عامان تحت الأرض.. قصة معتقلة سورية ذاقت وبال التعذيب

إدلب- محمد الينايري- NPA 

“كنا تحت الأرض بقرابة ثلاثة طوابق، لم نكن نرى الشمس، ولا نعرف إن كنا في الليل أو النهار، تآلفنا مع الحشائش وحشرات الأرض المختلفة التي كان المكان يمتلئ بها.. على مدار عامين تعرضت لأنواع من التعذيب الجسدي، وكان التعذيب النفسي أقسى وأشد وطأة على النفس”.
تروي الشابة السورية سحر زعتور لـ “نورث برس” قصة اعتقالها في سوريا، والتي امتدت على مدار عامين منذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2014 وحتى العام 2016، بعد اتهامها بالمشاركة في التظاهرات والفعاليات المعارضة.
تقول: “تم اعتقالي في حلب على حاجز الراموسة، وبقيت في السجن لمدة عامين، تنقلت خلالهما بين أكثر من سجن وفرع أمني، حتى وصل بي المطاف في الأخير إلى فرع المخابرات العسكرية الشهير 248 في الشام ، والذي يقع تحت الأرض بثلاثة طوابق”.
أشكال مختلفة من التعذيب
تعرضت زعتور, من مدينة إدلب, لأشكال مختلفة من التعذيب، ترويها لـ “نورث برس” على هامش اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، وذلك بداية من الضرب على الرأس والأذنين، وحتى التعذيب بالضرب ببوري أخضر عريض يتم تعذيب السجناء والمعتقلين به.
“ما بحسن أقول الكثير من التفاصيل.. في أذهاني شغلات كتير عن التعذيب وقصص المعتقلين، لكن ما بعرف كيف أعبر عنها!”، تقول سحر إنها تعرّضت إلى جانب التعذيب الجسدي إلى أنواعٍ مختلفة من الإهانة والسباب الذي كانت تتلقاه من قبل الضباط في السجن، إضافة إلى التعذيب النفسي الذي لقيته.
وتشير إلى أنه من بين أوجه التعذيب النفسي أنه كان يتم ضرب وتعذيب وإهانة المعتقلين أمام بعضهم البعض لترهيبهم: “قبل التحقيق كانوا يضربون شخصاً أمام الآخر الذي هو قيد التحقيق؛ لإرهابه وإخافته.. كان ذلك تعذيباً نفسياً شديد الوطأة على النفس”.
وفيما تنفي وجود آثار تعذيب على جسمها في الوقت الحالي بعد أن شفيت تماماً بعد خروجها من المعتقل وعلى مدار أكثر من عامين بعد خروجها، إلا أن زعتور تلفت إلى أنها حتى اللحظة  تعاني من التهابات الحنجرة وحساسية مفرطة من الروائح المختلفة، وأخذت فترة طويلة تتعالج من هذا المرض الذي أصابها جراء احتجازها لوقت طويل تحت الأرض بلا هواء نقي أو ضوء الشمس، علاوة على تأثر أذنيها بالضرب حتى الآن. 
آثار
بدأت رحلة العذاب أو رحلة الاعتقال بداية من حلب التي قضت فيها شهر ونصف في أحد السجون، ثم تم نقلها إلى فرع الأمن المركزي في حمص لفترة وتنقلت هناك بين أكثر من فرع، قل أن يتم نقلها إلى فرع 248 الشهير, التابع للمخابرات العسكرية “الأمن العسكري” بدمشق.
وعلى رغم ما لقيته من أهوال، إلا أن سحر تعتبر نفسها “محظوظة” فهي لم تتعرض لأشكال أخرى من التعذيب، وتقول: “أمام هول التعذيب التي كنت أراه وأسمع عنه، فأنا محظوظة، أعتبر الضرب على الرأس والأذن أموراً هينة أمام باقي أشكال التعذيب الأخرى مثل (الشلح).. عندما كانوا يعلقون شخصاً من يديه أو قدميه ويتركون باقي جسمه يتدلى وينهالون عليه بالضرب معلقاً”.
وتشدد على أن وضع المعتقلين صعب للغاية، يتعرضون لأشكال مختلفة من التعذيب النفسي والجسدي “أتذكر كل شيء مريت به معهم لأنه ما بنسى هدول أبداً.. اعتقلت وقد كان عمري وقتها 19 عاماً، كنت طالبة جامعية في طريقي للجامعة قبل أن يتم إلقاء القبض علي، وخرجت من المعتقل وعمري 21 عاماً”.
ورداً على سؤال ما إن كانت شاهدة على تعرض أي من المعتقلات للتحرش الجنسي أثناء فترة اعتقالها التي امتدت على مدار عامين، تكتفي سحر بالقول: “ما حدا كان بيحكي”.
إحصاء
ويذكر أن هناك ما لا يقل عن /95/ ألف مختف قسرياً في سوريا منذ آذار/مارس /2011/، طبقاً لإحصاءات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي وثقت في شهر أيار/مايو  الماضي فقط اعتقال /394/ شخصاً على يد أطراف النزاع الفاعلة في سوريا، من بينهم أطفال ونساء.