اللاذقية – نورث برس -سامي الزين
الخامسة صباحاً، والمطر يهطلُ بغزارة خلاف عادته في مدينة اللاذقية على الساحل السوري، ينهض أحمد (52 عاماً) من فراشه وبهدوء وصمت يقطعه رنين المنبه يعد ركوة قهوة ثم يملأها في علبة خاصة ليحملها معه إلى البحر.
ويقول: “البحر بلا قهوة، متل اﻷكل بلا ملح، بلا طعمة.”
يبعد مرفأ الصيد والنزهة (المرفأ اليوغسلافي) الذي اكتسب اسمه من الشركة التي نفّذته في سبعينيات القرن الماضي، عن بيت أحمد، خريج كلية الاقتصاد والموظف في مديرية المالية في اللاذقية، نحو كيلومتر فقط.
يحمل الرجل صنارتي صيد وحقيبة صغيرة تضم مستلزمات خاصة، وعلى الفور يجلس على حافة “المكسر” ويرمي صنارته بانتظار “الغلّة”.
أحمد ليس صياداً متفرّغاً، وليس من عائلة صيادين، فمعظم أخوته وأخواته خارج البلاد منذ عقود، ولكنه يمارس الصيد يومياً حتى أدمنه، خصوصاً بعد أن “ضاقت” به الحال الاقتصادية كثيراً.
ويقول: “راتب الوظيفة 50 ألف ليرة (20 دولار أميركي)، بالكاد يغطي أجرة المنزل، وراتب زوجتي المهندسة 50 ألف كذلك. لا يغطي الراتبان سوى ثلث المصاريف. نسد الباقي بما أصطاده من السمك.”
ويختلف المردود اليومي للصيد بحسب الموسم وبحسب “الشنص” (الحظ) كما يقول الرجل.
“للأسف كل يوم تقلّ الغلة عن اليوم الذي قبله، الجرف، والتفجيرات، والسموم، ولطشات الكهرباء لم تترك كثيراً من اﻷحياء في البحر القريب.”
وزادت أعداد الناس الذين يقصدون البحر في وقت تتضاءل فيه موارده، في ظل الممارسات السيئة السابقة، لكن مع ذلك: “يبقى البحر أكرم من حكومتنا، على اﻷقل لا يوزع علينا الغلة عبر البطاقة الذكية.”
“حصار ومقاسمة في الزرق”
“ماذا بقي من مهنتنا؟ أصلاً هل يمكن تسميتها مهنة؟” يقول “أبو خالد” (48 عاماً) وهو اسم مستعار لصياد في المرفأ اليوغسلافي، يعتمد في معيشته على الصيد فقط، ولديه خمسة أولاد ويعيش في منطقة الرمل الجنوبي باللاذقية.
ويقول أيضاً: “صدّقني نحن نقنع أنفسنا بالاستمرار في مهنة لم تعد مهنتنا، حيث يريد الكل مقاسمتك رزقك القليل.”
ويضيف: “لا يأخذ الصياد كامل الغلة ليبيعها، فعليه توزيع جزء منها لخفر الساحل، وجزء آخر للضابطة، وأحياناً ﻵخرين من الجهات الرسمية يتواجدون في المرفأ.”
وعمل “أبو خالد” سابقاً على عدد من القوارب، وإلى اليوم يعمل مع “ريّس ابن حلال، لكن الحصار علينا أصبح غير محتمل أبداً، المازوت بالقطارة، والغلة بالقطارة.”
ومثلهم مثل أحمد وأبو خالد يتحدث صيادون آخرون أجرينا معهم مقابلات حصرية عن أنهم يحاولون إقناع أنفسهم “بالاستمرار في مهنة أجدادهم التي شقوا بها عباب البحار منذ القديم.”
ولا تبدو مشاكل هؤلاء جديدة، فمنذ أكثر من ثلاثة عقود لم تظهر أي خطط حكومية ناجعة أفادت هذا القطاع الحيوي من باب تحويله من واقعه القديم إلى آخر حديث تنطبق عليه المعايير العالمية.
