نازحون من دير الزور: مضايقات فصائل تابعة لإيران وتردي الوضع المعيشي تسببت بنزوحنا

دير الزور- نورث برس

قال أشخاص نزحوا مؤخراً من مناطق سيطرة قوات الحكومة السورية في دير الزور، إن تردي الوضع المعيشي ومضايقات فصائل تابعة لإيران تسببت في تركهم لمنازلهم والتوجه إلى مناطق خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية بدير الزور.

ويقسّم نهر الفرات جغرافية دير الزور إلى قسمين شمالي الفرات (الجزيرة) واقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وجنوبي النهر (الشامية) واقعة تحت سيطرة قوات الحكومة السورية وفصائل تابعة لإيران.

وترتبط مناطق سيطرة قسد في دير الزور بنحو عشرة معابر نهرية مع مناطق قوات الحكومة السورية.

“غلاء ومحسوبيات”

وقال أحمد ملا (40 عاماً)، الذي انتقل من قرية السكرية التابعة لمدينة البوكمال إلى مدينة هجين بالريف الشرقي، إن المنطقة الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية تشهد ارتفاعاً في أسعار المواد في ظل انعدام فرص العمل.

وأضاف أن ممارسات السلطات العسكرية والميليشيات هناك تزيد الوضع المعيشي صعوبةً، “فلا يُسمَح لك برخصة فتح محل، إلا إذا كان لديك شخص مقرّب ضمن القوات الحكومية أو الميلشيات الإيرانية.”

ويبلغ سعر أسطوانة الغاز في مناطق خاضعة للسيطرة الحكومية بدير الزور 15 ألف ليرة سورية، بينما يبلغ سعر اللتر الواحد من المازوت 500 ليرة، كما يبلغ سعر اللتر الواحد من الزيت النباتي ثلاثة آلاف ليرة، وفقاً لأشخاص نزحوا مؤخراً من تلك المناطق.

 وقَدِم “ملا” منذ شهرين إلى مدينة هجين ويقيم بمنزل يبلغ إيجاره 20 ألف ليرة شهرياً، ويعمل في صيانة وتصليح مولدات الكهرباء الخاصة.

ورغم أن مناطق بريف دير الزور الشرقي قد شهدت، خلال الأسبوع الماضي، احتجاجات للمطالبة بتحسين الخدمات والمعيشة ومرافق الصحة والتعليم، لكن النازح “ملا” قال إن وضعه الحالي “جيد” بالنسبة لما عاناه سابقاً.

ويبلغ عدد القادمين من مناطق سيطرة القوات الحكومية والميليشيات الإيرانية إلى مدينة هجين ما يقارب ثمانية آلاف، بينهم سبعة آلاف شخص من المناطق الممتدة من الميادين إلى البوكمال، بحسب مجلس مدينة هجين.

وذكر “ملا” أنه كان ينتظر ساعات في طابور أمام الفرن دون تمكنه من الحصول على الخبز، “كان سعر الخبز رخيصاً فهو لا يتجاوز 300 ليرة للربطة الواحدة، لكن في أغلب الأوقات لم أكن أستطيع الحصول عليه بسبب الازدحام ونفاد الكمية.”

وكان منزله قد تعرّض للسرقة أثناء المعارك التي دارت بين القوات الحكومية وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عام 2017، “وعندما عدت إلى منزلي بعد عام من طرد داعش، لم أجد سوى الجدران.”

“إتاوات ورشاوى”

وقال خليل البرغش (29 عاماً)، وهو نازح من مدينة البوكمال، إنه كان يتعرّض لمضايقات يومية من قبل الحواجز الأمنية التابعة للقوات الحكومية وفصائل عسكرية تابعة لإيران.

ولم يكن عمل “البرغش” كموظف في البلدية يحميه من الحواجز العسكرية، “فرغم أنني أحمل مهمة موظف إلا أنها لم تحمني من مطالبتي بدفع رشوة هنا وإتاوة هناك للعناصر المتواجدين على الحواجز.”

وتوجه “البرغش”، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى بلدة شعفة بريف دير الزور الشرقي، وسكن مع أقرباء له هناك.

ويجد “البرغش” أن لا فارق كبير بين الأسعار في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة والتي تديرها قسد، “لكن الفرق يكون بالدخل، كنت أتقاضى 30 ألف ليرة شهرياً، لكن ثمن جرة الغاز كان نصف راتبي.”

ويعمل “البرغش” حالياً مدرّساً بإحدى مدارس بلدة الشعفة ويتقاضى راتباً يبلغ 200 ألف ليرة شهرياً، “هذا المبلغ يكفيني لأعيل أسرتي.”

وكان العشرات من نازحي قرى بريف دير الزور الشرقي، قد خرجوا خلال شهري آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر الماضي في مظاهرة احتجاجية مطالبين باستعادة قراهم من سيطرة القوات الحكومية وفصائل تابعة لإيران.

ورفع النازحون حينها لافتات حملت شعارات طالبت التحالف وقوات سوريا الديمقراطية باستعادة قراهم.

وقال عبد الوهاب الداغر (62 عاماً)، وهو نازح من منطقة السيال التابعة لمدينة البوكمال، إنه ترك منزله “بسبب تعرّضنا للتشليح والسرقة عدة مرات من قبل عناصر الميلشيات ولا نستطيع مقاومتهم أو حتى الوقوف بوجههم.”

وقال صلاح الإسماعيل، وهو رئيس مجلس مدينة هجين، إنه بعد التأكد من الأوضاع الأمنية للقادمين، تم دمجهم ضمن المؤسسات المدنية “ولهم حق في التوظيف والمساعدات وغيرها.”

واعتبر “الإسماعيل” أن القادمين من مناطق قريبة خاضعة لسيطرة القوات الحكومية “لا يُعتَبرون نازحين، ولا نعاملهم على هذا الأساس، فنحن نرحّب بهم وبيوتنا وقلوبنا مفتوحة لهم.”

إعداد: محمد علي – تحرير: سوزدار محمد