخيم الهول من تسعة أقسام، ثمانية منها للاجئين ونازحين عراقيين وسوريين، وآخر خاص بعائلات عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وقال مصدر من قوى الأمن الداخلي (الآسايش) في المخيم، لنورث برس، إن الشخص الذي قام بتفجير نفسه بعد قتله لعضو في الأمن الداخلي، “لم يتم التعرف عليه بعد، رغم محاولات الوصول إلى هويته.”

وأشار المصدر إلى أن قواتهم ألقت القبض على مجموعة من المشتبه بهم، “وهم رهن التحقيق حالياً.”

وحول كيفية دخول الاسلحة إلى المخيم، ذكر المصدر الأمني، أن التحقيقات جارية لكن دون التوصل إلى نتيجة ملموسة حتى الآن.

وذكرت همرين الحسن، وهي إدارية في المخيم، في وقت سابق لنورث برس، أن إطلاق النار والاستعانة بكاتم الصوت واستخدام أدوات حادة للقتل “هي أكثر الأساليب استعمالاً.”

ولم تخفي “الحسن” مخاوفها من تفاقم الوضع “الدموي” في ظل صمت بقية قاطني المخيم على الجُناة.

وعقب هذه الأحداث، شددت الأسايش من إجراءتها الأمنية على جميع عمليات الخروج والدخول للمخيم، من خلال عمليات تفتيش دقيقة طالت حتى محركات المركبات.

مطالبات بالعودة

وبالقرب من النقطة الطبية للهلال الأحمر الكردي، لاجئتان عراقيتان منقبتان، رفضتا الكشف عن هويتهما واكتفتا بذكر أنهما تتحدران من محافظة صلاح الدين العراقية، أرادتا الحديث لخطاب حكومة بلادهم لإعادتهم إلى ديارهم.

وتقول السيدتان، اللتان تعيشان في القطاع الأول للمخيم منذ خمسة أعوام: “الحكومة العراقية تتجاهلنا ولا تطالب بإعادتنا، طال بافتتاح رحلات جديدة، لكن لا أحد يصغي لنا.”

وأشارت إحداهما إلى ما يجري داخل المخيم: “نعيش بخوف ورعب والحياة صعبة وأهم شيء نريده الأمم المتحدة تطالعنا من هنا.”

وأضافت: “القتل موجود ولم يتوقف نهائياً، ولا نعرف ما مصيرنا، لم نعد نقدر الخروج من داخل خيمنا بسبب المخاوف، فماذا تنتظر حكومتنا؟”

ويلقي مسؤولون في الإدارة الذاتية ومجلس اللاجئين العراقيين في مخيم الهول، اللوم على الحكومة العراقية التي ماطلت فيما يخص ملف عودة اللاجئين إلى ديارهم.

فراغ إداري

ومع اغتيال رؤساء المجلسين السوري والعراقي بالتزامن مع سلسلة الجرائم التي ارتكبت، لم يجرؤ أحد من قاطني المخيم على ملء الفراغ الإداري في المجالس خوفاً من القتل.

وزاد الفراغ من أعباء إدارة المخيم وأبطأ عمل المنظمات والجمعيات الإغاثية والإنسانية في تقديم المساعدات.

وتم تحويل أغلب الملفات الورقية إلى ديوان إدارة المخيم، في ظل زيادة الشكاوي لتراجع تقديم المساعدات لقاطني المخيم.

وقال جابر مصطفى، وهو إداري في مكتب العلاقات بمخيم الهول، لنورث برس، إن “الجرائم الأخيرة التي ارتكبت أحدثت بطئاً وقلقاً للعاملين وأثرت سلباً على سير العمل.”

وأشار إلى أن المجالس والكومينات كان لها دور كبير “نظراً لأنهم كانوا يعملون على الأرض من خلال التواصل المباشر مع النازحين، لمساعدة المنظمات في عمليات التوزيع والمشاريع والتوعية والأعمال الروتينية.”

وأضاف: “ندرس حالياً وضع خطة بديلة لملء الفراغ الإداري الحاصل، نظراً للصعوبات الكبيرة التي نواجهها.”

إعداد: دلسوز يوسف / جيندار عبدالقادر- تحرير: سوزدار محمد