مصدر لـ”نورث برس”: روسيا لن تُخرج إيران من سوريا خشيةً على “إنجازاتها”

رام الله ـ NPA
لم تأتِ القناة الإسرائيلية الثالثة عشرة بجديد عندما ذكرت أن إسرائيل وأمريكيا لا تطالبان بسحب القوات الإيرانية من سوريا فحسب، بل لجم النشاط الإيراني في لبنان والعراق أيضا وذلك في إطار أية تسوية مستقبلية لإنهاء الحرب في سوريا.
فقد أكد مصدر مطلع وقريب من السياسة الروسية لـ"نورث برس" أن إسرائيل والولايات المتحدة دائماً ما تكرر هذه المطالبات سراً وعلانية وتضعها على جدول أعمالها حتى خلال اللقاء الأمني الثلاثي الذي عقد في القدس الشهر الماضي.
ماذا بعد المطالبة؟
يوضح المصدر المقيم في رام الله طبيعة الموقف الروسي بشأن هذه المطالبات، إذ يقول: "إن مصلحة موسكو بالموضوع هي أنها تستعملها كورقة قوة في المفاوضات مع تل أبيب وواشنطن". ويعتبر المصدر أن هذه نظرة واقعية، لِما لروسيا من مصالح في الشرق الأوسط وما لها من قدرة على استعمال كل الأوراق لمصلحتها دون الرضوخ للمطالب الأمريكية والروسية، حسب قوله.
والواقع، أن روسيا تأمل، في الحصول على دعم الولايات المتحدة، وبالتالي دعم إسرائيل، باستقرار حكومة بشار الأسد، وبدء العمل على جمع الأموال لإعادة إعمار سوريا مستقبلًا.
ويعتبر المصدر المقرب من روسيا أن الأخيرة حققت برفقة إيران معادلة جديدة في الشرق الأوسط، بالرغم من إقراره أنه ووفق هذه المعادلة قد استفاد الدب الروسي أكثر مما استفادت طهران، بسبب ما قال هذا المصدر "إنه أمر منطقي لما لروسيا من قدرات وإمكانات وعلاقات مع كل الدول حتى المتخاصمة فيما بينها".
ولهذا، تحاول روسيا أن تكون "وسيطاً ناجحاً" بين كل الأطراف خاصة في إطار ما أسماه هذا المصدر بالصراع الثلاثي ( تركيا، إيران، إسرائيل)، على حكم منطقة الشرق الأوسط.
ومعنى هذا، أن استراتيجية روسيا تكمن في التعامل مع مخاوف هذه الأطراف مجتمعة، وتقضي بتكريس نفسها كدولة تمتلك أوراق قوة قائمة على علاقاتها الجيدة مع أنقرة وطهران وتل ابيب.
ويذكر المصدر أنه وفق هذه القاعدة، فإن روسيا لن تتخلّ عن أي من أوراق القوة هذه، سواء إيران أو إسرائيل أو تركيا، نتيجة ضغط أو طلب من طرف ثالث؛ لأن هذا يعني إضعاف موقف ومكانة موسكو بالشرق الأوسط.
ويقصد المصدر بذلك أن "روسيا لن تخرج إيران من سوريا على الأقل في هذه المرحلة مهما كانت التباينات والخلافات بينهما"؛ خوفاً على مصلحة موسكو وما وصفها بـ"إنجازاتها" التي حققتها بالمنطقة.
آثار اللقاء الثلاثي
يقول المصدر أن النتيجة كانت مختلفة وبعيدة عن المطالبة الأمريكية-الإسرائيلية بشأن إيران؛ إذ تم ضمان التنسيق العسكري بين الجيوش الثلاثة، بما يحول دون الاصطدام فيما بينها بالأجواء والأرض السورية عموماً وخاصة في شمال شرق هذا البلد.
كما وتم الحصول على تعهد من إسرائيل بألا تغير الأخيرة المعادلة في سوريا عبر دعم أي جهة معارِضة، وأن تلتزم بعدم قلب المعادلة هناك.
وفي المقابل، تلتزم روسيا بإبعاد القوات الإيرانية عن حدود الدولة العبرية، ويبين هذا المصدر لـ"نورث برس" في هذا السياق أن تل أبيب كانت تطالب بإبعاد تلك القوات عن حدودها لمسافة /70/ كيلومتر، فكانت روسيا أكثر كرماً معها حيث أبعدت القوات الإيرانية لمسافة /100/ كيلو متر عن الحدود. مع التعهد الروسي أيضاً بالحيلولة دون أي نشاط إيراني يضر بإسرائيل.
الحكومة السورية أثبتت قدرتها بمساعدة روسيا، فلم يعد بقدرة إسرائيل والولايات المتحدة المقايضة ببقاء الحكومة أم لا. ليست ورقة للضغط مسألة بقاء الأسد.
وترى إسرائيل أن الموقف الروسي بشأن التواجد الإيراني في سوريا يشوبه تضارب أو لعب بالمصطلحات حينما تتم اللقاءات بين الطرفين في كل مرة.
وكان مستشارا الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات والأمريكي جون بولتون، قد أبلغا نظيرهما الروسي نيكولاي باتروشيف، خلال اللقاء الأمني الثلاثي في القدس الشهر الماضي- بحسب القناة العبرية الثالثة عشرة- أن أي اتفاق بشأن مستقبل سوريا يجب أن يتضمن أيضا "تفكيك مصانع الصواريخ الدقيقة التي تطورها إيران لحزب الله في لبنان ووقف إمداد طهران الميليشيات الموالية لها في العراق بصواريخ بعيدة المدى قد تطال إسرائيل".
ونوهت القناة الإسرائيلية إلى أن بن شبات وبولتون أوضحا أنه في حال بادرت روسيا إلى سحب القوات الإيرانية من سوريا كمرحلة أولى فإن الولايات المتحدة وإسرائيل ستعملان على تثبيت حكم الرئيس بشار الأسد.
ووفق ما نقلت القناة الإسرائيلية عن مصدر في البيت الأبيض، فإن الولايات المتحدة أوضحت لروسيا أنه سيتعين عليها أن تتخذ الخطوة الأولى لإخراج الإيرانيين من سوريا بداية بإزالة جميع الأسلحة الثقيلة التي يمتلكها الإيرانيون في سوريا، مثل الصواريخ طويلة المدى، وعندها فقط ستقدم لهم الولايات المتحدة المقابل الذي يريدونه، بدعم من إسرائيل، في إشارة إلى تثبيت حكومة الأسد في سوريا.
غير أن المصدر سالف الذكر الذي تحدث لـ"نورث برس"، قال إن روسيا لا تعتبر أن بقاء وثتبيت حكم بشار الأسد خاضع للمقايضة الأمريكية الإسرائيلية؛ لأنه يعتقد أن الأسد قد ثبت حكمه وحقق ما اسماها "الانتصارات" الكفيلة بذلك بمساعدة روسيا.وفي المقابل، شددت تل أبيب خلال المحادثات مع الروس على أن خروج إيران من سوريا لن يحل شيئًا إذا كانت المشكلة الإيرانية قد انتقلت ببساطة إلى لبنان أو العراق، وفق الزعم الإسرائيلي.
ويبدو أن روسيا الآن تتخذ نهجاً- يبدو متناقضاً لوهلة- فيما يخص تواجد إيران في سوريا، ويقضي بلجم نفوذها وتأثيرها على الحكومة السورية والمفاصل المهمة في سوريا، دونما إخراجها من هذا البلد؛ فالوجود الإيراني تريده روسيا على الأقل في هذه المرحلة حفظاً لمصالحها.