دمشق – نورث برس
بعد مرور أسبوع من بدئه، يأمل سكان في العاصمة دمشق في أن يحمل العام الجديد انفراجاً للأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تتابعت خلال العام الفائت.
ويعدد معظم هؤلاء عناوين أزماتهم “البنزين والمازوت والكهرباء والغلاء” ثم ينظرون بشيء من الأمل للعام الجديد، رغم استبعاد معظمهم إنجاز حلول من قبل الحكومة.
معيشة متدهورة
وقال زهير الخالد (58 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب محل في حي الزاهرة بدمشق، لنورث برس، إن العام الفائت 2020 كان حافلاً بالأزمات التي زادت من تفاقم الوضع المعيشي، بدءاً بأزمة الخبز ثم المازوت والبنزين وانقطاع الكهرباء والغلاء.
وعبر عن أمله في أن يحمل العام الجديد معه انفراجاً للأزمات التي تشهدها العاصمة، رغم أنه يستبعد وجود حلول قريبة “بناء على المؤشرات المتوفرة”.
كل تلك الهموم شغلت “الخالد” عن ذكر جائحة كورونا وآفاق الحصول على لقاح ضدها ، فرغم أنها كانت العنوان العالمي الأبرز للعام الفائت، لكن لدى السوريين ما هو أكثر ضرورة من كل ذلك.
وشهد العام الفائت انتكاسات متعددة للاقتصاد السوري بدءاً من انهيار قيمة الليرة السورية إلى سعر صرف يقارب ثلاثة آلاف مقابل الدولار الأميركي الواحد، وتوقف الكثير من معامل الإنتاج، وتطبيق قانون العقوبات الأميركية قيصر منتصف حزيران/يونيو.
وتبع تطبيق القانون أزمات خانقة بسبب نقص الوقود، لا سيما المازوت والبنزين، إضافة إلى أزمة الخبز المستمرة وازدياد ساعات قطع التيار الكهربائي.
هذه العوامل وغيرها مثل الحرائق التي أصابت مناطق جنوبية وداخلية وساحلية ساهمت في ازدياد تدهور المستوى المعيشي المتدني أصلاً بعد عقد من الحرب.
“مأزوم كسابقه”
ورأى عاصم الداغلي (54 عاماً)، وهو اسم مستعار لمدرس ثانوية في حي الشعلان، أن جميع المعطيات تشير إلى أن العام 2021 لن يكون مختلفاً كثيراً عن سابقه.
وقال: “الحكومة لا تملك عصا سحرية لتغيير هذا الوضع المأزوم، وحتى لو امتلكت فلن تغير فيه شيئاً، لأن رجالاتها مستفيدون منه.”
وبحسب “الداغلي”، فإن عمليات الفساد والاحتكار لمتنفذين في الحكومة هي المسبب الرئيسي للأزمات المتتالية التي شهدتها مناطق سيطرتها.
وفي آب/أغسطس الماضي، غيرت أزمة خانقة لمادة البنزين وجه مدن سورية من خلال شلل عام في حركة شوارعها وسط ازدحام كبير على محطات الوقود.
ورغم أن الأزمة تراجعت قليلاً بعد رفع سعر البنزين في تشرين الأول/أكتوبر، إلا أنها نقص الكميات الموزعة على السيارات العمومية والخاصة استمر حتى الآن.
وقال غسان العلي (43 عاماً)، وهو اسم مستعار لسائق سيارة أجرة عمومية، إن عدم كفاية مخصصاتهم من البنزين يدفعهم لشراء المادة في السوق السوداء بأسعار مضاعفة.
ولا يخفي “العلي” تشاؤمه حيال حصول تغيير جذري مع حلول العام الجديد.
لكن ذلك لا يمنعه من التمني:” أعلم أن الأوضاع ستبقى على ماهي عليه، بل وستزداد سوءاً، لكن نتمنى أن يكون العام الجديد خيراً باتجاه حل جميع أزماتنا.”
“ضرب من الجنون”
وفي حزيران/يونيو 2020، حذرت وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة من أن سوريا تواجه أزمة غذاء غير مسبوقة.
وقال برنامج الأغذية العالمي بإفادة في جنيف إن عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 1٫4 مليون في غضون الأشهر الستة الأولى من العام 2020.
ولم يعد السكان يثقون بإجراءات الحكومة ولا وعودها إزاء حل الأزمة التي طالت حتى الخبز الذي طالما افتخرت الوزارات السورية بأن موجات الغلاء لن تقترب منه.
وفي نيسان/ أبريل الفائت، بدأت الحكومة السورية باعتماد توزيع مادة الخبز عبر البطاقة الذكية “تكامل” ثم رفعت سعره لاحقاً لتبقى الأزمة بادية في طوابير طويلة أمام الأفران.
واتهمت شيرين الخالد (51 عاماً)، وهو اسم مستعار لربة منزل تقيم في باب الجابية، الحكومة باللعب بقوت الناس وجعل الحصول عليه “حلماً”، بينما صرفت عائلات جلّ دخلها لشراء الخبز السياحي الذي تباع الربطة منه بسعر 1500 ليرة سورية”.
واعتبرت المرأة أن الأمل في انتهاء الأزمات مع العام الجديد “ضرب من الجنون، فليس هناك من عاقل يمكن أن يتوقع حلاً من الحكومة.”