السويداء – نورث برس
لم تستطع عائلات في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، الحصول على مخصصاتها من مادة مازوت التدفئة وسط نقص توفرها وبطءٍ شديدٍ في توزيع المتوفر منها.
وتستمر الحال هذه في ظل عدم توفّر بدائل أخرى، فأسعار الحطب مرتفعة والتغذية بالكهرباء تتجه لمزيد من التقنين.
وبدأت المنخفضات الجوية لهذا الشتاء في المحافظة التي توصف بأنها شديدة البرودة كونها تقع على مرتفع جبلي.
عود لا تُكتَمل
وقالت لمية عزام، وهي ربّة منزل تسكن في السويداء المدينة، إن دور توزيع المازوت وصل إلى حيّها قبل شهر ونصف، وتوقف قبل منزلها لنفاد الكمية في الصهريج.
ورغم أن الموزعين وعدوها أن صهريجاً آخر سيأتي في اليوم التالي، إلا أنها ما تزال تنتظره حتى اليوم.
وكان توزيع مادة المازوت قد بدأ، قبل شهرين تقريباً، بإعلان شركة “محروقات” الحكومية عن مخصصات 200 ليتر للعائلة الواحدة، لكن التوزيع توقف بعد بضعة صهاريج، ليبدأ انتظار سكان تساءلوا عن مصير مستحقات لم يحصلوا عليها.
وعادت الشركة الحكومية لتعلن عبر موقعها لاحقاً عن تخفيضها للكمية المخصصة للعائلة الواحدة إلى 100 ليتر فقط كدفعة أولى بذريعة تسريع عملية التوزيع، الأمر الذي أثار استياءً عاماً بعد أن حصلت نسبة قليلة من السكان على 200 ليتر.
شحّ المادة دفع بعض السكان لاتهام اللجان المكلّفة بالتوزيع باتباع محسوبيات، إذ بدؤوا بمعارفهم وأقاربهم.
ورغم إعلان مصدر في مديرية التجارة بالمحافظة، في تصريحات إعلامية، رفع كمية الطلبات الواردة إلى المحافظة من سبع إلى عشر طلبات يومياً، لم يصل المازوت بعد إلى غالبية الأسر في المحافظة.
بدائل لا تطالها الأيدي
ويتخوّف أرباب عائلات من عدم حصولهم على المادة أو رفع سعرها قبل أن يصلهم الدور، الأمر الذي سيزيد من الأعباء المعيشية المتفاقمة أصلاً.
وقد يدفع المتوجه اضطراراً لشراء المازوت من السوق السوداء في السويداء 1000 ليرة سورية مقابل ليتر واحد من مازوت التدفئة (200 ألف للبرميل)، وهو مبلغ لن تتمكّن غالبية العائلات من تأمينه.
وفكّر سامر السمّان، وهو من سكان السويداء، بتركيب مدفأة حطب لتأمين بعض الدفء لأفراد عائلته، لكنه تفاجأ بالأسعار وسط نقص توفّر كميات الحطب في الأسواق.
وحتى مع توجهه، وفق نصيحة أحد معارفه، لشراء تفل الزيتون (وهي مكعبات تصنع من بقايا الزيتون بعد عصره)، اكتشف أنها لم تعد متوفرة وأن البعض كان قد حجز كميات منذ الصيف الماضي.
ووسط هذه الحال، دخلت كهرباء السويداء في تقنين جديد مع بداية الشتاء ليصبح النظام ثلاث ساعات تغذية مقابل ثلاث ساعات انقطاع، عدا عن الانقطاعات المتكررة نتيجة الأعطال الكثيرة في الشبكة.
كما لا يمكن الاعتماد على الغاز المنزلي لأن الأسطوانة التي تحصل عليها العائلة بالكاد تكفي الطهي.
“ليترات تحدد مستقبلاً”
تقول سهى خير الدين، وهي إدارية في مدرسة ثانوية بمدينة السويداء، إن شحّ مادة المازوت شمل المدارس أيضاً، “ولا يوجد في غرفتي أيُّ شكلٍ من أشكال التدفئة.”
واضطرت إدارة الثانوية التي تداوم فيها سهى لتقليل عدد المدافئ، وكانت غرفتها من ضمن الغرف التي أُلغيت تدفئتها.
ولا تستطيع تأكيدات الجهات الحكومية طمأنة السكان الذين اعتادوا على النكث بالوعود من قبل الحكومة، يُضاف إلى ذلك خوفهم من ارتفاع سعر مازوت التدفئة أسوةً بالبنزين والمازوت الصناعي.
من جانبها، تقول ريما نصر، وهي طالبة تستعد لتقديم امتحانات الشهادة الثانوية بعد أشهر، إن البرد يعيق متابعتها لدراستها.
وتضيف لنورث برس: “أحاول أحياناً استخدام الأغطية، لكنها ليست طريقة مجدية خاصةً إن كان عليَّ إقران القراءة بالكتابة وحلُّ التمارين.”
وتخشى ريما على دراستها هذا العام والنتيجة التي ستقرر مصير مستقبلها الجامعي.
تقول بأسى: “تخيّل أن يتحدد مصيري ومستقبلي بسبب بضعة ليترات من المازوت.”