معتقلون سياسيون سابقون: منصات المعارضة السورية لم تقدم شيئاً للحل
اللاذقية ـ نورث برس
يرى سياسيون سوريون ومعتقلون سياسيون سابقون أن منصات المعارضة بمختلف مسمياتها لم تساهم حتى الآن بتخفيف معاناة الشعب السوري، بسبب سطوة العسكرة على العمل السياسي، بينما يقول آخرون إن مصالح الدول الفاعلة في الأزمة السورية وفقدان المعارضة لمناطق شاسعة، أوصلت إلى منصات بلا أوراق قوية تمكنها من التفاوض مع الحكومة السورية.
وبعد عقد من بدء الاحتجاجات في سوريا، أضيفت إلى قضية الاستبداد العديد من الملفات والقضايا مثل اللاجئين والتدخلات الخارجية والأوضاع المعيشية والإنسانية، والتي تعكس معاناة السوريين بسبب غياب الحل.
عسكرة طاغية
وانبثق من الحراك الشعبي السوري، الذي انطلق في آذار/ مارس 2011، العديد من المنصات والأطر التي زعمت أنها تهدف إلى تمثيل الشعب السوري في المحافل الدولية الخاصة بالأزمة السورية وتغيير نظام الحكم فيها.
ومنذ أوائل العام 2012، طغت العسكرة على الصراع في سوريا وتخطى العسكر القوى السياسية المعارضة للسيطرة على مناطق واسعة من الجغرافيا السورية.
وقال أحمد مليشو (60 عاماً) وهو اسم مستعار لمعتقل سياسي سابق في سجون الحكومة السورية وينحدر من مدينة حماة، إن الأجسام السياسية المعارضة من هيئات وأحزاب وجمعيات ومنتديات لم تقدم أي شيء.
وتساءل خلال حديث لنورث برس: “هل استطاعت أي من تلك المنصات، التي أصبح عددها يفوق المئتين، أن تخفف ولو واحداً بالمئة من معاناة السوريين، أم أنها زادت الأمر تعقيداً؟.”
ورأى “مليشو” أن هيمنة العمل العسكري أدى لإضعاف الدور السياسي وتعقيد وتدويل الحراك والقضية السورية، ما أدى بدوره لتشظي وتعدد الأجسام والمنصات السياسية والعسكرية.
قضايا معلقة
وتأسس بعد الأزمة السورية، المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وهيئة التنسيق الوطنية، وثلاث منصات للمعارضة هي (الرياض والقاهرة وموسكو)، وتجمّع للمستقلين تحت مسمى هيئة المفاوضات السورية، واجتمعت كلها تحت مسمى “الهيئة العليا للمفاوضات السورية”.
وبالرغم من القرار الأممي 2254 في العام 2015، والقاضي بتسريع عملية سياسية في سوريا ووقف النزاع المسلح، إلا أن مصالح الدول الفاعلة في الأزمة وفقدان المعارضة مناطق شاسعة لحساب الحكومة السورية حال دون ذلك، بحسب معتقلين سابقين.
وأُسست “هيئة التفاوض” لتتولى مهام اختيار الوفد التفاوضي مع الحكومة السورية، وتكون مرجعية للمفاوضين مع ممثليها.
وقال المبعوث الأممي السابق إلى سوريا، ستيفان دي مستورا، في إحدى المؤتمرات الدولية، إن القرار الدولي صعب التطبيق، فقرر توسيعه إلى محاور سُميت بـ”السلال الأربع”، وبدء عملية صياغة الدستور السوري.
وبالرغم من تعقيدات تشكيل اللجنة الدستورية وانتقادات بأنها لا تمثل كافة أطياف الشعب السوري، إلا أنها لم تنجح كذلك بالوصول إلى نتيجة تدفع باتجاه الحل السوري، ولا تزال جلساتها معلقة حتى إشعار آخر.
“ارتهان للرعاة”
وقال حاتم الجلبي (55 عاماً)، وهو اسم مستعار لمعتقل سياسي سابق من السويداء، أن التمثيل السياسي للشعب السوري تم “بقرار لدوائر الصراع الفاعلة في سوريا، وطريقة تشكيلها لا توصل إلى نتيجة.”
وأضاف “الجلبي” أن أياً من هذه المنصات لا تملك استقلالية أو دوراً فاعلاً، “طالما أنها مرتهنة للدول الراعية لها.”
وأشار إلى أن “مقتل المعارضة كان في تهجيرها القسري بسبب إفراط النظام في العنف والقصف بدعم روسي، وخسارتها لمناطق شاسعة كانت تسيطر عليها.”
من جانبه قال رشيد مصطفى (60 عاماً)، الذي ينحدر من مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، إن كل أطراف الصراع تستغل المحنة السورية، “وكأنها صاحبة الحق في تمثيل السوريين حصراً.”
وتساءل “مصطفى”، “ماذا قدمت هيئة التفاوض السورية أو اللجنة الدستورية المنبثقة عنها للسوريين من كل الجولات التفاوضية مع الحكومة السورية؟.”
وأضاف أن “النظام السوري” وحلفاؤه، أيضاً لم ينجحوا في الوصول إلى تسوية الأزمة، وهم فقط يحاولون كسر طول الحصار والعزلة الدولية عنهم، وفق قوله.
ورأى بهاء شعبو (60 عاماً)، وهو معتقل سياسي سابق من اللاذقية، أن إهمال هموم الناس وتهميشها “هو حصيلة تغييب المجتمع قسرياً عن العمل السياسي المباشر لمدة تفوق ثلاثين عاماً.”
وذكر أن حال الشعب السوري كانت “كقطيع تحت مسمى رعايا، وعليهم طاعة أولي الأمر، والإيمان بأن (العين ما بتعلى على الحاجب).”