ردود فعل على العقوبات الأميركية المفروضة على تركيا بسبب (S-400)

إسطنبول ـ نورث برس

انتقدت روسيا، الثلاثاء، فرض الولايات المتحدة عقوبات على تركيا بسبب شرائها منظومة (S-400) الروسية. وأدانت إيران من جانبها تلك الخطوة واصفةً إياها بأنها “ازدراء للقانون الدولي.”

وأعلنت واشنطن فرض عقوبات على تركيا استهدفت مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية، على خلفية تزودها بمنظومة الدفاع الجوي ( (S-400 الروسية، في حين شهدت الليرة التركية تأثراً واضحاً بذلك وفق مراقبين.

وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية، أمس الاثنين، على قائمة العقوبات كلا من رئيس الصناعات الدفاعية بالرئاسة التركية إسماعيل دمير، ومسؤولي المؤسسة مصطفى ألبر دنيز، وسرحات غانتش أوغلو، وفاروق ييغيت.

ووصف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فرض تلك العقوبات بـ”الخطوة الجديدة غير الشرعية” من قبل واشنطن.

وقال لافروف: إن العقوبات الأميركية “دليل جديد على الموقف المتكبر إزاء القانون الدولي، والإجراءات غير الشرعية والأحادية التي تستخدمها الولايات المتحدة ومنذ وقت طويل، على اليسار وعلى اليمين”.

وأضاف: “أظن أن ذلك لا يزيد من مرجعية الولايات المتحدة على الساحة الدولية كمسؤول في تقاسم العمل الدولي المشترك، بما في ذلك في مجال التعاون العسكري التقني”.

وفي 25 تموز/يوليو 2019، قامت تركيا بإتمام المرحلة الأولى من تسلم منظومة الدفاع الروسية ( S-400)، رغم التهديدات الأميركية بفرض عقوبات اقتصادية على أنقرة.

وأدان وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف اليوم الثلاثاء، العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على تركيا، ووصفها بأنها “ازدراء للقانون الدولي”.

وكتب ظريف على تويتر: “إدمان الولايات المتحدة للعقوبات وازدراء القانون الدولي يظهر بوضوح تام مرة أخرى. ندين بشدة العقوبات الأميركية الأخيرة على تركيا ونقف مع شعبها وحكومتها.”

وتتزامن تلك العقوبات الأميركية مع ضغوطات من الاتحاد الأوروبي على تركيا والتلويح بعصا العقوبات لكبح جماحها شرقي المتوسط، في ظل منح الفرصة تلو الأخرى لتركيا من أجل تقديم التنازلات.

وجاء في بيان وزارة الخزانة الأميركية أن “الولايات المتحدة أوضحت لتركيا على أعلى المستويات وفي مناسبات عديدة أن شرائها منظومات S-400 الروسية للدفاع الجوي، من شأنه أن يعرض أمن التكنولوجيا والأفراد العسكريين الأمريكيين للخطر.”

بالإضافة إلى أنه “يوفر أموالاً كبيرة لقطاع الدفاع الروسي، فضلاً عن وصول روسيا إلى القوات المسلحة التركية وصناعة الدفاع.”

ردود فعل

وأثارت هذه العقوبات ردود فعل غاضبة لدى تركيا، إذ أعرب رئيسها رجب طيب أردوغان، عن خيبة أمله جراء فرض الولايات المتحدة عقوبات على تركيا.

وقال إن “تركيا تكافح في الوقت نفسه العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية الإقليمية والعالمية، وبينما نتوقع دعماً لجهودنا هذه، فقد واجهنا اتهامات غير عادلة”.

ودعا أردوغان، واشنطن إلى “دعم كفاح تركيا ضد التنظيمات الإرهابية والقوى التي لديها أطماع في منطقتنا بدلاً من فرض العقوبات”.

أما رئيس الصناعات الدفاعية التركية، إسماعيل دمير فشدد على أن  “قرار العقوبات، لن يعيق عمل مؤسسته بأي شكل من الأشكال”.

