السويداء – نورث برس
يقول سكان في السويداء، جنوبي سوريا، إن احتمال بدء حراك شعبي جديد “يلوح في الأفق”، وسط الضغوط المعيشي التي يتعرضون لها، بينما يستبعد آخرون أي تحرك ضد الحكومة على غرار احتجاجات “بدنا نعيش” خلال العام الجاري.
وكغيرها من المناطق السورية الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، تعاني السويداء ذات الغالبية الدرزية من التدهور الاقتصادي جراء السياسات المتخذة من قبل الحكومة في جميع المجالات الحياتية.
وقال مسعود المعروفي (50 عاماً)، وهو اسم مستعار لمدرس لغة عربية في السويداء طلب عدم الكشف عن هويته بسبب مخاطر فصله من وظيفته، إن “الطغمة السياسية التي تحكم البلاد تتخذ شعار الانتصار في في الحرب لتصبغ على ذاتها شرعية قمع كل مظاهر الحياة الكريمة.”
وأضاف، لنورث برس، أن الخلاص الوحيد من الظروف المعيشية وما أسماه بالتهميش الاقتصادي “هو رحيل المنظومة الاستبدادية التي تحكمنا وتتحكم برقاب العباد.”
ولم يشارك “المعروفي” سابقاً في أي احتجاجات ضد الحكومة بسبب “يأسه” من تحقيق أي تقدم متوقع في تغيير سياسات الحكومة على الأرض آنذاك.
لكنه يقول إنه وأبناءه لن يأبهوا، هذه المرة، “بأي ملاحقات أمنية أو اعتقال.”
ويرى ناشطون ومثقفون في السويداء أن “الولاء المطلق” للحكومة بدأ بالانحسار وسط شرائح المتعلمين وحتى الموظفين الحكوميين.
وقالت انتصار الجبل (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لمحامية في مدينة شهبا، إن أعداد “الكوادر المتعلمة والمثقفة المناوئة لسياسات النظام الحاكم في سوريا تزايدت.”
وأضافت لنورث برس أن هؤلاء متيقنون من أنه لا يمكن لهذه السلطة أن تقدم “ما هو جديد” وأن تخرج البلاد من حالتها “المستعصية في السياسة والاقتصاد.”
لكن “الجبل” أشارت إلى “مرحلة انتقالية يتشارك بها السوريون بمختلف مكوناتهم، رغم الوصاية الدولية والتدخلات الأجنبية على أرضهم.”
وشاركت المحامية، منذ اندلاع الحراك السلمي في سوريا عام 2011، في غالبية مظاهرات مدينتي شهبا والسويداء مطالبة بالتغيير السياسي، رغم أن جميعها جوبهت “بالقمع والاعتقال التعسفي.”
وأشارت إلى أن كثيراً ممن كانوا موالين للسلطة قبل عشرة أعوام أصبحوا يدركون الآن أن “الحكومة هي من أوصلتنا إلى واقع عقيم واقتصاد منهار وحياة معيشية صعبة.”
وترجّح “الجبل” أن “الضغط الاقتصادي المتزايد على سكان السويداء وباقي المناطق السورية ستؤدي إلى واقع أسمته بـ”عراق آخر في سوريا.”
وتعلل ذلك بأن العقوبات الأميركية (قيصر) “ستنعكس بالمرتبة الأولى على الناس.”
ومع هذه الأصوات المناهضة للحكومة، لا يؤمن آخرون بإمكانية التغيير وتحقيق تقدم في المجالين المعيشي والسياسي عن طريق الاحتجاجات.
وقال محمود رماح (35 عاماً)، وهو موظف حكومي من سكان مدينة صلخد ثاني أكبر مدن السويداء، إنه لا يعوّل كثيراً على الاحتجاجات لأن “الحكومة ستفرغها من مضمونها وستشن أجهزتها الأمنية في السويداء حملة تخوين ضدها.”
ويرى الموظف الحكومي وسكان آخرون في السويداء أن “التغيير في سوريا بات بيد الخارج ومن العبث بمكان التعويل على أصوات الناس.”
ويعتقد “رماح” أن “الحكومة مازالت قادرة عبر أجهزتها الاستخباراتية والدعم الإيراني والروسي لها على إخماد أي انتفاضة شعبية مناوئة لها.”
وأضاف لنورث برس أن “الحكومة خلقت لها طوال عقد من زمن الحرب ميليشيات ومجموعات أهلية مسلحة تابعة لها، يمكنها البطش بكل الأصوات المعارضة لها.”
واستشهد بأحداث الرابع من حزيران/ يونيو الماضي “حين خرج المئات من سكان مدينة السويداء مطالبين برحيل النظام، فما كان مصير هذا الحراك سوى الاعتقالات والفصل الوظيفي لكل من شارك فيها أو كان داعماً لها.”