ويقول صيادون إنه على العكس من ذلك فقد تم تفكيك أخلاقيات الصيد القديمة التي كانت تراعي البيئة والأسماك والبحر وتحول الأمر إلى فوضى عارمة سوف “تقتل كل أمل باق في القريب العاجل.”
يقول “إبراهيم” وهو اسم مستعار لصياد محترف يبلغ من العمر (55 عاماً) من سكان الرمل الشمالي إن “الفوضى” ما تزال عنواناً للصيد البحري.
وفي معظم دول العالم هناك فترة منع للصيد، بهدف حماية الأسماك وتأمين تكاثرها للموسم القادم، ويفترض أن تكون في بداية الربيع حيث كل الكائنات الحية تتكاثر في هذا الوقت.
لكن “إبراهيم” يقول إن هذه الفترة تقع عندنا بين تموز/يونيو وآب/ أغسطس، حيث أن هناك قراراً قديماً من المجلس الأعلى للأحياء المائية صدر في العام 2009 ومنع الصيد الموسمي للأسماك المهاجرة بطريقة الشنشيلا (جرف قاسي للقاع) بين هذين الشهرين.
وصدر القرار بهدف حماية الثروة السمكية السورية، “لكن الأسماك المقصودة في القرار هي أسماك مهاجرة وليست مقيمة في البحر السوري، مثل البلميدا، والغبص، والعصيفري، واﻷهم السردين صغير الحجم.”
ويقول إبراهيم بحسب ما أعرف من صيادين من دول مجاورة، تقوم الدولة بتزويد الصيادين برواتب لمدة شهرين أو ثلاثة تساوي رواتب الموظفين العاديين في بلدانهم.
ففي تركيا مثلاً يدفعون للصيادين رواتب خلال فترة المنع تعادل 100 ألف ليرة سورية (40 دولاراً)، وهذا يجعل الصياد يلتزم بقرار المنع من جهة، ويسد حاجة عائلته من المصاريف. ما الذي يمنع دولتنا أن تقوم بنفس اﻷمر؟.”
لا مساعدات دولية للصيادين
يقول “أبو محمد” الذي يعمل سائقاً في مؤسسة الريجي ولكنه يمارس الصيد يومياً: “طيلة سنوات الحرب نال عدد قليل جداً من الصيادين معونة من الهلال اﻷحمر، وعلى ما سمعنا فإن هناك معونات دولية للصيادين، لكن لم نر منها أي شيء.”
وآخر مرة قدمت فيها مؤسسات دولية معونات تعود ﻷكثر من سبع سنوات مضت في ظل انقطاع كامل للعلاقات البحرية مع الدول اﻷخرى أو المؤسسات الدولية.
من جهة أخرى يقول صيادون إن الصيادين القدامى عزفوا عن المهنة وما عاد “الريّس” يظهر كثيراً على المراكب، ووفق الصيادين الحاضرين فإن معظم الصيادين “البحريين” كما كانوا يسمون، هجروا مهنة اﻷجداد وباعوا قواربهم ﻷشخاص آخرين، ويكتفي بعض القدامى بممارسة الصيد من أجل التسلية.
يقول “أبو حسن” (65 عاماً) الذي يعيش في الطابيات أحد أحياء اللاذقية القريبة من البحر: “بالنسبة لي بعت قاربي، وفتحت بقالية صغيرة أبيع فيها مواد غذائية.”
ولكن بالرغم من ذلك يواظب أبو حسن على المجيء أسبوعياً إلى البحر من أجل التسلية والتواصل مع من تبقى من اﻷصدقاء القدامى.
العمل في البحر أصبح “مقرفاً”
أدت ظروف البلاد والحرب المستمرة منذ عشر سنوات إلى ضعف سوق العمل عموماً، وإلى بحث السكان عن مصادر كسب جديدة، ومنها التوجه إلى الصيد البحري باعتباره المهنة اﻷسهل.
لكن الصياد زهدي (اسم مستعار) لا يوافق على هذا الكلام كثيراً ويقول: “مشكلتنا ليست في زيادة أعداد الصيادين، فالعدد الإجمالي لكل صيادي الساحل السوري لا يتجاوز ثلاثة آلاف شخص.”
