البحث عن الدفء في مخيمات إدلب.. لا حلول آمنة بالنسبة لعائلات نازحة

إدلب – نورث برس

منذ ساعات الصباح الأولى، يخرج يوسف أحمد (14 عاماً) من خيمته على الحدود السورية-التركية بالقرب من بلدة عقربات شمال إدلب، إلى البساتين المحيطة للبحث عما يمكن إشعاله وسط أسعار مرتفعة لوقود التدفئة بأنواعه.

وقال يوسف لنورث برس، إن تلك عادته في صباح كل يوم، وإنه يجمع أي شيء يمكن استخدامه لتدفئة أفراد عائلته في الخيمة.

وبات تأمين أي نوع من وقود التدفئة أمراً بالغ الصعوبة لسكان مخيمات شمال إدلب على الحدود مع تركيا، إذ أن أسعارها مرتفعة وسط أوضاع معيشية متدهورة أصلاً.

وتشهد أسواق الحطب في الشمال السوري ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، إذ يصل سعر الطن الواحد من حطب الزيتون إلى 120 دولاراً أميركياً.

وتحتكر شركة وتد للبترول، التي تتبع حكومة الإنقاذ، بيع المحروقات في المنطقة، وتستغل كل هبوطٍ لليرة التركية مقابل الدولار الأميركي لترفع أسعار المحروقات أضعافاً، بحسب حديث سابق لتاجر من المنطقة.

وحددت “وتد” أسعار المحروقات بالليرة التركية، حيث يبلغ سعر لتر المازوت المستورد 4,70 ليرة تركية (ما يعادل 1626 ليرة سورية)، ويباع المازوت المكرر بأربع ليرات تركية (1384 ليرة سورية).

و تلجأ مئات العائلات النازحة لاستخدام مواد بديلة لوقود التدفئة رغم أنها غير آمنة، وتختلف تلك المواد من عائلة لأخرى بين روث المواشي والأبقار وقطع النايلون والمطاط وقطع الألبسة المهترئة.

وتعتمد يسرى الأحمد (35 عاماً)، وهي نازحة من مدينة كفر زيتا شمال حماة إلى مخيمات أطمة شمال إدلب، على إشعال أحذية و ملابس قديمة لتدفئة أربعة أشخاص تعيلهم.

ويبلغ ثمن كيس الملابس البالية ثلاثة آلاف ليرة سورية، بحسب “الأحمد” التي تقول إنها تستطيع تدبّر أمرها بكيس واحد لأربعة أيام.

وتوفي أربعة مدنيين من عائلة واحدة (أب وأم وطفلاهما) خنقاً داخل خيمتهم في مخيم الضياء في بلدة كللي بريف إدلب الشمالي، مطلع شباط/فبراير الماضي، بسبب سوء وسيلة التدفئة المُستَخدَمة.

وكان أكثر من عشرة أشخاص، بينهم أطفال، توفوا الشتاء الفائت في مخيمات النازحين شمال غربي سوريا بسبب البرد والحروق والاختناقات، بحسب بيان لفريق منسقو استجابة سوريا، صدر في شباط/فبراير الماضي.

وقالت الأربعينية “أم عبد العزيز”، كما عرّفت عن نفسها، وهي من سكان المخيم نفسه، إنها تستخدم روث الحيوانات (الجّلة) والنايلون للتدفئة، بعد عجزها عن شراء الحطب أو المازوت لعائلتها بسبب ارتفاع أسعارهما.

وأشارت إلى أن أطفالها يعانون طيلة فصل الشتاء من الأمراض بسبب رائحة البلاستيك المنبعثة من المدفأة.

وأضافت لنورث برس: “لا أملك خياراً آخر، سنموت خنقاً أو بسبب البرد، لا أمتلك القدرة على شراء المازوت أو الخشب.”

وقامت بعض المنظمات الإنسانية بتوزيع كميات قليلة من “بيرين التدفئة” على بعض العائلات في المخيمات، لتبقى معظمها دون وقود في مواجهة الشتاء القارس.

وينشغل محمد الجاسم (43 عاماً)، وهو ناﺯﺡ من ريف معرة النعمان ويقيم في مخيماﺕ قاح شمال ﺇﺩلب، بتحذير أطفاله من مخاطر المدفأة أثناء إشعال إطارات السيارات القديمة وﺍلعيدﺍﻥ ﻭﺍلنايلوﻥ ﻭﺍلفلين التي قاموا بجمعها.

ويقول لنورث برس إﻥّ مخاطر إشعال هذه المواد لا تقتصر ﻋلى ﺍلجانب ﺍلصحي وحده، بل تتعدﺍﻩ إلى احتماﻝ ﺍشتعاﻝ حريق ﺩﺍﺧل خيمته في أي لحظة.

لكن “الجاسم” يقول إنه عديم الحيلة كغيره، “فنحن الكبار نستطيع تحمّل برد المخيمات، أما الصغار فلن تصمد أجسادهم الهزيلة.”

إعداد: براء الشامي – تحرير: حكيم أحمد