سعي روسي لإنجاز تسويات بالسويداء وأكاديميون يتوقعون فشلها ما لم تكن سياسية وشاملة

السويداء – نورث برس

يقول أكاديميون وناشطون في السويداء، جنوبي سوريا، إن القوات الروسية تحاول عبر توزيع مساعدات غذائية استمالة وجهاء وقيادات محلية لإنجاز تسويات لإعادة متخلفين عن الخدمة العسكرية لصفوف قوات الحكومة السورية.

 لكن الحل يجب أن يكون شاملاً ومن أبواب سياسية حتى يحدث تقدم في مساره، بحسب هؤلاء الأكاديميين.

وطوال السنوات العشر الماضية، حاولت أطراف سياسية ودينية ومجتمعية في السويداء تحييد عن الصراعات الدمويّة التي دارت في البلاد.

“مدخل أمني”

وقال سامر الجبل (54 عاماً)، وهو اسم مستعار لمعتقل سياسي سابق في سجون الحكومة، إن روسيا تبذل “محاولات حثيثة رغم فشلها سابقاً” لإعادة صياغة مشروع جديد لمصالحة أو تسوية تتضمن إعادة المتخلفين عن الخدمة العسكرية إلى صفوف القوات الحكومية.

 وأضاف أن روسيا لم تحصل بعد على استجابة ترضيها “من خلال الحرب الناعمة والتفاوض الحذر مع مشايخ عقل الطائفة وفعاليات اجتماعية” في السويداء وبين طائفة الموحدين الدروز.

ويعتقد “الجبل” أن ما يمنع روسيا من تحقيق تقدم في هذا السياق هو “أن مدخلها إلى السويداء يتم عبر فرع أمن الدولة ذي الصيت السيء بين السكان.”

ومطلع هذا الشهر، شهدت محافظة فوضى أمنية واعتقالات متبادلة بين جهات حكومية ومسلحين محليين على خلفية اعتقال الأجهزة الأمنية بدمشق شاباً من سكان شهبا لأسباب مجهولة، بحسب مصدر محلي.

وقطع عشرات المسلحين من مدينة شهبا بالريف الشمالي للسويداء، الطريق العام غرب المدينة والواصل بين دمشق والسويداء.

“تطبيل منتفعين”

وفي الأسبوع الفائت، حاولت روسيا التقرب من السكان في السويداء عن طريق توزيع مساعدات مقدمة من  مجلس الأعمال الروسي-السوري وبمشاركة من “التجمع الروسي لتنمية علاقات الصداقة والأعمال في سوريا.”

ويرى المعتقل السابق إلى أن اسم الحملة “إلى مدينة السويداء.. بكل الحب من روسيا”، اشتمل على “تودد مصطنع” من أجل كسب الرأي الشعبي الذي رفض منح “الولاء” للحكومة  السورية خلال الحرب، والتزم الوقوف على الحياد منذ عشر سنوات.

وكتب رواد بلان، وهو ناشط إعلامي من سكان مدينة السويداء، عل  حسابه الشخصي في موقع فيسبوك، إن 55 طناً من مساعدات غذائية روسية لألف أسرة في السويداء لاقت  “تطبيلاً من مسؤولين ومنتفعين ومنافقين.”

وأضاف ساخراً أن السلة الواحدة كانت تحتوي “ما يكفي الأسرة لثلاثة أشهر كاملة”، وذلك في إشارة إلى قلة محتوياتها التي ضمت كيلوغرامين لكل من مواد الرز والعدس والسكر، إلى جانب كيلوغرام واحد من السمنة وأربعة ألتار من الزيت.

واتهم “بلان” الحكومة السورية وسلطاتها في السويداء بمشاركتها في “إذلال عائلات، ذنبها الوحيد أنها ما تزال متمسكة بأرضها.”

“غياب سياسي”

وقال مهيب صالحة (60 عاماً)، وهو  سياسي  أكاديمي في السويداء، أنه نصح منذ عدة أشهر أحد شيوخ طائفة الموحدين الدروز في السويداء بضرورة التواصل مع شخصيات سياسية في السفارة الروسية بدمشق.

وعلل ذلك بأن “الضباط الأمنيين الروس الذين يقومون بجولات مكوكية في السويداء برفقة ضباط أمن حكوميين لا يتفهمون المطالب المحقة لسكان الجبل ويتعاملون مع مبادراتهم بمنطق العسكر والعقل الأمني.”

وفي نيسان/أبريل من العام الفائت، التقى وفد من دار الطائفة الدرزية مع السفير الروسي في دمشق والذي تعهد بدوره بإيصال “موضوع رفض آلاف الشباب من السويداء الالتحاق بالخدمة العسكرية في صفوف القوات الحكومية” إلى موسكو.

ويرى “صالحة” أن إحداث تقدم في المفاوضات بين الجبل والروس حول العديد من القضايا الأمنية والعسكرية بحاجة إلى أن تأخذ أقنيتها عبر قادة روس سياسيين، “وليس عسكريين من خلفيات ماريشالية عسكرية.”

“بالونات اختبار”

وقال جمال الشوفي (55 عاماً)، وهو أستاذ جامعي، إن على الفعاليات الاجتماعية ومشايخ العقل في السويداء “التأني وعدم الاستعجال في تقديم أي وعود للجانب الروسي، وخاصة بعد زيارة قام بها وفد عسكري روسي لإجراء تسويات ومصالحات للمتخلفين من الخدمة العسكرية والمطلوبين أمنياً.”

 وأضاف لنورث برس أن “الروس رموا ببالونات اختبار لفهم ما سيكون الجواب على مبادراتهم.”

ويعتقد “الشوفي” أن المرحلة القادمة تحمل الكثير من المتغيرات الدولية، وأن “الروس يلعبون في الوقت بدل الضائع مستغلين غياب قوى عالمية لها كلمتها”، وذلك في إشارة لغياب الدور الأميركي.

وقال: “لا بد أن تكون أي حلول مطروحة سلة واحدة متكاملة، لا مجزّأة أو منفردة.”

إعداد: سامي العلي – تحرير: حكيم أحمد