ونصف هذا العدد من الصيادين الهواة لا يحضرون سوى مرة في الأسبوع إلى البحر. وحدهم صيادو القوارب يتعرضون للبحر “بمعناه الحقيقي، ويقضون عشرين ساعة في مختلف أنواع “النو” (اﻷنواء وهي الطقس، كلمة ذات أصل أوغاريتي) بحثاً عن الكسب.”
ويقول “زهدي”: “منذ فترة تم منعنا من الوصول إلى المياه الإقليمية بحجة أننا نهرّب البشر والحشيش وغيره، وفوق عدم الثقة بنا فإن العقوبات لمن يبدل مرفأه قاسية ولا عفو عنه.”
القرارات “تضيق الخناق” على الصيادين الفقراء بدلاً من الحيتان بحسب الصياد “أبو محمد”.
ويقول بحسرة: “عجيب وغريب أمر الموانئ والجهات المختصة، كأنهم يكافحوننا، كل الصيادين يعرفون من يقوم بالتهريب ونقل الحشيش والحبوب وغيرها، وعلى عينك يا تاجر.”
ويضيف: “الجهات الرسمية تعرفهم، ولكن كالعادة، خيار وفقوس ومحسوبيات. صار الشغل في البحر متعب ومقرف بصراحة، وفوق هيك بلا جدوى.”
صيد جائر وسوء تخطيط
تدفق الناس إلى الصيد محكوم بتكاليف مضافة للأثمان المرتفعة للشباك واﻷقفاص وصنانير الصيد، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة تزيد عن عشرين ضعفاً.
وكان سعر القصبة الجيدة خمسة آلاف ليرة سورية، والقصبة مع (البكرة) عشرة آلاف، واليوم فإن أسوأ قصبة ثمنها 100 ألف ليرة (40 دولاراً)، بالإضافة إلى أدوات ومستلزمات أخرى.
من جانب آخر أدت عمليات الصيد بطريقة تفجير الديناميت إلى انقراض بعض أنواع الأسماك، مثل سمكة اللقس الرملي فهي تكاد تنقرض ومنذ عدة سنوات لم يعد يشاهدها الصيادون في الأقفاص أو الصنانير.
وإن وجدت هذه الأنواع فإن سعر الكيلو الواحد يبلغ 35 ألف ليرة فما فوق (بين 20 إلى 30 دولار).
كما أن سمكة النفخة (البالون) كانت نادرة في الشاطئ السوري، حالياً وبسبب سوء التخطيط واستحضار بذار منها وزرعها أصبحت تملأ الشاطئ “وفوق كل هذا تقوم هذه السمكة بقطع خيطان الصيد للصنانير والشباك” بحسب صيادين.
والصيد بطريقة الديناميت ممنوع قانونياً وفق المرسوم التشريعي رقم 30 الصادر بتاريخ 25/8/1964، حيث ورد فيه منع استعمال المواد الملتهبة في الصيد البحري.
مرافئ شكلية وقرارات مجحفة
رسمياً، هناك عدة موانئ صغيرة للصيد في اللاذقية، أكثرها شهرة ميناء الصيد والنزهة(اليوغسلافي)، ويقع بالقرب من المنطقة الحرة، وميناء الكورنيش الجنوبي (مينا القصب)، وأم الطيور، وميناء “رأس ابن هانئ” وميناء “البسيط”، والأخيران يصعب تسميتهما ميناء بسبب “عدم تجهيزهما بأي وسائل حماية من العواصف واﻷمواج مثل اﻷرصفة.”
ويستقبل الميناء الرئيسي يومياً عشرات الصيادين، لكنه يعاني من تراكم الأوساخ، وضعف الخدمات التي يمكن استثمارها لصالح النزهات البحرية.
عدا عن أن الدخول إليه مقيد، يقول الصياد “خالد” (36 عاماً): “يمكن أن تتحول المنطقة إلى منطقة سياحية شعبية بقليل من الخدمات مثل توفير مياه الشرب وأكشاك بيع وشوية نظافة مع حواجز لمنع سقوط الأطفال في المياه، لكن لا أحد يفكر بذلك، وفي حال تفكيرنا بذلك سيكون هناك من ينغص علينا عملنا بالإتاوات وغيرها.”
