لبنان يتلقّى دعوة رسميّة من روسيا للمشاركة في مباحثات أستانا
بيروت ـ ليال خروبي ـ NPA
أعطتِ الزيارةُ التي قام بها المبعوث الرئاسي الروسي لسوريا ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فرشينين إلى لبنان في اليومين الماضيين زخماً للعديدِ من الملفّات المتشابكة على خطِ بيروت – دمشق وعلى رأسها عودة النازحين السوريين ودور لبنان في الجولة المقبلة من مشاورات أستانا بشأن الحلّ السياسيّ في سوريا.
ووجه الوفد دعوةً رسميّةً لرئيس الجمهورية ميشال عون، للمشاركة في الجولة التفاوضيّة الـ13 في أستانا المزمع عقدها نهاية الشهر المقبل، والتي ستشملُ وللمرة الأولى أيضاً مشاركة عضو مراقبٍ آخر هو العراق.
وقد لفت لافرنتييف بعد لقائه عون إلى أنَّ “روسيا تعتبرُ مشاركة لبنان والعراق ضرورية عند البحث في الأزمة السورية”، وأضاف: “نحن فرحون للقرار اللبناني بإرسال مندوب للمشاركة في المباحثات”.
وحول المبادرة الروسية لعودة النازحين السوريين قال لافرنتييف: “ناقشنا موضوع النزوح السوري وسنستمر في بذل الجهود لتقدم المبادرة الروسية والتنسيق مع كل الجهات المعنية لتحقيق التقدم في العودة الطوعية والآمنة”، وأعلن “أننا اتفقنا مع الجانب اللبناني لإيجاد الإمكانيات لتسريع وتأمين الظروف المناسبة لهذه العودة”.
رؤية مشتركة للملفّ السوري
مستشار رئيس الجمهورية اللبنانية للشؤون الروسية أمل أبو زيد، لفت في حديثٍ لـ”نورث برس” إلى أنّ “تقديم الدعوى للبنان للمشاركة في مؤتمر أستانا يعني أن المباحثات باتت في مراحل متقدّمة، ولبنان بطبيعة الحال معني بارتدادات الأزمة السورية، وحضوره ولو بصفة مراقب يعطيه هامشاً للاعتراض على أي شيء يطرح على الطاولة يناقضُ مصالحه وذلك من خلال روسيا.”

مستشار رئيس الجمهورية اللبنانية للشؤون الروسية أمل أبو زيد
ويضيف أبو زيد: “ما جرى تداوله إعلاميا عن أنّ أستانا ستمثل الإطار الوحيد للمبادرة الروسية لعودة النازحين، غير صحيح”.
ويوضح “الروسْ لن يفكروا عن اللبنانيين في هذا الإطار، وعودة النازحين ملفّ سيادي لبناني وقراره ينبع من الداخل، وروسيا ستشكلُ عاملا مسهلاً في حال وجود عراقيل”.
ويؤكد أبو زيد “أنّ السوريين لا يملكون نية البقاء في لبنان، والأرقام تدلُّ على ذلك، حيثُ توقّفت موجات النزوح منذ إطلاق المبادرة الروسية كما شهدنا عودة /200/ ألف نازح إلى وطنهم، لكن هناك من يضغط باتجاه بقاء النازحين في لبنان للاستفادة من ورقتهم في الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة.”
وحولَ ما نقلته مصادر إعلاميّة على لسان وزير الخارجية جبران باسيل في اجتماعه مع الوفد الروسي بشأن تشكيل لجنة لبنانية – سورية – روسية للتنسيق حول عودة النازحين أوضح أبو زيد، “في الأساس هناك لجنة لبنانية روسية، وهي ليست المرة الأولى التي تطرح فيها فكرة اللجنة الثلاثية، وقد يقوم رئيس الجمهورية بمبادرة بهذا الاتجاه بعد أن أكد للوفد الروسي أن لبنان مستعد للحوار مع الحكومة السورية”.
أمّا بشأن توسّط موسكو بين بيروت ودمشق لترسيم الحدود شدد أبو زيد على أن “لقاءات الوفد الروسي لم تتضمن أي إشارة صريحة لهذا الموضوع، وما حدثَ فعلاً أن الوزير باسيل أشار إلى وساطة ساترفيلد بين لبنان وإسرائيل وأكد أن لبنان وسوريا أشقاء ويستطيعان حل أمورهما، والرّوس قالوا إنه في حال طُلبت منّا الوساطة فنحن جاهزون لها”.
زيارة من دونِ مفاعيل
مخرجات الزيارة وتحديداً في ما يخص ملف عودة النازحين لم ترَ فيها بعض الأوساط السياسية والإعلامية في لبنان أي مفاعيل حقيقيّة على الأرض ذلك أنها لم تقدّم أيّ جديد.
ويرى الكاتب السياسيّ جورج شاهين في حديثه لـ”نورث برس” أنّ “الوفد الروسي لم يحمل أي شقٍ جديد، بل أعاد على مسامع اللبنانيين الشكاوى نفسها من العُقد المالية والسياسية التي تقف في وجه عودة النازحين”.

الكاتب السياسيّ جورج شاهين
ويوضح شاهين، “المناخ الدولي لا يزال على حاله لجهة رفض عودة النازحين قبل الحل السياسي الشامل وإعادة الإعمار، والإعمار في سوريا ليس بيد الروس ولا الإيرانيين.”
كما يعربُ شاهين عن اعتقاده بأن، “الوفد الروسي لم يأتِ إلى لبنان بشكلٍ أساسي لتقديم الدعوى إلى أستانا لأنه كان بالإمكان تسليمها عبر القنوات الديبلوماسيّة”.
ويقول شاهين: “الوفد الروسي ركز اهتمامه في المباحثات على موضوع التسوية السياسية في سوريا، فهو مكلّف بتقديم تقرير عن جولته الشرق الأوسطية التي تشمل إلى جانب لبنان، الأردن والعراق وسوريا تحضيراً للقمة الثلاثيّة لمسؤولي “الأمن القومي” الأمريكي والروسي والإسرائيلي المقرَّر عقدُها في القدس نهاية الشهر الحالي”.
كما يلفتُ شاهين في حديثه لـ”نورث برس” إلى أنَّ “الوفد الروسي أكد بشكلٍ لافت أنَّ الإرهاب في سوريا لايزال موجودا، بحيثُ لم تستطع موسكو والحلف الدولي القضاء عليه”.