سياسيون ونخب سورية تستهجن خطاب الرئيس السوري في جامع العثمان
قامشلي – نورث برس
أثار خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، في الاجتماع الدوري لوزارة الأوقاف في جامع العثمان بدمشق، مؤخراً، ردود فعل مستهجنة من جانب نخب سورية وسياسيين.
ورأوا أن الرئيس الأسد يحابي شريحة كبيرة من السوريين لأهداف انتخابية فضلاً، عن أن كل ما حفل به الخطاب يمكن تفنيده.
وتلقف الرئيس الأسد، متأخّراً ومجتزأً في خطابه خطورة السّياسة النيوليبرالية، دون الانتباه إلى الجزء الأخطر منه، ألا وهو الشّق الاقتصادي.
والأقسى من ذلك، كما رآه مراقبون، كان اتّهامه للتّيارات العلمانيّة بتسويقها للنيوليبراليّة، مع أنّ معظم هذه التّيارات هي من حذّرت مراراً وتكراراً من خطورة النيوليبراليّة، واكتوت بنارها ودفع البعض منهم عمره في غياهب السجون لأنه انتقد الليبرالية والفساد.
متأخر كثيراً
إن حديث الرئيس الأسد عن الليبرالية، جاء متأخراً لأكثر من عقدين من الزّمن.
ومخاطر النيوليبرالية اجتاحت المجتمع السّوري، وأنشأت قنوات دينيّة متطرّفة وطائفيّة، وقنوات فنيّة هابطة، مع ترهّل الإعلام السّوري، ما وضع الأجيال أمام خيارين، (التّطرّف والانحلال)، بحسب المراقبين.
ولا يقل الشّق الاقتصادي لليبرالية، خطورةً عن الشّق الثّقافي والعقائدي، فحكومات الرئيس الأسد المتعاقبة هي من احتضنت النيوليبراليّة الاقتصاديّة.
وعليه بات السوريون يسيرون في اتجاهيّن متناقضين، الغنى الفاحش للقلّة القليلة والفقر المدقع للأغلبيّة السّاحقة، وبالتّالي القضاء على الطبقة الوسطى.
أخطاء الفلاسفة
وحول ما قال الرئيس الأسد أن الدّين هو الحجر الأساس لتماسك المجتمعات، وانهيار الدين يعني انهيار المجتمع، تساءل أحدهم لماذا لم تنهار الدوّل الأوروبية التي انهار فيها الدّين وأصبح دوره مهمّشاً وثانويّاً؟.
ولماذا جميع الدّول الدينيّة على مختلف دياناتها تعجُّ بالفوضى والحروب، والفساد؟.
ووصف محللون، كلام الأسد عن أن “العلمانية لا تعني فصل الدين عن الدولة”، بـ”الخلطٌ الخاطئ.”
وجاء هذا الوصف، بحسب المحللين، “لأنه وفق مفهوم الرئيس الأسد، فإن ما تحدث به أبيقور وجان لوك، وفولتير، وبارخ، في عصر النّهضة، أو كما تم تعريفها في دائرة المعارف البريطانيّة ، كان خطأ فادحاً.”
واعتبر الرئيس السوري العلمانيين سذّجاً، أو “خونة “وهم أقليّة ضئيلة تكاد تكون معدومة.
وعليه قال ناشط فيسبوكي “إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يتم طرح استفتاء شعبي حول (علمانيّة) الدّولة السّوريّة، ويتم تعرية هؤلاء الخونة والمرتبطين بالخارج؟.”
العروبة
وحول موضوع العروبة، قال الرئيس الأسد إن العرب وجدوا في سوريا على الأقل منذ القرن العاشر قبل الميلاد.
ولا أحد ينكر هذا، حسبما أشار محللون، لكن الصواب أيضاً، أن العرب لم يكونوا وحدهم في سوريا، بل هم جزء من هذه البقعة الجغرافيّة كما كان الآراميون، والكنعانيّون، والسومريّون، والآكاديّون وغيرهم.
وهذا لا يعني أن سوريا كانت عربية، أو آرامية، أو فينيقيّة أو غيرها، بل سوريا كانت سوريّة بكل مكوّناتها، ولا يمكن تذويبها في بوتقة العروبة فثمة أقوامٌ اليوم تتكلّم العربية وهي ليست عربيّة.
وذهب بعض المعلقين للقول إن “عربنة” سوريّا بالقوّة لن تقنع الكردي، والآرامي، والآشوري، والأرمني، والتركماني، والشركسي وغيرهم بأنّهم عرب ولو تكلّموا العربيّة، بينما يمكن أن تجمعهم سوريّتهم.
بدوره رأى يحيى العريضي عضو هيئة التفاوض السورية المعارضة، أن تلك المحاضرة الدينية تعكس حالة إفلاس واستنفاد لجعبته الاستبدادية.
كما تترجم السقوط المدوي لسردية الكذب الإيديولوجية، حيث تم الولوج في هذه العوالم، بحسب العريضي.
أما لؤي حسين، رئيس تيار بناء الدولة المقيم خارج سوريا رأى أن ما قاله الرئيس الأسد “لا يمكن غض النظر عنه، واعتباره أمراً بسيطاً أو موضوعاً من حق رئيس الجمهورية أو صلاحياته أن (يفتي) فيه وفق قناعاته الشخصية.”
وقال: “لن نقبل إطلاقاً بأن تكون الدولة السورية تقوم بتسييس الدين، فتمايل طرفاً وتقهر طرفاً آخر وتنبذ غيره.”
وأضاف: “نحن نريد دولة محايدة تجاه العقائد والأديان والطوائف، أي دولة علمانية تحمي جميع الأديان والعقائد والطوائف بشكل متساوي من خلال فصل الدين عن السياسة.