وفرض الإتاوات ليس أمراً جديداً على كل عمل أو مشروع يمكن أن يتم في المنطقة، فهناك دائماً جهات متعددة تكون مسؤولة عن نفس المشروع وهو ما يتسبب في تعدد المرجعيات لنفس المشروع، ويأتي فرض الإتاوات كجزء من منظومة الفساد المتجذرة في البلاد بحسب تقارير عديدة.
لكن المشكلة الأكبر هي منع الصيادين من التنقل بين تلك الموانئ، يقول “خالد”: “إذا تأخر أحد الصيادين عن موعد العودة إلى الميناء، أي إذا بقي في البحر أكثر من 20 ساعة، فقد يتعرّض للحجز والمساءلة بتهمة التهريب أو قطع المياه الإقليمية.”
والأسوأ من ذلك أن يصدر قرار بنقل المركب من ميناء إلى آخر، حيث لا يمكن أن يعود إلى مينائه الأصلي إلا بعد مضي سنوات وبعد دفع رشاوي لوسطاء.
يقول صياد اشترط عدم نشر اسمه: “مضت ثلاث سنوات على وجودي في الميناء اليوغسلافي بانتظار قرار إعادتي إلى “البسيط” ولكن دون فائدة، رغم كلّ ما يكلّفني ذلك مصاريف وخسائر، الحقيقة أن الواسطة هي الحل”.
وبحسب نقابة الصيادين فإن “عملية النقل من مرفأ إلى آخر تخضع إلى الظروف.”
لكن هذه “الظروف” غير واضحة قانونياً، وتتشابه مع منع السفر خارج المياه اﻹقليمية الذي صدر في العام 2007وقد صدر وقتها بهدف منع تهريب المازوت والمهاجرين غير الشرعيين.”
يضحك الصياد ويقول: “طيب، المازوت أصبح على البطاقة الذكية، وحصتنا غير كافية بالأصل، خاصة في فصل الشتاء حيث يزيد الاستهلاك، والمهاجرين لديهم طرق برية وبحرية من تركيا وليس من منطقتنا، فلماذا لا يتم تغيير هذا الواقع؟.”
وفي وقت سابق تم السماح للقوارب فوق 12 متراً مربعاً، ولمجموعات السفر التي تضمّ خمس قوارب فما فوق بشرط أن تكون مزوّدة بالتجهيزات الفنيّة الحديثة، مثل الرادار، ومسبار الأعماق، وبوصلة، وإنارة ملاحية، بالصيد في المياه اﻹقليمية.
لكن المشكلة كما يقول “خالد” إن غالبية القوارب أقل من عشرة أمتار مربعة، كما أن التجهيزات المطلوبة ثمنها غال جداً (آلاف الدولارات)، “أي أن مرارة العيش ستبقى تلاحقنا إلى أبد الآبدين.”
المازوت متوفر “للحيتان” فقط
كان إجمالي الناتج السوري من اﻷسماك البحرية والنهرية والمستزرعة حتى العام 2012 ما يقرب من 12 ألف طن تشمل كل الجغرافيا السورية منها أقل من 3 آلاف طن من السمك البحري، وفقاً لتصريحات سابقة لمدير الهيئة العامة للثروة السمكية.
لكن هذه الكمية انخفضت بسبب ظروف البلد إلى أقل من النصف، وهو ما يؤكده صيادو مرفأ الصيد والنزهة ومرافئ أخرى، ويقولون إن سبب هذا النقص يعود إلى جملة عوامل منها صعوبة توفير الوقود.
ويقول “أبو صبحي” وهو صياد وصاحب مركب: “هناك حصص لكل مركب تحدد تبعاً لحجم المركب وسعة محركه وتوزع كميات محددة بعد تطبيق نظام البطاقة الذكية، ولكنها لا تكفي لتغطية نفقات الصيد كما كنا سابقاً.”
وأجبر هذا الواقع الكثيرين من أصحاب المراكب على الإحجام عن الذهاب إلى الصيد خاصة أن سعر المازوت الحر (السوق السودا) يبلغ ضعف المازوت المدعوم.
