غياب الزوج.. سبب لمشكلات سوريات في مخيمات بكردستان العراق

هولير – نورث برس

تمرُّ لاجئات سوريات في مخيمات إقليم كردستان العراق بظروف نفسية ومعيشية قاسية في غياب الزوج بسبب الهجرة أو الطلاق أو التخلّي عن مسؤولية إعالة الأسرة لأسباب أخرى.

وتشير الإحصائيات إلى أن 50 عائلة تعيش في مخيم قوشتبه بدون معيل، من اللواتي فقدن أزواجهن في الحروب أو بحالات أخرى، بحسب شامان جمعة، مدير المخيم.

“شمل مشتت”

وتسكن نادية عزام (35 عاماً)، وهو اسم مستعار للاجئة سورية، منذ عام، مع ابنها في مخيم للاجئين سوريين بإقليم كردستان العراق، بعيدةً عن زوجها المقيم في إحدى الدول الأوربية منذ ست سنوات والذي تأمل في الوصول إليه بأقرب وقت.

نادية عربية تنحدر من حلب وتعرّفت على زوجها الكردي في مدينتها أثناء عمله هناك، وانتقلت للعيش معه في مدينة قامشلي شمالي سوريا، لكنه اضطر خلال الحرب في سوريا للجوء إلى إحدى الدول الأوربية على أن يعمل هناك لاستكمال أوراق “لمِّ الشمل” التي لم تتم حتى الآن.

ودخلت “عزام” إلى إقليم كردستان العراق مع موجة اللجوء الأخيرة، العام الماضي، إبان العملية العسكرية التركية في شمالي سوريا، وسكنت بدايةً في مخيم “برده رَش” في دهوك، ثم انتقلت للإقامة مع إحدى صديقاتها بمخيم قوشتبه.

وجاءت نادية إلى إقليم كردستان بهدف محاولة الوصول إلى زوجها المقيم في إحدى الدول الأوروبية، لكنها لم تستطع حتى الآن أن تجد لنفسها ولابنها الصغير مخرجاً ينهي معاناتها.

وتقول لنورث برس: “فعلت المستحيل للوصول إلى إقليم كردستان، لكن كلَّ الطرق سُدَّت في وجهي هنا أيضاً، ولم يعد لدي صبر أكثر للمكوث عند صديقتي في مخيم قوشتبه.”

“قوانين دول”

ويقول شامان جمعة، مدير مخيم قوشتبه، إن النساء اللاتي يعشن بعيدات عن أزواجهنّ المقيمين في الدول الأوروبية يحتجن إلى لمِّ شملٍ بأسرع وقت.

“لكن أمرهن مقرون بقوانين الدول التي تستضيف أزواجهنّ ولا نستطيع تقديم أيَّ مساعدة في هذا الخصوص.”

ويضمُّ مخيم قوشتبه، الواقع على الطريق الواصل بين محافظتي هولير وكركوك في إقليم كردستان العراق، ألفي عائلة نازحة من شمال شرقي سوريا، غالبيتها من المناطق الكردية، بحسب مسؤولين في المخيم.

وبلغ عدد اللاجئين السوريين في إقليم كردستان العراق نحو 228 ألف شخص خلال الأعوام الثمانية الماضية.

ووثّقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، أواخر العام الفائت، نزوح أكثر من سبعة آلاف كردي سوريّ إلى مخيمات كردستان العراق بعد العملية العسكرية التركية في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.

وتضيف “نادية” أنها حاولت أن تجد مُهرِّباً يوصلها، بطريقة غير شرعية، إلى أوروبا، لكن الأمر يكلِّف مبالغ مالية كبيرة تتجاوز عشرة آلاف دولار أميركي، وهو ما لا تستطيع تأمينه.

وتنتظر الزوجة الآن أن يستطيع زوجها تأمين “لمِّ الشمل” في إحدى الدول الأوربية.

“زوج غائب”

ولسميرة جمال (35 عاماً) من مدينة قامشلي، وهو أيضاً اسم مستعار لامرأة تقيم في المخيم نفسه، قصة أخرى، فقد قُدِّر لها أن تتزوج قبل 13 عاماً من رجل كردي من تركيا، لتعرف لاحقاً أنه متزوج ولديه أولاد.

وتقول إن الرجل كان يدّعي أنه أعزب مقتدر، واعداً إياها بإسعادها وتأمين كل ما تريد.

لكن خلافات أعقبت افتضاح زواجه السابق، دفعت سميرة إلى الهروب منه واللجوء إلى مخيم قوشتبه في إقليم كردستان، لينتهي الأمر بطلاقهما.

وباعتبارها تحمل الهوية السورية، سُمِح لسميرة الدخول للمخيم لتسكن في منزل والدها هناك.

لكن المفاجأة كانت بعد وصولها إلى المخيم، إذ عرفت أنها حامل بطفل دون أن يعلم زوجها، لتزيد من معاناة طلاقها تربية ابنها.

“خديعة السترة”

وتعيش “سميرة” الآن مع طفلها البالغ 12 عاماً، ولم تستطع رفع أي دعوى على زوجها السابق، لأنه يقيم في تركيا وهي في إقليم كردستان العراق.

وتضيف أن قصتها القديمة تكررت مع كثير من اللاجئات السوريات، ولا سيما من يمكثن في المخيمات، وذلك تحت عنوان خديعة “السترة”.

وتقول إن على اللاجئات أن يكنَّ حريصات وألا يغرّهن أيُّ شيء، فهي تتمنى أن لا تعاني المزيد من النساء من هذه القصة.

وتضمُّ مخيمات إقليم كردستان العراق قصصاً أخرى لنساء تسبّبت الحرب بنزوحهنّ وزادت من آلام ظروف شخصية ألمَّت بحياتهن وأولادهن.

مثل عُلا أحمد (40 عاماً)، التي تتحدر من مدينة قامشلي وتسكن مع أولادها في مخيم قوشتبه دون معيل بعد أن تركهم زوجها.

وتقول إن زوجها تركهم منذ عام “دون أن يخبرهم بأيّ سبب.”

وتعمل “علا” حالياً في معملٍ للمنظفات لتؤمِّن لقمة العيش لأبنائها، وعلِمت فيما بعد بعودة زوجها إلى سوريا.

إعداد: إسماعيل مراد – تحرير: عكيد مشمش