الغلاء يزيد إقبال أرباب عائلات على محال تصليح الأحذية بريف قامشلي

ريف قامشلي – نورث برس

دفع غلاء الأسعار عائلات لا تملك إمكانات شراء أحذية جديدة لأفرادها في ريف قامشلي شمال شرقي سوريا، إلى التوجه لمحال تصليح الأحذية القديمة بهدف تلبية احتياجات أطفالها هذا الشتاء والتخفيف من المصاريف المتزايدة.

الجديدة باهظة

وينتظر علوان العبدالله (39 عاماً)، وهو من سكان قرية النبوعة بريف تِربَسبي (القحطانية)، أن ينهي الإسكافي إصلاح أحذية أحضرها فسيارة القرية التي جاء بها تنتظره للعودة.

ويقول لنورث برس: “لم نعد نقوى على شراء أحذية جديدة، فسعر البوط الجديد يبلغ 15 ألف ليرة سورية.”

وبالإضافة لأحذية قديمة، أحضر “العبد الله” معه أحذية جديدة اشتراها من السوق، لخياطتها عند الإسكافي بهدف إطالة مدة استخدامها وزيادة مقاومتها خلال الشتاء والأوحال.

ويعزو الأب لأربعة أطفال ارتفاع أسعار الأحذية لتدهور قيمة الليرة السورية وارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي.

ويقول: “الله يعين الذي لا يوجد لديه راتب”، في إشارة لمن لا يمتلك مصدر دخل يكفي احتياجات عائلته.

وبلغ سعر صرف الدولار الأميركي، الثلاثاء، 2870 ليرة سورية، بحسب صرافين في سوق مدينة قامشلي.

وتعاني عائلات ذات دخل محدود في المنطقة من تأثير الغلاء العام في الأسواق على احتياجاتهم المعيشية اليومية، بينما تشكل المصاريف الموسمية كألبسة وأحذية الشتاء عبئاً إضافياً.

“مهنة إنسانية”

وأمام شكاوى مرتادي محل لتصليح الأحذية في مدينة تربسبي، يصف الإسكافي حمزة عمر (52 عاماً)، الذي يعمل في هذه المهنة منذ 15 عاماً، مهنته بـ”الإنسانية.”

ويقول: “حين يدخل عليك شخص لتصلح حذائه قائلاً لك: “دبّرها بمعرفتك، هذا يجعلك أمام مسؤولية إعادة تصنيعها من جديد حتى لو كان الحذاء بوضع سيء يصعب إصلاحه.”

ويضيف: “أشعر بخيبة أمل الزبائن حين أعتذر عن تصليحها، فوضع بعض الناس صعب للغاية.”

ويعتقد الإسكافي أن ثمن التصليح الذي يتقاضاه “بسيط” بالمقارنة مع أسعار مستلزمات عمله التي تضاعفت عدة مرات، “فعلبة المسامير التي كانت بألف ليرة وصل سعرها لخمسة آلاف.”

وبالإضافة للأحذية، لا يتردد “عمر” في إصلاح محفظة أو حقيبة مدرسية أو حافظة هاتف جلدية إذا ما احتاج زبائنه لذلك.

“تصليح لمرتين”

وفي بلدة جل آغا (الجوادية) القريبة، تحمل سعدة الجاسم (٤٠ عاماً) كيساً بيدها يحتوي أربعة أزواج من أحذية قديمة لأطفالها متوجهة للإسكافي لتصليحها.

وتقول: “حذاء البلاستك الذي كنا نشتريه بألف ليرة، نشتريه اليوم بخمسة آلاف.”

وتضيف أنّ دخل زوجها العامل بالكاد يؤمِّن “الحدَّ الأدنى لإطعام الأولاد وكسوتهم.”

ويبلغ متوسط الرواتب في مؤسسات الإدارة الذاتية 200 ألف ليرة سورية، بينما يحصل عمال بأجر يومي على أقل من ذلك في بعض الأعمال.

ويعتبر أصحاب الأعمال في الأسواق الأقل تضرراً، وذلك لمواكبتهم لأسعار الصرف من خلال رفع الأسعار، ما ينعكس سلباً على السكان.

ويتبادل أولاد “الجاسم” الأحذية فيما بينهم كلما كبروا فالكبير يعطي حذاءه للصغير، “ما دام بالإمكان استخدامه وإعادة تصليحه لمرة ومرتين.”

تقول سعدة الجاسم مع ابتسامة في إشارة لمثل شعبي: “وفق الوضع الذي نعيشه، ليس (السكافي حافي) هذه المرة، وإنما المواطن سيمشي حافياً إذا صعب على الإسكافي إصلاح حذائه.”

“تكاليف مرتفعة “

وقال عبدالله الرسم (٥٥ عاماً)، وهو صاحب محل لتصليح الأحذية في بلدة جل آغا، إنه يعاني من تضاعف ساعات عمله، هذه الأيام، “فمن غير المعقول ترك الناس ينظرون إليك على أمل أن يلبسوا أحذيتهم، ثم تتركهم وتمضي.”

ويقدِّم “الرسم” من قريته العطشان بالريف الشرقي لبلدة تربسبي حيث يمارس عمله هنا منذ 35 عاماً.

ويقول إنه “يعاني” من ارتفاع أسعار تصليح المكنات التي يستعملها، ويقول إنه سيدفع 300 ألف ليرة لإصلاح أحد الأعطال.

ويروي الإسكافي قصص نساء وأمهات يطلبن منه إصلاح أحذية بلغ اهتراؤها حدّاً يصعب عليه إصلاحها.

ويقول: “قبل أيام، جاءت امرأة حافيةً تحمل حذاءها الذي تمزقت أرضيته جراء الطين أثناء تجولها في سوق الثلاثاء الشعبي، وقالت: أريد أن أصل إلى أهلي ولا أملك ثمن حذاء.”

تقرير: سلام الأحمد – تحرير: حكيم أحمد