مزارعون بريف اللاذقية: إعطاء الأولوية في توزيع السماد للقمح يحرمنا من احتياجاتنا
اللاذقية – نورث برس
ينشغل الأربعيني جودت سعيد، وهو اسم مستعار لمزارع في قرية كفرية بمنطقة الحفة، 40 كم شمال شرق اللاذقية، بتقليم أشجاره بعد جني موسم الزيتون، بينما تفكيره مشغول بمصير الموسم القادم.
ويعتبر مزارعون في الساحل السوري إن إعطاء الحكومة الأولوية للقمح وتخصيص كميات السماد المتوفرة لمزارعيه، يحرم أصحاب الأشجار من احتياجاتهم في مناطق تعتمد في غالبيتها على زراعة الأشجار.
وسيقوم “سعيد” هذه الأيام، كغيره من المزارعين، باقتلاع الأعشاب الضارة وترحيلها مع ما خلفه القص والتقليم، لتحتاج بعد فلاحة الأرض إلى تسميدها وتحضيرها للموسم القادم.
يقول لنورث برس: “هنا يبدأ صعود الجلجلة”، في إشارة إلى المتاعب والصعوبات التي سيواجهها خلال الموسم الجديد.
ويضيف أن القرار بحسب ما أبلغهم مدير الجمعية الفلاحية هو أن الأسمدة لمن سيزرع القمح.
ويمد المزارع يده باتجاه الحقول والجبال: “انظر إلى هذه المنطقة الجبلية الوعرة، لا توجد فيها سهول أو بساتين صالحة لزراعة القمح نتيجة لوعورتها وضيق مساحاتها، وأهلها استثمروها بزراعة الأشجار المثمرة وخاصة الزيتون.”
ويرى أن ذلك سيلحق أضراراً بالأشجار ومزارعيها بعد نقص الإنتاج و”الحرائق المفتعلة”، على حد قوله.
وكانت الحرائق قد اجتاحت هذه العام مساحات زراعية واسعة في اللاذقية وطرطوس وحمص ومنطقة الغاب.
وأعلنت الأمم المتحدة، في الـ/12/ من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة /79/ آخرين فضلاً عن تشرّد نحو /25/ ألف شخص جراء الحرائق.
وقدرت وزارة الزراعة المساحات المحروقة آنذاك بـ/8,900/ هكتار من الأشجار المثمرة و/5,500/ هكتار من الأشجار الحراجية، إضافة لتضرر /2,1/ مليون شجرة مثمرة.
ويقول مهندسون زراعيون في منطقة الحفة بريف اللاذقية إن إنتاج محصول الزيتون لهذا العام لم يتخطَّ ربع إنتاج المواسم الماضية.
وكانت رئاسة مجلس الوزراء قد نشرت على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب الاجتماع الذي عقدته الثلاثاء الماضي، بأن الحكومة أكدت على تأمين كميات السماد اللازمة لزراعة القمح وإعطائه الأولوية.
كما صرح وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس محمد حسان قطنا للصحفيين بعيد انتهاء الجلسة، بأنهم يشجعون المزارعين على زراعة كل المساحات الصالحة لزراعة القمح وبالأخص الصغيرة منها.
وقال “بركات شعبو”، وهو مهندس زراعي متقاعد من ريف اللاذقية، إن المزارع يتحمل الآن تبعات “أخطاء” ارتكبها القيّمون على الزراعة والسياسة الزراعية في سوريا.
وتساءل: “أين كان موقف هؤلاء المسؤولين عندما باعوا المحصول الاستراتيجي للبلد؟” في إشارة إلى بيع الحكومة لجزء من مخزون القمح لدول أخرى خلال أعوام خلت.
وحذر المهندس الزراعي من أن الخطأ يتكرر هذه المرة مع الأشجار في تهديد إنتاج ما نجا من الحرائق، فهي مشجرة بمحاصيل بعضها استراتيجي والآخر حيوي للمزارعين.
وتساءل المهندس نواف حميشة، وهو مهندس في العقد الرابع من عمره ومن سكان قرية وطى الخان على طريق اللاذقية حلب القديم: “هل نقتلع الأشجار لنزرع مكانها قمحاً، رضوخاً لرؤية وتوجهات الذين يجلسون في أبراجهم العاجية؟”
ويطالب المهندس الزراعي مسؤولي الحكومة “لينظروا بالعين الأخرى، فالأشجار المثمرة وبالأخص الزيتون من المحاصيل الإستراتيجية للبلد، وليس فقط القمح.”