الانسجام الأمريكي – الروسي يخفف حاجة واشنطن لحليف مثل تركيا
واشنطن – هديل عويس – NPA
قال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، إنه خفف من وجود "حزب الله" في سوريا وتوعّد إسرائيل باستهدافها حتى إيلات, بينما يرى مؤسس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن، أن الظروف تجبره.
يقول الحاج حسن المقيم في الولايات المتحدة في حديث خاص مع "نورث برس" إن حديث نصر الله عن تخفيف وجود الحزب في سوريا وإن لم يكن دقيقاً فإن شيئاً من الصواب يجانبه، وذلك لعدة أسباب أجبرته على الانسحاب التدريجي من سوريا ومنها أسباب اقتصادية كالعقوبات التي تضرب إيران الممول الأساسي لحزب الله، وكذلك تقارب وجهات النظر الروسية – الأمريكية – الإسرائيلية حول سوريا وبدء روسيا بعملية إبعاد لميليشيات إيران عن الحدود الجنوبية مع إسرائيل."
ويضيف الحاج حسن أن واشنطن مقتنعة بأن وجود تنظيم "الدولة الإسلامية" هو وجود فكري وليس مادي على الأرض، ويضيف أنه منذ البداية كان تلميح ترامب حول سحب القوات من سوريا غير دقيق ومتكامل لأن تجربة ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" بعد "القاعدة" بات أساس قلق الأمريكيين والتوجه الحالي يركز على عدم السماح لهذه التنظيمات بالعودة بأسماء أخرى.
الانسحاب
يؤكد حسن لـ"نورث برس" أن انسحاب بعض عناصر حزب الله هو قرار روسي فرض على إيران نتيجة التقارب بين الروس والأمريكيين والعرب، وهذا جزء من الاتفاق الدولي لبدء رسم مسار مستقبلي للحل في سوريا. مشيراً إلى أنه مقتنع بأن الحزب "لا يملك قوات في سوريا الآن كما كان الوضع قبل سنة أو سنتين."
وأشار إلى أن روسيا تدفع إيران للانسحاب لأن بقاءها وارتباطها بالوجود الروسي يضر بمصالح روسيا كما أن روسيا تملك بدائل اليوم لتأمين مصالحها أقل كلفة من فصائل إيران. إضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي الإيراني وعجزها عن دفع مخصصات حزب الله، ومن المهم أن نتذكر بأن حسن نصر الله، كان قد أكد أن تمويل الحزب يأتي من إيران وكان قد ذكر في حوارات ماضية أن جزء من سياسة التقشف سيكون تخفيف الوجود المسلح في سوريا.
الحرب
يقول الحاج حسن إن تهديدات حسن نصر الله، "الشديدة بحرب ضد إسرائيل" لا تنفصل عن مسلسل التهديد والوعيد الذي كان يتوعد به سابقاً. مضيفاً "إنني لست مقتنع على أن إيران على خلاف جذري مع سلوك حزب الله, وكذلك متيقن من أن حزب الله لن يصعد ولن يذهب إلى أي مواجهة مع إسرائيل".
ويتابع "لم تعد هذه التصريحات تفيد بشيء والقاصي والداني يعرف أن استهدافاً إيرانياً لإسرائيل لن يحصل، وربما هي تصريحات لجمهور الميليشيات المحبط والمتأثر بالعقوبات على إيران".
الحكومة السورية
يؤكد الحاج حسن لـ"نورث برس" أن المعارضة السورية "منيت بالهزيمة والفشل لأنها أضاعت البوصلة الحقيقية عن مسار الثورة, وأهدت النصر لإيران وروسيا كون الثورة لم تستمر بفكر مدني ثوري، وإنها أعطت الحكومة السورية الفرصة لتجميع نفسها وتقديم بديل مهما كان سوؤه فإنه بنظر العالم أفضل من التطرف."
ويشير حسن إلى أن "تخفيف وجود حزب الله هو هزيمة للممانعة في سوريا تباعاً، لأننا وكما نعلم مناطق المعارضة لم يأخذها النظام وحلفائه بالتراضي ولكن باستخدام جميع أنواع القوة العسكرية وبالتالي السكان غير راضين عن تهديم مدنهم والمجازر التي حدثت وسيعودون للانتقام وهذا ما نراه يحدث الآن في حوران (الجنوب السوري) حيث تعود المناطق التي أخذتها قوات الحكومة إلى الخروج عن سلطة الأسد."
ويضيف أن الأزمة في سوريا "لم تنتهي والنظام ليس منتصر كما يحلو لأتباعه القول بل ستواجه الآن مشكلات وتحديات مختلفة."
الولايات المتحدة
ويشير الحاج حسن في حديثه مع "نورث برس" إلى أن الولايات المتحدة "تشد الحبال بشكل كبير على حكومة الأسد حيث نسمع من المسؤولين الأمريكيين والدبلوماسيين العرب أنها مرحلة للتركيز على عملية سياسية انتقالية في سوريا، وعلى الرغم من عدم وجود بديل ليحكم دمشق اليوم ولا خطط واضحة تلوح في الأفق ولكن بنفس المستوى لا نوايا لا عربية ولا دولية لإعادة تعويم الأسد."
ويؤكد أن إعلان الرئيس ترامب عن الانسحاب من سوريا لم يكن أكثر من "اختبار لردات فعل جمهوره الانتخابي والمجتمع الدولي، ورأينا أنه انتهى بالعدول عن الانسحاب لأن هذا يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة.
وأشار حسن، إلى أن النفوذ والمناطق الآمنة التي شكلتها الولايات المتحدة في شمال شرقي سوريا هي ورقة رابحة بيدها على المدى الطويل.
ويعبر الحاج حسن عن اعتقاده بأن "الدولة الإسلامية هزمت على الأرض ولكنها مؤهلة للعودة بأسماء وأشكال أخرى مرة ثانية، وهذا يدفع الولايات المتحدة للتمسك بورقة قوات سوريا الديمقراطية التي لم تمتلك واشنطن حليفاً غيرها في ذلك الجزء من المنطقة وطيلة السنوات الماضية."
ويتابع أن الوجود الأمريكي يتعزز مع حقيقة التقارب الأمريكي مع روسيا والذي يخفف حاجة الولايات المتحدة لتركيا التي يقلقها أيضاً الثقل الأمريكي شرق سوريا وتحاول عرقلة الأمريكيين عن تحقيق أهدافهم.
وينهي الشيخ محمد الحاج حسن مؤسس التيار الشيعي الحر حديثه مع "نورث برس" بالقول إن ظهور "الدولة الاسلامية" بعد القاعدة في أدبيات الأمريكيين العسكرية هي من "أكبر المشاكل التي واجهت الاستراتيجيات الأمريكية في الشرق الأوسط وتكرار الخطأ هو أمر سيكلف أي إدارة الكثير، وصناع القرار مدركون لهذا جيداً".