“مهنة الجدات”.. نساء يمتهن حياكة الصوف والتطريز اليدوي لإعالة عائلاتهن وسط الغلاء

جل آغا-نورث برس

تمتهن آية العباس(25 عاما) من سكان بلدة جل آغا(الجوادية) شمال شرقي سوريا، حياكة الألبسة اليدوية والتطريز منذ ست سنوات.

وتقول “العباس” الأم لثلاثة أطفال، أحدهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، إنها كانت تمكنت بفضل مهنتها من مساعدة زوجها الذي يعمل خبازاً على إعالة عائلتيهما.

فمنذ أن تعلمت الحياكة على يد زوجة أخيها قبل ست سنوات، باتت نساء البلدة يقصدنها من أجل حياكة شالات أو تطريز كلابيات أو نسج فساتين وكنزات صوفية.

“قلة إقبال”

“كان الإقبال جيد في السنوات السابقة والأسعار مناسبة، وهناك ربح مادي لكن الناس باتت تتجه للألبسة الجاهزة حالياً”، وفق العباس.

ويعود السبب في قلة مردود عملها إلى أن أسعار الألبسة الجاهزة باتت لا تختلف عن الألبسة الصوفية اليدوية بعد ارتفاع سعر مستلزمات الحياكة وخاصة الخيوط.”

فالناس كان يرون في الألبسة اليدوية بديلاً رخيصاً فضلاً عن “كونها صناعة تراثية تتميز بجودتها منتجاتها ومتانتها وجمالها”، حسب تعبيرها.

وتتقاضى آية أجراً بسيطاً، كما أنها لا تملك القدرة لشراء كميات وألوان صوفية متنوعة لتحويلها إلى قطع ألبسة.

وتقول إنها لا تستطيع المغامرة بحياكة ألبسة مخافة عدم تصريف إنتاجها بسبب قلة الإقبال في العامين الأخيرين.

وتفضل آية العمل بخيط الصوف على خيط الحرير الذي تستعمله مع الخرز لتزيين الشالات، حسب رغبة الزبون.

وتقول إن بعض الزبائن يفضلن لوناً واحداً من الخرز وأخريات يطلبن عدة ألون من الخرزٍ “ويستغرق أنجازها نحو يومين من العمل”.

“الحياكة حرفة”

ولعفاف العاكوب (27 عاما) من سكان بلدة جل آغا قصتها الخاصة مع الحياكة والتطريز اليدوي.

 وتقول عن ممارسة الحياكة والتطريز اليدوي أن قد تكون “مهنة فرضتها الحاجة أو موهبة صقلت بالدراسة والمتابعة واكتساب الخبرة.”

 وتبدي العاكوب براعة في مهنتها حيث يلعب المخرز والصنارة (وهما أداتان لحياكة الصوف يدوياً)بين يديها إذا سرعان ما تتشابك الخيوط لتتحول بين يديها إلى قطع جميلة منمقة.

وتقول عفاف “بدأت بالعمل منذ كنت في الصف الخامس حيث كانت البداية مع حياكة لباس مع دميتي وقررت لاحقاً متابعة موهبتي وتنميتها بالدراسة.”

ودخلت عفاف قسم التعليم المهني بعد إنهاء تعليمها الثانوي، لتتخرج من معهد الفنون النسوية برميلان.

وتمكنت عفاف خلال عقدين من تطوير موهبتها أن تنافس بمنتجاتها الألبسة الصوفية الجاهزة المصنوعة عن طريق الآلات، بحسب كلامها.

“لا أعجز عن حياكة أي موديل أراه سواء في الأسواق أو عبر مواقع الانترنت أو حتى في مجلات الموضة”، كما تصنع عفاف أغطية الطاولات والتلفزيونات.

ولا تقف حرفية عفاف عند حياكة قطع مستوحاة من نماذج منتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تستعين به أحيانا، بل تقول إنها تملك لمستها الخاصة التي تضيفها على القطعة.

 “أدخل الصوف مع القماش والخرز،  وللذوق والاجتهاد الشخصي دور في تقديم منتج ذي لمسة خاصة”.

ولكلّ فصل من الفصول نوع من الخيوط يختص به ويستعمل له فخيط الفساتين الصيفي والربيعي يختلف عن الشتوي وخيط أغطية الطاولات يختلف عن خيط الحرير.

تقول عفاف: “لخيط الصوف أنواع: ريش ومقصب وسادة وكريستال”، ويتم استخدمها حسب رغبة الزبون، “العمل في هذا المجال فن وذوق”، وفق عفاف.

“مهنة الجدات”

وبعد عقدين من ممارستها لهذه المهنة بات عملها مقتصراً على تلبية الطلبات الخاصة والهدايا، كما وتخصيص ساعات لتعليم النساء الراغبات بالتعلم.

وترى عفاف أنه يمكن لأي فتاة تجد في نفسها بذرة الموهبة أن تمارس الحياكة والتطريز و تنميهما، “فهي مهنة الجدات التي تملأ الفراغ وتكسر الروتين”، حسب تعبيرها.

وتقول إن النساء يمكنهن أن يمارسنها من أجل الفائدة الشخصية لهن وعوائلهن وليس بالضرورة ممارسة كمهنة.

وتُقر عفاف أن ممارستها للحياكة خلال سنوات طويلة تركت أثار اً سيئة على صحتها، فهي تعاني من مناقير في الرقبة ووجع الظهر وألم العيون.

لكنها تقول أيضا أن “التعب يتلاشى مع إنجازي للقطعة التي استمتع بجمالها فور انتهائي منها”، بحسب تعبيرها.

إعداد: سلام الأحمد-تحرير: جان علي