معتقلات أفرج عنهن يتخوفن من مصير أخريات في سجون فصائل بعفرين

ريف حلب الشمالي – نورث برس

تقول نساء من منطقة عفرين، شمال غربي سوريا، أفرج عنهن مؤخراً من سجون فصائل سورية موالية لتركيا إن المختطفات في السجون يتعرضن للتعذيب والتعنيف و”انتهاكات شنيعة”، بينما تقول منظمات حقوقية إن الأعداد الحقيقية لهن تفوق ما وثّقته التقارير.

وقالت وحيدة أحمد، وهو اسم مستعار لمعتقلة في العقد السادس من عمرها أفرج عنها مؤخراً، إنها عانت “الأمرين” وتعرضت لأنواع من التعذيب، “منذ لحظة اعتقالي وحتى ساعة إطلاق سراحي، فقد انهالوا على جسدي المتهالك ضرباً غير آبهين بكوني مسنة.”

وكانت القوات التركية قد شنت بمشاركة فصائل سورية موالية لها، في كانون الثاني/ يناير عام 2018، عملية عسكرية ضد منطقة عفرين، انتهت بسيطرتها على المنطقة بعد نحو شهرين من المعارك مع وحدات حماية الشعب.

وتنقلت “أحمد” خلال عام ونصف بين عدة سجون، ليتم إطلاق سراحها بعد دفع أولادها ألف دولار أميركي لعناصر من الفصائل المسلحة الموالية لتركيا.

واختزلت “أحمد” فترة بقاءها في السجن بالقول، “مسحوا الأرض بكرامتي.”

وفي العاشر من هذا الشهر، أطلق فصيل الشرطة العسكرية في عفرين سراح شابتين معتقلتين من سجن معراته المركزي بمنطقة عفرين.

وكان ذلك بعد أيام من إطلاق سراح الشقيقتين لونجين وروجين عبدو، اللتين كانتا من ضمن المعتقلات اللواتي ظهرن في تسجيل مصور وثق وجودهن في سجن سري لفرقة الحمزات الموالية لتركيا.

وفي أواخر شهر أيار/ مايو الماضي، أسفرت اشتباكات بين فصيلي فرقة الحمزة وأحرار الشام في عفرين عن ضحايا مدنيين، بالإضافة للعثور على نساء محتجزات كن قد اختطفن في أوقات سابقة في مقر فرقة الحمزة.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقريرها السنوي في العام 2019، إن فصائل المعارضة الموالية لتركيا ارتكبت “جرائم حرب وفقاً للجنة التحقيق، واستهدفت المدنيين واحتجزت رهائن وفخخت السيارات ومارست اعتقالات تعسفية وابتزاز، وتعذيب وفرضت قواعد صارمة على لباس النساء والفتيات”.

وقالت الشابة لونجين عبدو، إحدى المختطفات اللواتي أفرجن عنهن مؤخراً في منشور على صفحتها على الفيس بوك، “ما عدت استوعب مَن حولي، أحتاج فترة لأعي الحياة من جديد.”

“مصير مجهول”

ومازال مصير400  امرأة من أصل ألف امرأة مختطفة مجهولاً حتى الآن، بحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين.

وقالت سميرة رشو، وهي والدة الشابة المختطفة فالنتينا أرسلان والتي اختطفت منذ حوالي ثلاثة أعوام، إن أخبار ابنتها انقطعت عنها منذ عام، “لا نعرف إن كانت مقتولة أم مازالت في السجون.”

وذكرت “رشو” أنها تواصلت مع ذوي نساء معتقلات أفرج عنهن مؤخراً، “أرسلت لهن صورة ابنتي، لكنهم لم يعرفوا مكان تواجدها.”

 إحصائيات موثقة

ووثقت منظمة حقوق الإنسان في عفرين بعد سيطرة القوات التركية والفصائل على المنطقة مقتل 69 امرأة، بالإضافة لتعرض 68 امرأة للعنف الجنسي خلال عمليات الاختطاف والاحتجاز، إلى جانب خمس حالات انتحار.

لكن هيهان علي من منظمة حقوق الإنسان في عفرين قالت لنورث برس إن الانتهاكات التي وثقت بحق نساء عفرين “لا تمثل سوى 30 بالمئة من الوقائع الموجودة على الأرض.”

وأشارت إلى أن جرائم العنف الجنسي يتم التكتم عليها من قبل الضحايا وذويهم “لاعتبارات اجتماعية وخوفاً من التعرض لضغوط وابتزاز من قبل الفصائل المسلحة.”

ومعظم حالات قتل النساء في عفرين يتم اعتبارها “جرائم شرف دون أي تحقيق”، بحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين.

وأضافت “علي” أن إطلاق سراح بعض المعتقلات تم عن طريق دفع ذويهم “لمبالغ باهظة” تصل إلى آلاف الدولارات.

اعتقالات مستمرة

وقال علي عيسو، وهو مدير موقع “إيزدينا”، إن إطلاق سراح معتقلات تزامن مع اعتقال أخريات في مناطق أخرى من المنطقة بتهم التعامل مع الإدارة الذاتية سابقاً في عفرين.

وقام فصيل “فيلق الشام الإسلامي” الموالي لتركيا، في الرابع من هذا الشهر، باعتقال غزالة سمو (40عاماً)، وهي من سكان قرية باصوفان التابعة لناحية شيراوا جنوب عفرين، على خلفية حملة اعتقالات استهدفت سكان القرية.

كما أقدم عناصر فصيل “أحرار الشرقية”، أمس الاثنين، على اعتقال ثلاثة أشخاص مع عائلاتهم في ناحية راجو بريف عفرين.

وقال مصدر محلي، لنورث برس، إن المعتقلين اقتيدوا بداية إلى سجن تابع لفصيل الشرطة العسكرية في البلدة، ثم تم اقتيادهم، صباح الثلاثاء، إلى جهة مجهولة.

وذكر “عيسو” أن المجتمع الدولي يراقب جميع انتهاكات الجيش التركي والفصائل الموالية له، “دون أن يحرك ساكناً.”

وأضاف: “هذا ما لمسناه خلال اجتماعاتنا مع عدة جهات دولية فاعلة في الشأن السوري، حيث أكدوا لنا أنهم على اطلاع بجميع الانتهاكات.”

ويرى “عيسو” أن على الدول التي لها تأثير في الملف السوري فرض عقوبات حقيقية على الائتلاف الوطني السوري، “لأنه الغطاء السياسي لهذه التنظيمات المتطرفة، وقطع الدعم اللوجستي للضغط على التشكيلات العسكرية.”

 إعداد: دجلة خليل – تحرير: سوزدار محمد