من جهته، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، إن “تركيا ستواصل اتخاذ الخطوات التي من شأنها الوصول إلى أهدافها في مجال الصناعات الدفاعية بكل حزم”.

واستنكرت وزارة الخارجية التركية القرار الأميركي وذكرت في بيان أن “تركيا ستتخذ الخطوات اللازمة ضد هذا القرار الذي سيؤثر حتماً على علاقات البلدين، وسترد عليه بالشكل والزمان المناسبين.”

“فك ارتباط”

وقال مصدر تركي (فضل عدم الكشف عن اسمه) لنورث برس: إن “الإدارة الأميركية تحاول الضغط على تركيا لفك ارتباطها مع روسيا وإيران عن طريق التهديد بدعم المعارضة تارة وفرض العقوبات عليها تارة أخرى”.

ورغم فرض العقوبات اليوم على أشخاص مهمّين في تركيا “لكنها لم تشمل مؤسسات اقتصادية تركية وبالتالي يكون أثرها على الاقتصاد التركي ضعيف”، بحسب المصدر.

وقال حتى لو سارت إدارة الرئيس الجديد جو بايدن على نفس نهج العقوبات الأميركية، فإن هذا لن يؤثر ما دام يتعلق بأشخاص، ولم يطل مؤسسات اقتصادية حكومية.”

ورأى مصدر آخر مهتم بالشأن التركي (طلب عدم ذكر اسمه)، أن العقوبات هي رسالة للجانب التركي للانفكاك عن المشروع الروسي وضرورة العودة إلى حلف الناتو.

وقال: “ربما تتطور تلك العقوبات بموجب التحديات لكن لا بد من إيجاد البديل وفي حال لم يوجد، فستبقى تركيا متمسكة بالصفقة وهذا مرهون بالجانب الأميركي.”

وأشار المصدر إلى أن تركيا ترى أن الضغط الأكبر عليها يتمثل بعملية سحب منظومة الدفاع الجوي لحلف الناتو من تركيا والمتواجدة في قاعدتي ديار بكر وأضنة.

وفي عام 2015، سحبت كل من هولندا وألمانيا أجهزتها الموجودة في تركيا، وأعلنت الولايات المتحدة في العام نفسه بأنها ستسحب أجهزتها الدفاعية “لعدم حاجة تركيا إليها.”

وأضاف: “تبين المصادر العسكرية التركية بأن تركيا في أمس الحاجة لهذه الأجهزة وأن أسباباً استراتيجية وسياسية خفية جعلت الدول المذكورة أعلاه تقوم بسحب أجهزتها.”

وكان قرار سحب هذه الأجهزة يمتد إلى كانون الثاني/ يناير 2016، “وبالتالي تأتي عملية سحب منظومة الدفاع الجوي باتريوت على خلفية دخول تركيا عسكرياً في الملف السوري”، بحسب المصدر.

“مصالح متبادلة”

ويرى مختص بالشأن التركي (فضل عدم ذكر اسمه)، أن العقوبات هي مصالح متبادلة بين الولايات المتحدة وتركيا.

ومن خلال العقوبات تكون الولايات المتحدة حققت هدفها بحرمان تركيا من امتلاك المقاتلة الجديدة، بينما تعاملت أنقرة بندية ووسعت نطاق الشراكة مع الجانب الروسي، بحسب المختص.

وأشار إلى أن العقوبات تكون “في نهاية المسار كردة فعل أميركية تحفظ لها ماء وجهها.” 

وعقب القرار الأميركي، شهدت الليرة التركية انخفاضاً بنسبة 1% مقابل الدولار. 

ووفق وكالة “رويترز”، تعافت الليرة من خسائرها التي منيت بها في وقت سابق وجرى تداولها عند 7,835 مقابل الدولار في الساعة 19:05 بتوقيت جرينتش، مرتفعة 0.2% على مدار اليوم. 

وقبيل الإعلان الأميركي جرى تداول الليرة عند 7.9 أمام الدولار، وسط توقعات مراقبين بانهيارها جراء فرض تلك العقوبات.

إعداد: سردار حديد ـ تحرير: محمد القاضي