عدم التزام بشروط البناء في حسكة وتحذيرات من مشكلات مستقبلية مستعصية
حسكة – نورث برس
يقول سكان وموظفون في قطاع البلديات بمدينة حسكة، شمال شرقي سوريا، إن مخالفات وتجاوزات البناء منذ العام الماضي في الأحياء، وخاصة الشمالية منها، ستتسبب بمشكلات مستعصية في المستقبل.
وتشهد المدينة منذ أكثر من عام حركة عمرانية نشطة، ازدادت حدتها مع موجات النزوح من مناطق سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، فضلاً عن تواجد عشرات الآلاف من نازحي مناطق الرقة ودير الزور الذين وصلوا المدينة خلال فترات متفرقة من الحرب في سوريا.
“خمسة طوابق”
ويتساءل سكان في حي المفتي بالمدينة عن كيفية التعامل مع أبنية بخمسة طوابق تضم عشر شقق سكنية في مساحة لا تتعدى 300 متر مربع، وتطل على شوارع لا يتجاوز عرض بعضها أربعة أمتار.
فكيف سيكون وضع المياه والكهرباء والتهوية، وحتى من يرغب بإيقاف سيارته امام منزله، كيف سيتصرف؟
وقال أحد سكان حي المفتي، اشترط عدم نشر اسمه، إن “كل ما يجري الآن من مخالفات بناء وتجاوزات، يتم أمام أنظار مسؤولي البلدية وقطاع البناء في الإدارة الذاتية دون أن يحركوا ساكناً.”
وأضاف لنورث برس: “رغم أن ما يجري مخالف لقوانين الإدارة، لكن ليس هناك من يتحرك لإيقاف ما سيشكل كارثة في المستقبل.”
ويشتكي سكان في أحياء المدينة من صعوبة وصول المياه إلى خزانات المنازل الموضوعة أعلى الأبنية، كما أن أشعة الشمس لا تصل للمنازل الأرضية القريبة لأن أصحاب الأبنية المشيدة حديثاً لم يتركوا وجائب بحسب ما تنص عليه قوانين ورخص البناء.
وقال فرهاد إبراهيم (42 عاماً)، وهو من سكان حي الضاحية بمدينة حسكة، إن البلدية التابعة للحكومة السورية كانت تسمح سابقاً بتشييد ثلاثة طوابق وملحق فقط.
ورغم أن عقارات حي الضاحية هي قسائم بلدية ويفترض الالتزام بشروط البناء المعتمدة إلا أن الأبنية ارتفعت مؤخراً لخمسة طوابق وملحق.
ويعتقد “إبراهيم” أن على البلدية الاستماع لشكاوي السكان، “فسيكون هناك الكثير من الضرر في المستقبل لأصحاب هذه الشقق السكنية ولباقي سكان المنطقة.”
“اتساع وفوضى”
وحاولت نورث برس الحصول على رأي لمقاولي البناء في مدينة حسكة إلا أن عدداً منهم رفض الحديث عن آليات العمل ومدى التقيد بشروط الرخص الممنوحة لهم.
لكن المشاهد التي تم تصويرها، تظهر وجود مخالفات وتجاوزات حتى على الأرصفة، إلى جانب قيام بعض أصحاب الأبنية ببناء مساحة 100 بالمئة من الطابق الأول، واستكمال التشييد في الطوابق الأخرى بمساحة تتجاوز مساحة العقار عن طريق ضم مساحة الشرفات إلى الغرف.
وقال المهندس أحمد شيخموس، وهو الرئيس المشارك للدائرة الفنية في بلدية الشعب في حسكة، إن لجنة مختصة تقوم بزيارة الموقع المراد بناؤه بعد التقدم للرخصة، ويتم إعداد تقرير خاص بالمساحة وآخر للجنة القانونية لمعرفة صفة العقار، ليتم تحويلها إلى غرفة المهندسين.
وأضاف لنورث برس أن “التراكمات السابقة واتساع رقعة العمران أدت إلى حوث فوضى في حالات البناء دون وجود أي رقابة أو قوانين صارمة رادعة.”
وتُقسم أنماط القسائم إلى شرقي وتجاري، وعلى أساسها تختلف شروط البناء من منطقة الى أخرى، بحسب الدائرة الفنية في بلدية الشعب.
وتسمح البلدية بتشييد 60 بالمئة من مساحة الأرض للشرقي على أن يتم بناء ثلاثة طوابق وملحق فقط، بينما تصل نسبة البناء المسموح بها للتجاري إلى 100 بالمئة للطابق الأول لتتراجع في الطوابق المتبقية الى نسبة 70 بالمئة، ويسمح لهم بإنشاء قبو وثلاثة طوابق وملحق فقط.
كما يترتب على الراغبين بالبناء دفع 200 ليرة للبلدية عن كل متر مربع، للحصول على ترخيص البناء، بالإضافة إلى مبلغ يتراوح بين 900 و1300 ليرة لنقابة المهندسين، وذلك بحسب الصفة التنظيمية للأرض.
وأشار “شيخموس” إلى أنه في حال المخالفات يتم تنظيم محضر ضبط يتم إرساله إلى المحكمة.
“غرامات لا تجدي”
لكن مصدراً مطلعاً من بلدية الشعب في حسكة كشف لنورث برس، مشترطاً عدم ذكر اسمه، عن وجود الكثير من المخالفات سابقاً وحالياً، شملت تجاوزات على الأملاك العامة والحدائق وعدم ترك وجائب وفق القوانين النافذة.
بالإضافة لقيام الكثيرين ببناء الطابقين الرابع والخامس، والتي كانت مخالفتها 100 ألف ليرة سورية منذ صدور قرار في آذار/مارس عام 2019 بإلغاء تراخيص الطابق الرابع الذي مُنحت تراخيص لبنائه سابقاً.
وأشار المصدر نفسه إلى قيام الكثيرين بالبناء في أيام العطل أو الأعياء والمناسبات أو بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي لموظفي البلدية.
وأضاف أنه تم مخالفة بعض أصحاب الأبنية بغرامات تتراوح بين 500 ألف ليرة ومليون ليرة سورية فيما يخص ظاهرة الملحقات للطوابق الرابع أو الخامس، “دون أن يكون هناك هدم إلا لبعض الاعتداءات على الأملاك العامة والحدائق.”
وقال إن “نظام العمل بفرض مبالغ مالية على المخالفين هو بحد ذاته تصريح رسمي لهم بمتابعة أعمالهم بعد المخالفة، وبناء المزيد من الأبنية المخالفة، ما دامت الغرامة مالية ولا تشمل إيقاف العمل أو اللجوء للهدم.”