سكان ووجهاء يحمّلون موسكو وواشنطن مسؤولية ما يحدث على الطريق الدولي

قامشلي – نورث برس

يجلس فرحان حسين (80 عاماً) على الرصيف المقابل لمنزله في مدينة قامشلي، شمال شرقي سوريا، على أمل أن يجتمع مع أصدقاء أو جيران ويسألهم عما يحدث في المنطقة مؤخراً.

وكثّفت القوات العسكرية التركية وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لها، خلال الأسابيع الأخيرة، قصفها على منطقتي عين عيسى وتل تمر الواقعتين على الطريق الدولي الذي يربط شرقي سوريا بغربيها.

ويرى سكان ووجهاء في مدينة قامشلي إن روسيا والولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب الأمم المتحدة، تتحمّل مسؤولية حماية السكان في مناطق عين عيسى وتل تمر والحفاظ على استقرار المنطقة.

يقول “حسين” إن القصف التركي على عين عيسى وتل تمر يهدف إلى احتلال الأرض ونهب الأملاك واختطاف الشباب كما حدث في عفرين، بحسب قوله.

وتخضع منطقة عفرين على الحدود السورية-التركية منذ آذار/مارس 2018 لسيطرة القوات العسكرية التركية وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لها، ووثقت عشرات التقارير المحلية والدولية الانتهاكات فيها.

ويسكن الرجل الثمانيني شمال الحي الغربي في قامشلي، وهي منطقة قريبة من الحدود السورية-التركية وطالتها قذائف مدفعية أثناء الاجتياح التركي عام 2019، الأمر الذي يزيد من قلقه.

وسيطرت القوات التركية آنذاك وبمشاركة فصائل سورية على المنطقة الممتدة من مدينة سري كانيه (رأس العين) إلى مدينة تل أبيض على الحدود السورية-التركية.

ويضيف “حسين” لنورث برس: “هذه قضية، ويجب على الأمم المتحدة الوقوف عليها ووضع حدٍّ لتركيا والمعارضة السورية اللتين تشنّان هجمات متكررة على مناطقنا.”

في هذه الأثناء، كان الحاج أكرم دلّي، وهو أحد أبرز وجهاء عشيرة ميرسينية الكردية، ينتظر قدومنا في مضافته بمنزله الكائن في حي السياحي بمدينة قامشلي.

وتُعدُّ المرسينية إحدى العشائر الكردية البارزة في الجزيرة السورية، وهي حلف يتألف من عدة عائلات معروفة يتوزع أفرادها بين جنوب شرقي تركيا وشمال شرقي سوريا.

يقول “دلّي” لنورث برس، إن القصف التركي يزعزع الاستقرار في المنطقة ما يؤدي إلى نزوح المدنيين من المناطق القريبة من القصف “وهذا هو هدف تركيا”، عل حدِّ قوله.

وتخضع المنطقة منذ تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي لاتفاقٍ بين موسكو وأنقرة وآخرٍ بين واشنطن وأنقرة يقضيان بوقف العمليات العسكرية في شمال شرقي سوريا.

ويشير “دلّي” إلى أن المناطق الواقعة أقصى الشرق والتي تتواجد فيها القوات الأميركية، “هي الأقل تعرضاً لخروقات وقف إطلاق النار على عكس مناطق التواجد الروسي.”

ويرى أن “الجانب الروسي يبقى متفرّجاً والهدف من ذلك هو الضغط على قوات سوريا الديمقراطية لتسليم هذه المناطق إلى قوات الحكومة السورية.”

وشارك أكرم محمد (50 عاماً)، وهو من سكان حي الأربوية، في اعتصامٍ يوم أمس الاثنين أمام مقرّ الأمم المتحدة في قامشلي للتنديد بالهجوم التركي.

وقال: “من الممكن أن تتكرر سيناريوهات عفرين وسري كانيه وتل أبيض في عين عيسى وتل تمر ما لم تتدخل الدول العظمى وتضع حدّاً للخروقات التركية المتكررة.”

وأضاف لنورث برس: “لكنهم لا يحاسبون تركيا على أفعالها، وفي هذه الحال نتوقع منها كل شيء ما دام الكل يتركها تفعل ما تريد.”

وتشهد مناطق الإدارة الذاتية، بين الحين والآخر، اعتصامات في الساحات العامة وأمام مراكز ومقرات لمنظمات دولية، يقول “محمد” إنها لا تفعل شيئاً “وهي موجودة بالاسم فقط.”

ومن جهته، حمَّل حكم خلو، وهو عضو ديوان هيئة أعيان شمال وشرق سوريا، المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة أمام “التنمّر التركي والتهديدات المستمرة للمنطقة.”

وتضمُّ الهيئة، وهي منظمة مدنية غير حكومية، رؤساء عشائر ووجهاء مجتمع وأعيان من مختلف مكوّنات مناطق شمال شرقي سوريا.

يقول “خلو” لنورث برس، بينما يتصفح عبر هاتفه الجوال المستجدات الأخيرة: “هناك اتفاقيتان وتتحمّل كل من الولايات المتحدة وروسيا مسؤولة تنفيذهما.”

وأضاف: “أي تهديد لمنطقتي عين عيسى وتل تمر سيؤدي إلى تأزم الوضع الإنساني ونزوح السكان من ديارهم، وهذا يؤثر سلباً على استقرار المنطقة.”

إعداد: هوكر العبدو – تحرير: حكيم أحمد