دبلوماسي في الجامعة العربية يُحدد الثوابت والخلافات العربية بالملف السوري

القاهرة- محمد أبوزيد- NPA 
مرَّ التعامل العربي مع الملف السوري بعدة مراحل مختلفة مُذ بدء الأزمة في آذار/ مارس 2011 وحتى الآن، وما بين نشاط وفاعلية ودور رئيسي، وخمول ومواقف رمادية وخلافات بينية في وجهات النظر، ظلّت المواقف العربية تتأرجح على هامش الأزمة، وصار لاعبون إقليميون ودوليون يتمسكون بتلابيب الملف كلية في غيبة أو في حضور غير فاعل بالشكل المأمول للجانب العربي.
لكنَّ الجامعة العربية –وكما جاء على لسان أمينها العام أحمد أبو الغيط، مراراً وتكراراً، وآخرها لدى لقائه الشهر الجاري المبعوث الأمريكي لسوريا- تؤكد أن الملف السوري “قضية عربية خالصة”، وهو ما يؤكده القادة والرؤساء العرب كذلك، وقد كان التأكيد على ذلك الأمر حاضراً في لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على هامش قمة العشرين، وهو اللقاء الذي تصدرته الأزمة السورية وحصلت على نصيب الأسد منه، طبقاً لما نقله التلفزيون المصري الرسمي.
وتعليقاً على ذلك، تحدث دبلوماسي عربي بجامعة الدول العربية، رفض ذكر اسمه كونه غير مخول للحديث للإعلام بشكل رسمي، عن الموقف العربي من الملف السوري. وحدد لـ “نورث برس” الثوابت التي قال إنه “لا خلاف جوهري على أي منها داخل أروقة جامعة الدول العربية”، والملفات الخلافية الأخرى التي تشهد “شد وجذب” وتمثل حجر عثرة في سبيل الاتفاق على موقف عربي جامع وشامل بصورة كاملة.
ثوابت
وأضاف، في تصريحات هاتفية من العاصمة المصرية القاهرة، أن الثوابت الرئيسية المتفق عليها عربياً فيما يتعلق بالملف السوري هي ثلاثة ثوابت، تنطلق جميعها من اعتبار أن الملف السوري هو قضية عربية بالأساس ولا يمكن تغييب أو غياب دور الدول العربية الفاعلة عنه بأي حال.
أول تلك الثوابت وفق الدبلوماسي العربي وحدة وسلامة الأراضي السورية، وهو أمر لا جدال فيه ولا خلاف، وثانيها رفض التدخلات الخارجية في شؤون سوريا، والتأكيد على ضرورة احترام السيادة السورية. وقال في هذا الإطار: “تُبدي الجامعة والدول العربية هنا حرصاً شديداً على التأكيد على رفض التدخلات الخارجية، وبشكل خاص تدخلات كل من إيران وتركيا المباشرة ميدانياً وسياسياً في سوريا، وما لتلك التدخلات من آثار سلبية وخيمة على المشهد السوري، إضافة إلى رفض أي تدخل أو انتهاك إسرائيلي للسيادة السورية”.
أما عن ثالث الثوابت المُتفق عليها عربياً فترتبط بمستقبل سوريا، ذلك أنه لا خلاف على أن مستقبل سوريا يرسمه السوريون أنفسهم دون وصاية من أحد، وهذا يرتبط بمسألة الدستور وغيرها من المسائل التأسيسية الهادفة إلى التوصل لصيغة للحل تنطلق أساساً استناداً على المقررات الدولية الخاصة بالحل السياسي”. 
خلافات جوهرية
وبخلاف الثوابت الثلاثة، ثمة ملفات خلافية جوهرية على هامش الموقف العربي من الملف السوري، يعتقد الدبلوماسي العربي بأن تلك الملفات “ربما تسهم بشكل أو بآخر من وقت لآخر في تقليص الفاعلية العربية في الملف السوري لصالح قوى وأطراف إقليمية ودولية أخرى خلال الفترات الأخيرة بشكل متقطع، قبل أن تعود الفاعلية العربية بصورة نسبية أيضاً وبشكل مختلف بداية من نهايات العام 2018 وحتى الآن عبر تحركات منفردة لبعض الدول وليس بشكل جماعي عربي، مثل قرارات إعادة فتح سفارات عربية في دمشق”.
ووفق الدبلوماسي تنحصر تلك الخلافات في شقين رئيسيين؛ الأول مرتبط بالمواقف المتضاربة من الحكومة السورية، ذلك أن ثمة دولاً عربية معروفة تؤيد بقاء الحكومة وأخرى تعتقد أن بقائها يكرس الأزمة ويطيل الحرب ومعاناة السوريين، وطرف ثالث يتخذ موقف الحياد باعتبار أن المسألة يقررها الشعب السوري وفق آليات سياسية تفاوضية تنطلق من بيان جنيف الأول.
 
ويضيف “أما الشق الثاني من الخلافات، فيرتبط بالنظرة إلى الفصائل والجماعات المسلحة، والتمايز بينها، ففيما تنظر بعض الدول لبعض الفصائل على أنها فصائل “إرهابية”، ترتبط دول أخرى بعلاقات معها وتدخل في صفقات مختلفة”.
واختتم الدبلوماسي حديثه مع “نورث برس” بالإشارة إلى أنه “لا يمكن تجاهل أهمية الدور العربي في أي قرارات وتحركات تخص الملف السوري، حيث أن هذا الملف صار أزمة متشعبة وبها لاعبون مختلفون، وهناك حروب بالوكالة تتم في سوريا، والقضية عالمية، ولابد من تضافر جهود المجتمع الدولي بنوايا صادقة لحل الأزمة عبر المقررات الدولية ذات الصلة بالملف السوري، على أن تكون الدول العربية شريكة وممثلة في أي مفاوضات أو أي قرارات تُتخذ بهذا الشأن، باعتبارها في المقام الأول قضية تمس الأمن الإقليمي والعالمي بصفة أساسية، وتهدد أمن واستقرار المنطقة بشكل خاص”.