بعد دعوة قائد “قسد” لعودة المستثمرين.. أكاديميون يطالبون بتهيئة الظروف
حسكة – نورث برس
طالب أكاديميون ومتخصصون في مجال الاقتصاد وإدارة الأعمال بتهيئة الظروف والأرضية وتذليل العقبات أمام عودة الراغبين من أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في شمال شرقي سوريا.
وتأتي هذه المطالب بعد أن دعا القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، المستثمرين ورؤوس الأموال للعودة إلى “الوطن”.
وأضاف عبدي في مقابلة مع تلفزيون محلي مطلع هذا الشهر: “الأمر مسؤولية وطنية، وتقع على عاتق الجميع.”
وهذه ليست المرة الأولى التي يطالب فيها مسؤولون كبار في قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا المغتربين بالعودة.
مطالبات بتهيئة الظروف
وقال شوقي محمد، وهو خبير اقتصادي، إن المنطقة قادرة على “استيعاب الآلاف من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في حال توفر البيئة الاستثمارية الملائمة.”
ورأى “محمد” أن استيعاب المنطقة لهذه المشاريع سيكون عبر خلق مناخ طبيعي وملائم للعمل، في ظل وجود مساحات واسعة من الأراضي، وتوفّر المواد الأولية، واليد العاملة “الرخيصة”، إلى جانب توفّر مؤهلات الشباب العلمية والعملية في السوق.
وحالياً يُعدُّ “محمد” بالتعاون مع مركز الفرات للدراسات، دراسة حول مدى تأثير هذه المشاريع على تحسين الواقع الاقتصادي في المنطقة والمعوقات التي تعترض طريقها، وستقدم كمشروع للإدارة الذاتية.
وقال: “تحتاج العملية إلى بيئة استثمارية خصبة ومنظومة متكاملة من القوانين والتشريعات الناظمة للعمل.”
وأضاف: “كما تحتاج إلى إقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة وتسهيل عملها وتطويرها.”
لكنه تساءل فيما إذا كان المناخ الاستثماري في المنطقة محفِّز لتلك المشاريع في الوقت الراهن أم لا؟
وبحسب إحصائيات هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية، تعمل 538 منشأة صغيرة ومعملاً في منبج، و138 في الجزيرة.
وفي هذا السياق، عبّرت الرئيسة المشاركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية، بيريفان خالد، عن تفاؤلها بعودة “أبناء المنطقة إلى وطنهم (…) نتمنى أن يعودوا جميعاً.”
وقالت لنورث برس، إن إدارتها مستعدة لتقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين ورؤوس الأموال، وإنهم يعملون على خطة “لتشجيع المستثمرين على العودة”، دون الإفصاح عن مضمونها.
وقال الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد والزراعة، سلمان بارودو، إنهم يستطيعون تأمين الكهرباء لتلك المشاريع، وكذلك تأمين أراضٍ بأسعار مدعومة، بالإضافة إلى تسهيلات ترخيص العمل وتسهيل استيراد المواد من الخارج.
تجارب لعائدين وانتقادات
ويرى أسامة تركي (39 عاماً)، والذي عاد مؤخراً من ألمانيا إلى مسقط رأسه في مدينة حسكة، أن العمل في الخارج له “مخاطر ومصاعب سواءً من الناحية البيروقراطية أو الضرائب الضخمة التي تفرضها الحكومات الأوروبية.”
وقال “تركي” الذي يدير حالياً مركزاً لبيع الحديد في المدينة: “الفشل في المشاريع في الخارج يعني الإفلاس.”
ورغم أن عمله الحالي ليس “ممتازاً” لكنه “أفضل” من المكوث في أوروبا، على حدِّ وصفه.
و”تركي” من القلّة التي فضّلت العودة على البقاء في أوروبا، ويلخِّص أسباب عدم عودة الكثيرين في ثلاث نقاط هي “الخوف من الوضع الأمني غير المستقر، وسوق الشباب إلى واجب الدفاع الذاتي، ومن باعوا كل أملاكهم ولم يعد يملكون أيَّ شيء هنا.”
ويلخِّص عمران علي، الحاصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال-قسم المخاطر والأزمات، المسألة في محورين أولهما أنه “يتوجب على الإدارة” إعادة ثقة المستثمر من الناحية الأمنية.
وثانيهما من وجهة نظر “علي” الحاصل أيضاً على درجة الدكتوراه في هندسة الاتصالات المتقدمة، هو القضاء “نهائياً على الجماعات الإرهابية وكذلك التخلص من تجار الأزمات والحروب ومحاربة الفساد بكافة أشكاله.”
كاسر عبدو (٣٨ عاماً) عاد من ألمانيا قبل نحو ثلاثة أعوام ويملك حالياً براداً لتخزين المواد الغذائية والخضروات في بلدة التوينة، شمال حسكة.
ولم يبقَ “عبدو” في ألمانيا لأكثر من عام لأنه “لم يتأقلم” مع الحياة هناك ويقول: “ألمانيا لأهلها وليست لنا.”
لكنه يشتكي من بيروقراطية مؤسسات الإدارة الذاتية، حيث قام قبل عام بترخيص مخزنه وقد منحته الإدارة ترخيصاً لمدة عام واحد.
ويقول: “منذ أسبوع أعمل على تجديد العقد لكنني لم أنتهي بعد، نتيجة كثرة الأوراق والبنود المطلوبة.”
وتعمل الإدارة الذاتية على تغييرات ضمن هيكليتها الإدارية، منها تغيير ميثاق عملها، بحسب ما صرَّح الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي، عبد حامد المهباش، الأسبوع الفائت.
ومن المتوقع أن تقوم الإدارة بإجراء انتخابات عامة، ويأتي ذلك تنفيذاً لمخرجات “المؤتمر الوطني لأبناء الجزيرة والفرات” الذي عقده مجلس سوريا الديمقراطية نهاية الشهر الفائت.
ومن القرارات التي تخصُّ الجانب الإداري: “إعادة تقييم عمل وأداء ومؤهلات موظفي الإدارة وتدريبهم، والعمل على تطوير وتمكين وتوسيع الإدارة ورفدها بالتكنوقراط.”