دعم محدود وظروف غير آمنة لعمال زراعة البطاطا بريف حلب الشمالي
ريف حلب الشمالي – نورث برس
يواجه مزارعو محصول البطاطا بريف حلب الشمالي، شمالي سوريا، صعوبات تتجلى في تأمين المازوت والسماد وسط ارتفاع أسعارها في السوق السوداء، إلى جانب توقف جني المحصول أحياناً بسبب استهداف فصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا للأراضي الزراعية بالقذائف.
وقال أحمد طحان، وهو مزارع من قرية فافين بريف حلب الشمالي، إنه اضطر إلى شراء المازوت والسماد لأرضه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة لا تتناسب مع سعر بيع البطاطا.
وتشتهر مناطق ريف حلب الشمالي بزراعتها للبطاطا، حيث تتوفر التربة الخصبة والأراضي الزراعية الواسعة.
ويصل إنتاج الهكتار الواحد من الأرض إلى 40 طناً من البطاطا، ويباع الطن الواحد منها بـ225 ألف ليرة سورية, بحسب مزارعين بريف حلب الشمالي.
دعم محدود
وأشار المزارع إلى أنه استلم من لجنة الزراعة التابعة للإدارة الذاتية برميلاً واحداً من المازوت عن كل هكتار بسعر 55 ألف ليرة، “لكن الكمية لم تكفي ثلاث هكتارات من أرضي.”
وقبل أشهر، قام “طحان” بشراء برميل المازوت من السوق السوداء بـ200 ألف ليرة سورية، بينما اشترى كيس السماد بـ45 ألف ليرة سورية.
لكن سعر برميل المازوت ارتفع إلى 220 ألف ليرة، هذا إن توفر في السوق، بينما وصل سعر كيس السماد إلى 75 ألف ليرة سورية، بحسب مزارعين بريف حلب الشمالي.
يقول “طحان” إنه في حال لم يستلم المستلزمات الكافية لزراعة البطاطا فإنه لن يقبل على زراعة الدفعة الثانية، “لن تبقى لنا مرابح من زراعتها وقد نضطر إلى ترك الأراضي دون زراعة في العام المقبل.”
ويقوم المزارعون بزراعة البطاطا مرتين خلال العام الواحد، حيث تزرع “البطاطا الربيعية” في كانون الثاني/ يناير، بينما تزرع “البطاطا التشرينية” في شهر آب/ أغسطس.
لكن باسم عثمان، وهو الرئيس المشارك للجنة الزراعة التابعة للإدارة الذاتية، قال لنورث برس إن الحصار المفروض على ريف حلب الشمالي يحول دون إمكانية تقديم مساعدات زراعية كافية للمزارعين.
وكانت الحواجز الحكومية قد منعت خلال الشهر الجاري دخول مادة المازوت إلى مناطق ريف حلب الشمالي، ما تسبب بارتفاع أسعار المحروقات.
وأشار “عثمان” إلى أنهم يحاولون دعم القطاع الزراعي عبر تأمين الأسمدة والمحروقات والبذار بسعر التكلفة، “لكننا نعاني صعوبة في تأمين هذه المواد في ظل افتقار المنطقة لدعم المنظمات.”
مناطق غير آمنة
وقال شرفان عبدو (35عاماً)، وهو مهجر من مدينة عفرين يسكن في قرية الأحداث بريف حلب الشمالي، إنهم يتعرضون أحياناً للرصاص الحي والاستهداف بالقذائف من قبل فصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا المتمركزة في قرية مارع.
وأشار إلى أنهم يضطرون للتوقف عن العمل أثناء استهدافهم، “يحرموننا لقمة عيشنا، لا نستطيع العمل أثناء استهدافنا.”
وذكر المهجّر أن الأراضي الزراعية القريبة من مناطق سيطرة الفصائل غير آمنة، “لكننا مضطرون لكسب قوت أطفالنا.”
وقبل يومين، تعرض “عبدو” وعمال كانوا يعملون في جني البطاطا بقرية حربل بريف حلب الشمالي، لرشقات رصاص دوشكا، “وهرعنا جميعاً للاختباء خلف المنازل، وعندما عدنا للعمل بعد برهة عادوا لرشقنا بالرصاص مرة أخرى.”
وكانت العملية العسكرية التركية مع فصائل المعارضة المسلحة التابعة لها على منطقة عفرين في العام 2018، قد تسببت بتهجير ما يقارب 300 ألف شخص من المنطقة، وفق إحصائية لمنظمة حقوق الإنسان في عفرين.
وتعيش 1.765عائلة مُهَجَّرة من منطقة عفرين، تضم أكثر من سبعة آلاف شخص، في خمسة مخيمات بريف حلب الشمالي هي العودة وبَرخودان وسَردَم والشهباء وعفرين، وفق آخر إحصائيات هيئة الشؤون الاجتماعية في الإدارة الذاتية لمقاطعة عفرين، والتي تعمل في مناطق من ريف حلب الشمالي.
في حين يقطن قسمٌ آخرٌ من مُهَجَّري عفرين في منازل شبه مدمرة في 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.
أجور متدنية
وفي ظل ارتفاع مستلزمات زراعة البطاطا وشكاوى المزارعين، يقول عاملون في جني المحصول إن أجورهم متدنية مقارنة مع ساعات العمل الطويلة والظروف الجوية القاسية.
وتتقاضى نياز إدريس (43عاماً)، وهي من سكان قرية فافين بريف حلب الشمالي، مبلغ 500 ليرة عن كل ساعة عمل في جني البطاطا وتنظيفها من الأتربة وتعبئتها في أكياس.
وتعمل “إدريس” في جني البطاطا بمعدل ست ساعات يومياً، ” أتقاضى 3000 ليرة، وهذا المبلغ لا يكفي لإعداد وجبة أو شراء حذاء لأطفالي.”
لكن العاملات “مجبرات” على العمل وتحمل برد الشتاء في ظل نقص فرص العمل وصعوبة الوضع المعيشي، على حد قولهن.