السفر من قامشلي إلى دمشق.. مشقات ومخاطر وتكاليف عالية

قامشلي – نورث برس

يواجه طلاب ومرضى في الجزيرة السورية، ممن يحاولون الوصول للعاصمة دمشق وباقي مناطق سيطرة الحكومة، مخاوف وصعوبات وتكاليف مضاعفة للوصول إلى جامعاتهم أو المشافي التي يقصدونها للعلاج.

وأضافت المخاوف الأمنية، مؤخراً، صعوبات جديدة إلى جاني التكلفة العالية والمشاق الكثيرة والمدة الطويلة للرحلات البرية التي كانت الأسهل والأوفر بالنسبة للمسافرين.

ويعد مطار قامشلي المنفذ الجوي الوحيد لأهالي الجزيرة للوصول للمحافظات والمناطق السورية الأخرى، بالإضافة لعدة شركات نقل عبر الحافلات تعمل على الطرق البرية منذ إعادة فتحها قبل نحو ثلاثة أعوام.

ومنذ العام 2013، أُغلق  الطريق البري الوحيد الذي يصل مناطق شمال شرقي سوريا بالعاصمة، وذلك مع خروج مساحات واسعة من أطرافه عن سيطرة الحكومة السورية، ليُعاد فتحه في العام 2017، لكن مخاطر التعرض لهجمات مسلحين بقيت لتزداد مؤخراً.

 “امتحانات طلاب”

وقالت مايا كوركيس (22عاماً)، وهي طالبة حقوق في جامعة تشرين باللاذقية، إن عائلتها لن تسمح لها بالسفر براً لتقديم امتحاناتها في الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير الجاري.

وذكرت أن السفر عن طريق شركات النقل البري كان “أسهل وأوفر طيلة الأعوام الثلاثة الماضية.”

وأضافت: “كنا نصل بشكل مباشر من قامشلي إلى اللاذقية دون الحاجة إلى المبيت بمدن أخرى، بينما كنا نحجز قبلها بطاقة طيران حيث كان مطار اللاذقية متاحاً أمام المدنيين.”

ومنذ أواخر عام 2017، تم إغلاق جميع رحلات الطيران المدنية إلى مطار اللاذقية بعد تحوله لقاعدة عسكرية روسية.

ودفع الأمر المسافرين من الجزيرة السورية إلى مدينة اللاذقية للجوء للنقل البري أو السفر لمطار دمشق والحجز براً من هناك لمدينة اللاذقية، وهو زاد من مصاريف ومشاق الرحلة.

وتواجه “كوركيس” الآن صعوبات لتأمين بطاقة طيران إلى العاصمة، ولا سيما مع ارتفاع تكلفة الحصول على بطاقة للشركة السورية للطيران وشركة أجنحة الشام إلى حوالي 180 ألف ليرة سورية.

وتفضل الطالبة محاولة تأمين سفرها عن طريق طائرة الشحن “اليوشن” والتي ستكلفها حوالي 20 ألف ليرة سورية.

وتقول: ” رغم صعوبة الحصول على حجز لطائرة اليوشن، ومساوئها من حيث الازدحام وصعوبة التنفس والمخاوف من عدوى فيروس كورونا، إلا أن عائلتي تتخوف من إرسالي عن طريق البر بسبب ما شهده الطريق في الفترة الأخيرة من هجمات.”

“هجمات متزايدة”

وأواخر الشهر الماضي، كانت حافلة لشركة إيزلا للنقل قد تعرضت لهجوم مسلح من قبل مجموعة مجهولة على طريق أثريا أثناء توجهها لدمشق.

وأدى الهجوم آنذاك لوقوع إصابات بين المسافرين، نُقلوا إثرها لمشفى السلمية.

وقُتل تسعة أشخاص وجرح آخرون، الأحد الماضي، إثر استهداف مجهولين لعدة حافلات على طريق الواصل بين أثريا والسلمية، في حماة السورية.

وقبيل رأس السنة، قالت وكالة سانا الحكومية إن 28 من المسافرين براً قُتلوا وجُرح ثمانية آخرون في هجوم بدير الزور.

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)،في اليوم التالي، مسؤوليته عن مقتل 40 جندياً من القوات الحكومية في هجوم شنه على حافلة للقوات الحكومية بريف دير الزور.

“طرق غير آمنة”

ورغم أن المسافة بين مدينة قامشلي والعاصمة دمشق تبلغ حوالي 700 كم، إلا أن الرحلة بالحافلات تستغرق حالياً نحو 20 ساعة، وقد تصل إلى 24 ساعة أو أكثر بحسب ظروف الطريق والتوقف على الحواجز والمعابر المختلفة.

وتبلغ قيمة تذكرة الحافلة حوالي 14 ألف ليرة للراكب الواحد، ويتوجب على الراكب أن يجتاز أكثر من 20 حاجزاً ونقطة تفتيش.

وقال حسين ياسين، وهو سائق في إحدى شركات النقل البري في قامشلي، إن المشكلات زادت على الطريق البري خلال الشهرين الأخيرين، ما أجبرهم على التوقف ليلاً على المعابر بين مناطق الإدارة الذاتية ومناطق سيطرة القوات الحكومية ليكملوا رحلتهم صباحاً.

وأضاف أن ظهور المسلحين على الطريق زاد مؤخراً، وأن “أغلب الهجمات تحدث ليلاً.”

وذكر “ياسين”، الذي يعمل منذ عشرين عاماً على خط قامشلي-دمشق، أن شركات النقل البري قامت منذ أكثر من شهر بتخفيض عدد رحلاتها بعد تراجع إقبال المسافرين.

 “لقد قل عدد المسافرين براً بحدود 70 بالمئة، فبالإضافة للمسلحين الموجودين على الطريق، هناك عوامل الطقس والبرد الذي يتسبب بمزيد من المعاناة أثناء مبيتنا ليلاً على المعابر.”

“مواعيد مرضى”

وفي ظل الظروف الصعبة والخطرة هذه، يفضل معظم الطلاب والعاملين والموظفين المتنقلين بين مدينتي قامشلي ودمشق السفر جواً.

لكن الأمر ليس بهذه السهولة إذ تصل تكلفة البطاقة عبر مكاتب وسماسرة لما يزيد عن 200 ألف ليرة سورية، لاسيما مع كثرة الطلبات وقلة عدد الرحلات، إلى جانب وجوب الحجز قبل ثلاثة أسابيع على الأقل، وتعذر حجز التذكرة خلال الأعياد والمناسبات.

وقالت فاطمة أحمد (41 عاماً)، وهي مريضة من قامشلي، إنها مضطرة للسفر براً، فمواعيد علاجها محددة ومن الصعب تأمين حجز طائرة خلال وقت قصير.

وأضافت: “لا أستطيع انتظار (الواسطة) لتأمين بطاقة طائرة، سيفوتني موعد الطبيب، أنا مجبرة للسفر عبر الطريق البري رغم خوفي المستمر من الأحداث والمشاكل التي تحصل.

إعداد: أيلا حنا – تحرير: حكيم أحمد