تشكيلي سوري: اتحاد الفنانين التشكيليين ميليشيا والمؤسسات الرسمية تحجب الجمال وتروّج للقبح
دمشق – نورث برس
بعد انتخابات مجالس الفروع في المحافظات والتي كان آخرها فرع دمشق، خلال الشهر الفائت، تجري التحضيرات لانتخابات المجلس المركزي لاتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا.
يأتي هذا في وقت يرى فيه فنانون سوريون أن استئثار متنفّذين بالساحة الثقافية الرسمية في دمشق، أغلق أبواب العمل الثقافي أمام شباب ومبدعين، ليبقى ذوو النفوذ يحتكرون الفرص دون تحقيق نتائج مرضية.
“ميليشيا لإرعاب الفنانين”
ووصف عبد الحميد فياض، وهو فنان تشكيلي سوري، اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا بـ”مجموعة تحمي مصالحها للتحكّم بمصير الفنانين ومقدراتهم وسرقة أموالهم.”
وأضاف في حديث لنورث برس: “إنهم يشكلون ميليشيا لإرعابنا، ونحن ﻻ نحترمهم و نبقي على عضويتنا في الاتحاد كشوكة في حلوقهم إلى أن تعود لنا نقابتنا التي عفّشوها بسلطتهم وتقاريرهم الأمنية.”
وعبد الحميد فياض، فنان من مواليد مدينة الرقة، عمل مدرّساً للفن التشكيلي في جامعات ومعاهد الفن السورية حتى العام 2015، وأقام أول معرض له في العام 1969.
ويرى الفنان السوري أن ما يجري بدأ منذ العام 2000، وأن المؤسسات الفنية الرسمية ووزارة الثقافة لعبت دوراً سلبياً من خلال “الحروب التي شنّتها على كل فنان أصيل وحر، بينما تبنّت كل ما هو تافه ومشوَّه وصنعت عصابات وتجمّعات بديلة عما كان سائداً من جمال وحب وحرية وحرفية.”
وكان التشكيل السوري قد بدأ مع بداية القرن العشرين بجهود فردية لمجموعة من الفنانين الروّاد الذين تعلّموا في الغرب، ولم يكن لهم سوى قليل من التأثير على معاصريهم من الموهوبين الشباب.
ويرى فنانون أن جيل خمسينيات القرن الماضي أكثر جرأة وحرية حين بدأت ظاهرة المعارض، لتظهر بعض الصاﻻت الرسمية والخاصة في أواخر الستينيات.
لكن التحوّل الكبير وبداية تشكّل ملامح خاصة للتشكيل السوري حدث في السبعينيات والثمانينيات على يد خريجي كلية الفنون الجميلة، إلى جانب عودة بعض الدارسين في الخارج.
“وصار النتاج السوري يجاري أهم مراكز الفن العربي في مصر والعراق والمغرب العربي، ويتجاوزه أحياناً ليقترب من التجارب العالمية”، بحسب الفنان السوري عبد الحميد فياض.
“اتحاد بلا فنانين”
وكانت حملة سخرية قد بدأت على صفحات التواصل الاجتماعي تضمّنت تشكيكاً بنزاهة انتخابات فروع اتحاد الفنانين التشكيليين التي أجريت في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت.
وكتب النحات معن محمود ساخراً: “مبروك لعصابة اتحاد التشكيليين، ونتمنى أن تصرفوا المساعدات الفورية للمرضى وأن لا تسرقوها.”
أما أيمن الدقر، وهو نقيب الفنانين التشكيليين السابق، فكتب تعليقاً على إحدى المنشورات المطالبة بإلغاء تسمية الاتحاد والعودة لاسم “نقابة الفنانين التشكيليين”.
وقال “الدقر”: “استدعوا النقباء والمجالس السابقين واستجوبوهم واسألوا لماذا وصلنا إلى ما نحن عليه، وحوّلوا المخطئين الى المحاكم بدعاوى جماعية عليهم بعد الاستماع لأجوبتهم.”
أما الفنانة ريما الزعبي فكتبت: ” اتحاد الفنانين التشكيليين بلا فنانين.. فقط في سوريا “
“ركاكة واستسهال”
وأضاف عبد الحميد فياض أن “الحرب أحدثت تحوّلاً سلبياً وفوضى وركاكةً واستسهالاً.”
فالتخريب المبرمج أدى لسقوط المؤسسات الرسمية الفنية في أوحالها وأهدافها، وأغلقت الصاﻻت الخاصة وبقيت الرسمية تمارس دورها النفعي في “حجب الجمال والترويج للقبح”، على حدِّ قول “فياض”.
ولكن ما أنقذ الموقف، برأي الفنان السوري، هو أن بعض الصاﻻت الخاصة تداركت الموقف وفتحت أبوابها من جديد، “فلولاها لما وجد أيُّ فنان حر وجميل مكاناً ليعرض فيه.”
ويعتقد “فياض” أن اتحاد الفنانين التشكيليين كان “مجرّد مؤامرة لإخضاع الفنانين للخطوط والمحاور التي تقوّض الحرية والديمقراطية والتنوّع.”
وعن نشاطات المراكز الثقافية والفنية، قال “فياض” إنها “مجرّد دعاية إعلانية مفادها أننا ما نزال بخير، ولكن نوع ومستوى أنشطتها تقول عكس ذلك.”
وعن الحركة النقدية للفن التشكيلي، رأى أنها “لم تنتج نقداً يواكبها، فقد كانت الحركة التشكيلية السورية دائماً تسبق النقد بأشواط كبيرة، رغم وجود بعض النقاد في الفترة ما بين سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي.”
ويرى فنانون أن الحركة التشكيلية السورية تشوّهت مؤخراً بسبب الحرب وهجرة بعض الأسماء المهمة التي كانت فاعلةً في المناخ التشكيلي السوري وانكفاء البعض الآخر عن الإنتاج والعرض.
ويقول “فياض” إن الانقسامات الفكرية والسياسية التي أفرزتها الحرب “سهّلت تسلّق بعض الهامشيين وأنصاف الموهوبين لسدّة المنابر والصاﻻت الرسمية.”