دمشق – نورث برس
تقول سيدات وربّات منازل في العاصمة دمشق إن المائدة السورية أصبحت فقيرة للغاية، بينما يشير أصحاب محال بيع اللحوم إلى أن مبيعاتهم انخفضت كثيراً في الآونة الاخيرة.
وتجاوز الارتفاع الحاصل في أسعار المواد الغذائية الأساسية خلال الأعوام القليلة الماضية عشرين ضعفاً لبعض الأصناف، وفق بائعي خضار وأصحاب محال غذائيات في دمشق.
“وجبة للفطور والغداء”
وقالت السيدة لبيبة سلوم (43 عاماً)، وهي ربّة منزل وأم لأربعة أطفال، إن وجبة الإفطار لعائلتها كانت تتضمن حتى قبل أشهر عدة أنواع من الجبنة واللبنة والمكدوس والزيتون والبيض وغيرها.
لكن الوضع اختلف كثيراً بعد الارتفاع الأخير للأسعار، ما أجبرها لإلغاء عدة أصناف من المائدة كالبيض والجبنة.
وأضافت “سلوم” لنورث برس: “لم يعد الفطور وجبة أساسية بموعد محدد، فأنا أؤخره قدر الإمكان بحيث يصبح الفطور والغداء وجبة واحدة.”
وقالت خزامي حسن (50 عاماً)، وهي موظفة حكومية تقيم في دمشق وأم لطفلة واحدة، إن وضعها المادي لم يعد يسمح لها بشراء اللحوم الحمراء، “ولا الدجاج إلا بكميات قليلة.”
وأضافت لنورث برس: “كانت وجبة الغداء سابقاً تحتوي على طبختين أو أكثر، وواحدة منها تحتوي غالباً على اللحوم الحمراء أو الدجاج بالإضافة إلى السَلَطات المتنوعة.”
وتعتمد غالبية العائلات متوسطة الدخل على أصناف البرغل والعدس والمعكرونة والبطاطا والخضراوات الأخرى مع التخفيض من استهلاك الفواكه، بحسب ربّات منازل في دمشق.
وكانت وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة قد حذرت في حزيران/يونيو الماضي من أن سوريا تواجه أزمة غذاء غير مسبوقة، حيث يفتقر أكثر من 9٫3 مليون شخص إلى الغذاء الكافي.
كما قال برنامج الأغذية العالمي إن عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 1٫4 مليون خلال النصف الأول من العام الجاري.
“لا مواد رخيصة”
وقال حسن أبو سعيد (57 عاماً)، وهو صاحب إحدى محال بيع الفروج واللحوم في مساكن برزة بدمشق، لنورث برس، إن استهلاك اللحوم “يقتصر حالياً على طبقة الأغنياء أما من يحصلون على أجور متوسطة نسبياً فيشترونها بكميات قليلة جداً.”
وأضاف “أبو سعيد” بأسى: “يمكنني القول إن المواطن السوري تحوّل إلى كائن نباتي قسراً وليس طوعاً.”
ويتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج في دمشق أربعة آلاف ليرة سورية، بينما وصل سعر لحم الغنم إلى 15 ألف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد.
وقال سمير عبيد (61 عاماً)، وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية في مدينة جرمانا بريف دمشق، لنورث برس، إن الغلاء طالَ أصناف الخضار والفواكه الموسمية، والتي لا تكوّن وجبة بمفردها.
يضيف البائع: “بصراحة لم تعد هناك أيُّ مواد رخيصة الثمن، فسعر ربطة النعنع أو البقدونس وصلت إلى 200 ليرة.”
مخاطر صحية
ولم يقتصر عجز الحكومة على عدم إيجاد حلول للأزمات المعيشية، وإنما لم تتمكن من وصف المشكلة المتفاقمة في مناطق سيطرتها.
وأثارت تصريحات حكومية منذ مطلع العام الحالي موجات سخرية بين السكان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت بثينة شعبان، المستشارة السابقة للرئيس السوري، قد قالت في برنامج على قناة الميادين، مطلع العام الجاري، إن ارتفاع صرف الدولار لا علاقة له بقانون العقوبات الأميركية (قيصر).
وفسّرت “شعبان” انهيار قيمة الليرة السورية بـ”مضاربات شركات الصرافة.”
وأضافت آنذاك: “اجتمعت مع زملاء مسؤولين عن الاقتصاد السوري وقالوا لي إن الاقتصاد السوري أفضل بخمسين مرة مما كان عليه في عام 2011.”
وقالت هبة حواضري (30 عاماً)، وهي أخصائية تغذية تقيم في دمشق، لنورث برس، إن أكثر ما تفتقده المائدة السورية اليوم، “هي اللحوم الحمراء الغنية بفيتامين ب-12 المهم جداً للدم.”
وأشارت إلى أن المحافظة على الغذاء الصحي المتكامل يتطلّب تعويض نقص البروتينات والفيتامينات بتناول الخضروات وتنويع الوجبات.
وتحذر أخصائية التغذية من الاعتماد على الكربوهيدرات فقط، مثل المعكرونة والرز والبطاطا والخبز.
وأضافت “حواضري” أن كثيراً من السوريين لا يهتمون حالياً بالعناصر الغذائية الموجودة في طعامهم بينما يسأل البعض منهم عن بدائل غذائية أقلُّ ثمناً.
وقالت: “الأسعار حرمت المواطن السوري من أحد أبسط حقوقه، وهو حقه في المحافظة على صحته.”