موسكو-فهيم الصوراني – NPA
يتواصل السجال حول مستقبل إدلب، آخر معاقل المعارضة المسلحة في سوريا، والشوكة الأكبر في حلق الانتقال نحو التسوية السياسية للازمة هناك، مع تراجع لمستوى التفاؤل الذي علق على تفاهمات استانا بهذا الخصوص.
ووفق مراقبين روس, تتحمل تركيا في هذا السياق مسؤولية التلكؤ في تنفيذ البند الخاص بفصل المجموعات المسلحة المصنفة كإرهابية، عن الفصائل المعتدلة، وإخراج كافة المجموعات المسلحة المتطرفة من إدلب، وإيجاد مكان تتجه إليه، حسب تفاهمات استانا.
وتُطرح تساؤلات حول مغزى الصبر الروسي تجاه مماطلة انقرة، لا سيما أن موسكو من أكثر أطراف الأزمة السورية اهتماماً بوضعها على سكة الحل السياسي.
لعبة مكشوفة
الخبير الروسي في الشؤون العسكرية فيكتور بارانتسيف يستبعد إمكانية وجود سيناريو متفق عليه بين موسكو وتركيا بخصوص ملف إدلب، ويصف العلاقة بينهما بأنها نار تحت الرماد، تختفي وراء ستار دبلوماسي يهدف إلى الإبقاء على التواصل قائما مع أردوغان وابقاءه تحت العين الروسية.

ويلمح الخبير الروسي إلى أن موسكو تتنبأ بفشل جيوسياسي مدوي لأردوغان. فأجهزة صنع القرار في روسيا متيقظة إلى محاولات تركيا اللعب على التناقضات الروسية الأمريكية في الملف السوري، وابتزاز واشنطن عبر ورقة شراء منظومة اس-٤٠٠ الروسية، للحصول على حرية حركة أوسع في الفضاء الإقليمي، تكون لتركيا الكلمة الاخيرة فيه.
ورغم عدم استبعاده حصول حراك دبلوماسي جديد لإنقاذ وتفعيل تفاهمات استانا، إلا أن بارانتسيف يتوقع تعاظم عدوانية تركيا في إدلب مع استشعارها بقرب خسارتها لآخر معاقلها في سوريا.
ويلفت إلى أن النفوذ التركي تلقى ضربة موجعة في ليبيا, مع تراجع حكومة السراج أمام القوات التي يقودها المشير خليفة حفتر، ما تسبب بإرباك داخل حكومة اردوغان، وفي نفس الوقت، بحالة تشفي لدى خصومه في المشهد السياسي داخل تركيا.
وبرأيه، وفي ما يخص إدلب، فان موسكو تدرك جيداً أن وقف دعم انقرة للجماعات الإرهابية في إدلب سيجعل الأخيرة لقمة سائغة للقوات السورية والروسية, ما سيحرم أنقرة في حال حصول ذلك، من نفوذها في إدلب، ويضعف من أوراق أردوغان التي تآكلت الى حد كبير مع استعادة الجيش السوري وحلفاؤه على مساحات شاسعة واستراتيجية من سوريا.
وفي السياق ذاته يقول إن الأوضاع في المحافظة السورية ما زالت بعيدة عن الحل السياسي, وان ما يزيد من تعقيدها وقوع سكانها اسرى تحت رحمة الجماعات المتطرفة التابعة لتركيا وابقاءهم تحت رحمة لعبة سياسية إقليمية، تديرها تركيا ولا تكف عن محاولات توسيع نطاقها.
واعاد إلى الأذهان قيام أردوغان عدة مرات بالطلب من الرئيس بوتين وقف عمليات الجيش السوري في إدلب، لكنه أوضح أن تركيا ستسلم في النهاية بأن مغامراتها في سوريا اصبح اقرب من اي وقت مضى إلى خسارتها الجيوسياسية الأبرز في القرن الـ 21.