روث الحيوانات وقشور الفستق والفحم.. وقود بديل للتدفئة بعد ارتفاع أسعار المازوت بإدلب
إدلب- نورث برس
ترسل أم أحمد (45عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة من ريف مدينة سراقب شرقي إدلب، شمال غربي سوريا، أبناءها إلى الكروم ومكبات القمامة للبحث عن عيدان أو مخلفات قابلة للاحتراق بهدف إيقاد المدفأة داخل خيمتهم الصغيرة المهترئة.
تقول أم محمد التي تسكن مع عائلتها في مخيم عشوائي في بلدة حربنوش شمالي إدلب إن الوضع المعيشي الصعب “يمنعنا من شراء وقود وسائل التدفئة الآمنة والصحية مع قدوم فصل الشتاء.”
وتشير النازحة إلى أنهم يجمعون طوال فصل الصيف النايلون والعيدان والقوارير البلاستيكية الفارغة بهدف إشعال المدفأة ودرء البرد.
وتلجأ عائلات نازحة وسكان من محافظة إدلب إلى استخدام وسائل بدائية للتدفئة وإعداد الطعام، رغم أضرارها ومخاطرها على صحة أبنائهم، في ظل ارتفاع أسعار المحروقات والغاز والحطب وصعوبة الوضع المعيشي.
روث الحيوانات
وثابرت رجاء العبدو(50 عاماً) من سكان بلدة معرة مصرين شمالي إدلب، منذ فترة على تجفيف روث الأبقار لاستخدامها كوقود للتدفئة وإعداد الطعام.
وتقوم “العبدو” بجمع روث البقرة التي تمتلكها طوال فصل الصيف، فتخلط الروث مع القش والماء، ثم تجعله على شكل قوالب مستديرة صغيرة لتضعها تحت أشعة الشمس حتى تجف، ثم تضعها في غرفة خاصة لاستخدامها في إشعال موقد الطبخ والمدفأة.
تشير “العبدو” إلى أن هذا النوع من الوقود يصدر روائح كريهة ودخاناً داخل الغرفة، “لكني لا أملك خياراً آخر لتدفئة أبنائي الخمسة وزوجي المريض.”
ويذكر تاجر محروقات من مدينة إدلب فضل عدم نشر اسمه أن شركة “وتد” للبترول التابعة لحكومة الإنقاذ، تستورد المحروقات من دول الجوار وتحتكر تجارتها في إدلب.
وتستغل الشركة كل هبوط لليرة التركية مقابل الدولار الأميركي لترفع أسعار المحروقات أضعافاً، بحسب قول التاجر.
ويضيف: “الشركة حددت أسعار المحروقات بالليرة التركية” حيث يبلغ سعر لتر المازوت المستورد 4,70 ليرة تركية (1626ليرة سورية) والمازوت المكرر أربع ليرات تركية (1384 ليرة سورية).
ويلجأ البعض من سكان إدلب لاستخدام مدافئ الفحم لانخفاض أسعارها وطول فترة احتراق الفحم في المدفأ، ما يوفر من الكمية اللازمة رغم أضراره على الصحة الجسدية.
ويتم استيراد مدافئ الفحم من تركيا وتختلف أنواعها وأسعارها بحسب جودتها وأحجامها، حيث يتراوح سعرها ما بين 10 و100 دولار.
وتشير رائدة الغزال (45 عاماً) نازحة من مدينة خان شيخون إلى مدينة إدلب إلى أنه أثناء اشتعال الفحم في المدفأة تنبعث رائحة قوية، ناهيك عن اشتعاله القوي الذي قد يسبب حرائق في المنزل، واختناقاً في الغرف المحكمة الإغلاق.
وأصيب أحد أطفال “الغزال” البالغ من العمر عاماً واحداً بمرض الربو التحسسي، حيث أرجع طبيب مختص قام بتشخيص حالته السبب بمرضه إلى استخدام الفحم داخل المنزل، على حد قول “الغزال”.
ولقيت عائلة كاملة مؤلفة من أب وأم وطفلتين حتفها في مخيم ببلدة كللي بريف إدلب جراء استخدام الفحم الحجري للتدفئة داخل خيمتهم في العاشر من شباط / فبراير من العام الحالي.
وتجد بعض العائلات من محافظة إدلب استخدام مدافئ قشور الفستق الحلبي، بديلاً آخراً أقل تكلفة من استخدام مدافئ المازوت الذي يشهد انقطاعاً مستمراً وغلاء في الأسعار.
ويقول جواد الحسن (39 عاماً) من سكان مدينة حارم، شمال غربي إدلب، إنه يستهلك طناً واحداً من قشور الفستق الحلبي في فصل الشتاء، “في حين أحتاج إلى برميلين من المازوت في حال استخدمته (…) استخدام القشور بديل أوفر.”
ويصل سعر الطن الواحد من قشور الفستق في محافظة إدلب إلى 150 دولار أميركي.
وتعمل مدفأة الفستق، كما يوحي اسمها، بالاعتماد على حرق قشر الفستق الحلبي وهي تشبه المدافئ العادية مع إضافة صندوق معدني يوضع مع المدفأة على قاعدة واحدة، ليكون خزاناً لقشور الفستق.
ويقوم هذا الصندوق بتغذية المدفأة بقشر الفستق عبر حلزون موجود في أسفله يديره محرك صغير يعمل على بطارية بقوة 12 فولط مع تزويد المحرك بمؤقت زمني للتحكم في كمية القشور الداخلة إلى المدفأة حسب الرغبة ويقوم الحلزون بالدوران ودفع القشور من الصندوق إلى داخل المدفأة.
ويقول مستخدمو هذا النوع من المدافئ إنها تصدر دخاناً وروائح أقل، مقارنة مع المدافئ التي تعتمد على المازوت.
وتصنع مدافئ قشور الفستق الحلبي في الشمال السوري ضمن ورشات خاصة وتتراوح أسعارها حسب جودتها ما بين 95 و130 دولار.