الغالبية العظمى من “الفقراء وصغار الصيادين متضرّرون” من قلة الكميات (حوالي 400 لتر فقط) لأنّ الإنتاج لا يكفي لإعالة عائلاتهم، خاصة مع وجود مصاريف الزوارق والرحلات اليومية.
وينطبق هذا الكلام على قسم كبير من صيادي القوارب، إلا أن “الحيتان” وحدهم يتمتعون بقدرة الحصول على المازوت في أي وقت.
وهؤلاء عدا عن هذا، “قادرون على ممارسة الصيد بكل الطرق المتاحة”، ومنها طرق غير قانونية، مثل الجرف والصيد بالديناميت.
“الأسماك الكبيرة تلتهم الصغيرة”
يقول صيادون إن المثل السابق ينطبق عليهم أكثر مما ينطبق على السمك، ففي حين قد تنجو بعض الأسماك من الالتهام أو الصيد أو الديناميت فإن الصيادين لن يتمكنوا من النجاة في ظل “التفاف مستمر لتجار سوق السمك على الأسعار.”
وتجري العملية بتحديد سقف لأسعار السمك لا يتم تجاوزه مهما حصل، في حين يباع لصالح المطاعم والسكان “بأسعار خرافية.”
وينقل الصيادون غلتهم إلى سوق السمك، ويعرف هنا باسم “ساحة السمك” وتقع في حي الطابيات، حيث يأتي تاجر يعمل على تقييم اﻷسماك ووزنها ويدفع المال المتفق عليه مع الصيادين ويحمل السمك في صناديق خشبية وينقلها إلى جهات متعددة، وما يبقى منه يباع للسكان.
يقول الصياد أبو محمد (46 عاماً) إن أكثر الأنواع مبيعاً هي البلميدا كونها اﻷرخض، “ثمن الكيلو حالياً حوالي 2500 ليرة سورية والسردين أقل بحدود 1500-2000، واﻷغلى الذي يشتريه الأغنياء يصل سعره إلى خمسين ألف مثل اللقس والقجاج.”
ويقول صياد آخر إن: “التاجر مهما حلف أمامك فهو كذاب، بدءاً من أسطوانة “ما عم توفي معنا” وصولاً إلى “عم ندفع لفلان وعلتان.”
لكن في الواقع “يتفق هؤلاء علينا دائماً”، من خلال مزاد علني “شكلي” ينتهي دوماً عند رقم متفق عليه بينهم. هي “سرقة ولكن ماذا بمقدورنا أن نفعل؟ ولا شي، لو أن هناك منافذ شراء رسمية من الدولة سيكون الأمر أفضل.”
ويرفض “أبو محمد”، أحد تجار سوق السمك هذه الاتهامات، ويقول إنه كصياد سابق يقدّر تعب الصيادين، “لكن المشكلة دائماً وأبداً هي طمع الصيادين وتصورهم أن الكميات التي يبيعونها ستجعلهم أغنياء، أو أنه لا يوجد غير بضاعتهم في السوق.”
ويضيف: “في الحقيقة السمك المبرّد حاضر دائماً، ولولا أن لدينا زبائن يشترون منا لكنا نحن كذلك من الخاسرين.”
وفقاً لأرقام شبه رسمية فإن اللاذقية تضم قرابة ثلاثة آلاف صياد نصفهم غير مسجل لدى النقابة.
كما أن هناك نحو ألفي قارب بمختلف اﻷحجام والقياسات، أي أن هناك على اﻷقل، خمسة آلاف عائلة مرتبطة بهذا القطاع.
ويرى معظم الصيادين أنهم الحلقة المفقودة في التخطيط ﻷي عمل يتعلق بهم أو بمستقبلهم، أو حتى بأي قرار رسمي.
ويقول “منير” (67 عاماً) وهو اسم مستعار لصياد: “كان لدينا شيخ الكار نلجأ إليه لحل مشاكلنا. كلمته كانت مسموعة لدى الكل، اليوم النقابة شكلية، تأخذ الاشتراكات، وليس لديها سلطة على أحد، إذا جاء قرار حتى لو كان ضد مصلحة الصيادين فإنها تقوم بتنفيذه دون اعتراض.”