من مآسي الحرب بحلب.. خسارة أقرباء بسبب الاصطفاف السياسي أو العسكري

حلب – نورث برس

يقول سكان في حلب، شمالي سوريا، إن من أسوأ ما حدث لهم خلال عقد من الحرب في سوريا هو خسارة أقارب وأفراد من عائلاتهم بسبب خلاف سياسي أو اصطفاف عسكري.

ولم تقتصر آثار الحرب في سوريا على الضحايا القتلى والجرحى والنازحين، ولا على دمار البنى التحتية وغيرها من الخسائر المادية في الممتلكات العامة والخاصة، بل إنها فككت نسيج عائلات كانت تنعم بترابطها سابقاً.

طلاق أزواج

وقالت ناديا التقي (40 عاماً)، وهي امرأة مطلقة في بلدة نبل بريف حلب الشمالي، إن زوجها طلقها بسبب اختلافهما المذهبي، وذلك عقب انضمامه لفصيل مسلح في بلدة أعزاز القريبة.

وأضافت أن زواجها في العام 2006 كان مبنياً على التفاهم، إذ لم يقف الاختلاف المذهبي عائقاً أمامه، لكن المشكلة بدأت مع انضمام زوجها السابق لفصيل “لواء عاصفة الشمال.”

وطالب رؤساء الزوج إياه بتطليق زوجته، رغم أن لهما أربعة أطفال، وتسليمها لهم بتهمة “العمالة للنظام وإيران”، بحسب ما ترويه “التقي”.

تقول المرأة إن الاتهامات التي وصلتها بداية على لسان زوجها تسببت لها بقلق كبير، فطلبت من زوجها أن يسمح لها بمغادرة أعزاز مع أبنائها، إلا أنها فوجئت برده أنه يخشى على أبنائه في نبل من “التشيّع”.

ودفعت عائلة “التقي” مبالغ مالية كبيرة لاستعادة ابنتهم المطلقة وعدم تسليمها لمسلحي المعارضة المتشددين، بحسب ما روته ناديا.

تقول المرأة إن أشد ما يؤلمها الآن بعد مرور أربعة أعوام على فراق أطفالها، هو أن والدهم لم يسمح لهم بأي اتصال معها، ولا حتى عبر الهاتف.

وخلال عقد من الحرب في سوريا، تسببت الأطراف المتصارعة بمزيد من مفاهيم التشدد فيما يخص الانتماءات المذهبية والطائفية في مجتمعات كان البعض يراها متسامحة ومسالمة سابقاً.

شراكات فُضت

ومنذ بداية الاحتجاجات في سوريا عام 2011، تراشق مؤيدو كل من الحكومة والمعارضة الاتهامات بالتخاذل والوقوف في صف الخصوم والأعداء.

وما بين موالٍ ومعارض ومحايد سلبي أو إيجابي وتوصيفات كثيرة غيرها، تسربت الخلافات إلى أحياء وعائلات ومجالات عمل مشتركة.

وقال مصطفى الحموي (55 عاماً)، وهو صاحب مكتب عقاري في حي سيف الدولة بحلب، إن شريكه في العمل فضّ الشراكة معه عقب سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على الأحياء الشرقية لمدينة حلب.

وأشار إلى أن شريكه، الذي تجمعهما صلة قرابة لجهة الأم، يتحدر من كفر نبل في إدلب.

واشتدت الخلافات بين الشريكين عندما اتهم شريكه بعض أهالي حلب “بالتقاعس عن نصرة الثورة”، وهو ما اعتبره “الحموي” انتقاصاً من شأن سكان مدينته.

ولم يلتقِ الشريكان القريبان حتى الآن، “فالأحداث فرقت عائلاتنا وتسببت في إنهاء شراكتنا.”

أشقاء افترقوا

 وانقطع التواصل بين طارق مروش (29 عاماً)، من سكان بلدة رتيان شمال حلب، وشقيقه وشقيقته منذ أن أصر على إكمال خدمته العسكرية في صفوف القوات الحكومية عام 2012.

وقال لنورث برس إن شقيقه الذي انضم للمعارضة المسلحة وشقيقته طالباه بالانشقاق وهدداه بالقطيعة لاحقاً، “ولم يمنعهما الانتماء الأسري من ذلك.”

وأضاف: “نشكل ثلاثتنا الأسرة، بعد وفاة والدي قبيل اندلاع الحرب ووفاة والدتي بداية التحاقي بالجيش.”

يقول “مروش” إنه لم يشأ الانشقاق حتى يتمكن من إنهاء الخدمة الإلزامية “دون مشكلات وعقبات.”

ويشير بحسرة إلى أن “هذه الحرب فرقتنا وجعلتنا أشبه بالأعداء، مرت تسعة أعوام على آخر مرة التقيتهما.”

إعداد: نجم الصالح – تحرير: حكيم أحمد