إدلب.. زوجات معتقلين في السجون الحكومية في مواجهة معتقدات اجتماعية سائدة

دوار الساعة في مدينة ادلب - نورث

إدلب- نورث برس

تتعرض زوجات معتقلين في سجون الحكومة السورية، من سكان منطقة إدلب، شمال غربي سوريا، لاتهامات قاسية من قبل مجتمعاتهن، وللاحتيال من قبل وسطاء ومتنفذين في الحكومة، وسط حيرة بعضهن حيال مصائر أزواجهن المعتقلين.

وتقول بعض هؤلاء الزوجات إنهن يتحملن ظروفاً نفسية واجتماعية ومعيشية صعبة، ولا يعلمن إن كان عليهن التسليم بوفاة الزوج في السجون وإكمال حياتهن دونه، أم عليهن الانتظار على أمل ورود أنباء تكذب ما سمعنه عن الوفاة.

“اتهامات بالخيانة”

وواجهت علا الإبراهيم (31 عاماً)، وهو اسم مستعار لامرأة من مدينة حارم، اتهامات بالخيانة وعدم الوفاء من قبل أهل زوجها السابق، وذلك بسبب زواجها الثاني.

ومنذ أربع سنوات وأثناء عودته من لبنان، اعتُقل زوجها على حاجز حكومي في دمشق وواجه تهمة المشاركة في الإرهاب، ثم ورد خبر وفاته إلى أهله في منطقة إدلب.

وقالت “الإبراهيم” لنورث برس: “زواجي الثاني أحله الشرع وقبله القانون، ولكني دخلت في دوامة صراع مع محيطي من أجل الدفاع عن قراري ووجهة نظري.”

وأضافت أن أشد ما آلمها هو حرمانها من طفليها، وهما في الخامسة والسادسة من عمرهما، إذ يمنعها أهل زوجها السابق من رؤيتهم.

ورغم أن غالبية أقارب زوجها فقدوا الأمل مثلها بعودة ابنهم المعتقل، إلا أن ذلك لم يمنع نظرتهم السلبية واتهاماتهم القاسية.

“حيرة وانتظار”

لكن عفراء المحمد (25 عاماً)، وهي من سكان مدينة إدلب، لم تصدق خبراً وصلها عن وفاة زوجها في السجن، وقالت إنها تعيش “سجينة بانتظار أملها في عودته.” 

وولم يكن قد مضى على زواجها سوى ثلاثة أشهر، عندما سافر زوجها الذي كان يعمل سائقاً في العام 2015 إلى حماة، ولم يعد منذ ذلك الوقت.

وعلمت العائلة بعد بحث عنه من أحد المصادر أنه توفي تحت التعذيب في أحد سجون الحكومة السورية.

ورغم انتظارها، تحتار عفراء دائماً ماذا تقرر، هل تؤمن بموته وتتابع حياتها من دونه، أم تبقى سجينة انتظار؟، على حد قولها.


وقررت صفاء ديبو (35 عاماً)، وهي من سكان مدينة سرمدا اعتقل زوجها منذ ثلاث سنوات، أن تنذر حياتها لأطفالها الثلاثة، أكبرهم يبلغ عشرة أعوام بينما أتم الأصغر الثالثة من عمره.

لكنها تعاني من سوء الحال المعيشية، وتسكن في غرفة واحدة مع أهل زوجها، لعدم قدرتها على دفع إيجار منزل مستقل يضمها مع أولادها.
واضطرت “ديبو” للعمل كعاملة نظافة في أحد مشافي المدينة للإنفاق على نفسها وأبنائها، مقابل أجر شهري “يبقى أفضل من لاشيء” على حد قولها.
وأشارت إلى أن تعاني ضغوطاً نفسية بسبب جهلها بمصير زوجها، تبلغ ذروتها حين يسألها أبناؤها عن موعد عودة والدهم.

“ضحايا احتيال”

وقال تقرير لجمعية المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا  (ADMSP)، صدر قبل أيام، إن حراساً وعسكريين وقضاة وأفراد وحتى الوسطاء أحياناً يتلقون رشاوى ضخمة من ذوي المعتقلين.

وقال دياب سريح ، مؤلف التقرير والشريك المؤسس لـ ADMSP، إن الأموال تنتهي إلى جيوب المسؤولين الفاسدين وأمراء الحرب.

وطالب التقرير المجتمع الدولي بالضغط على روسيا والحكومة السورية للكشف عن مصير المفقودين والسماح لأهالي من لا يزالون على قيد الحياة بزيارتهم.

إلى جانب الكشف عن مكان دفن الموتى والسماح باختبار الحمض النووي للرفات حتى يمكن معرفة هوية الضحايا وإعادة جثمانهم إلى عائلاتهم.


وتقع الكثير من زوجات المعتقلين والمغيبين قسراً ضحية لاستغلال وابتزاز وسطاء ومتنفذين، وذلك أثناء بحثهن لمعرفة مصير الزوج .
وقالت أم جميل (39 عاماً)، وهي نازحة من مدينة سراقب في مخيمات سرمدا عرّفت عن نفسها بهذا الاسم، إنها تعرضت للاحتيال من قبل أحد المحامين الذي اتهم مسؤولين أمنيين لدى الحكومة السورية بالابتزاز.

وكان المحامي قد تمكّن من تأمين مكالمة هاتفية لأم جميل مع زوجها المعتقل، ليطلب بعدها ثلاثة ملايين ليرة سورية مقابل إطلاق سراحه.


وسارعت المرأة لبيع المنزل الذي تسكنه، وانتقلت مع أولادها الخمسة لمنزل أحد أعمامهم، لكنها اكتشفت زأنها وقعت ضحية احتيال لمسؤولي الأمن والمحامي الوسيط.

إعداد: حلا الشيخ أحمد- تحرير: حكيم أحمد