شباب في دمشق يتطلعون لإقرار الحكومة البدل الداخلي للخدمة العسكرية

دمشق – نورث برس

لاقت ترجيحات من جهات حكومية رسمية مؤخراً بإقرار البدل الداخلي للخدمة الإلزامية ترحيباً واسعاً في الأوساط الشعبية في الشارع الدمشقي، ولا سيما لدى شباب تعيق الخدمة العسكرية حياتهم وتنقلهم داخل المدينة والبلاد.

ويتجنب كثير من الشباب المطلوبين للخدمة العسكرية الإجبارية في مناطق سيطرة الحكومة المرور بالحواجز الأمنية أو التنقل بحرية خشية سوقهم للتجنيد في صفوف القوات الحكومية.

“لا أريد سلاحاً”

وقال محمد الجاسم (27 عاماً)، وهو اسم مستعار لخريج من كلية الآداب جامعة دمشق، أنه سيكون من أوائل الذين يدفعون البدل الداخلي في حال تم إقراره، “حتى لو اضطررت لبيع كل ما أملك.”

وأضاف لنورث برس:” لا أريد الخدمة في الجيش. لست مضطراً لأن أُزج نفسي في حرب لا نهاية لها ولا أعلم إن كنت سأخرج منها حياً أم لا. فأنا إنسان متعلم وسلاحي هو قلمي وكلمتي ولا أريد سلاحاً غير ذلك.”

ويقيم “الجاسم” في منطقة جرمانا بضواحي دمشق، وهو متخفٍ عن الأنظار ولا يخرج من المنزل إلا في ظروف حرجة لأنه مطلوب للخدمة العسكرية الإجبارية.

وكان وزير المالية السوري كنان ياغي قد قال، في مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، إن وزارته تؤيد إقرار البدل الداخلي للخدمة الإلزامية.

وذكر  “ياغي”، في كلمة أمام أعضاء مجلس الشعب في جلسته المنعقدة في الثاني من الشهر الجاري، أنه يعتقد أن موضوع البدل الداخلي” قيد الدراسة حالياً، ويمكن أن يظهر شيئاً قريباً حوله.”

وظهرت مواقف متباينة من أعضاء مجلس الشعب حينها، نشرت على وسائل إعلام محلية ومقربة من الحكومة، فقد رأى البعض في القرار المحتمل مصدراً جديداً لخزينة الدولة، بينما اعتبر آخرون القرار “طبقياُ” لصالح الأغنياء.

“الحاجة للقطع الأجنبي”

ويحجم غالبية الشباب في العاصمة كسائر الشباب السوريين عن التوجه للخدمة الإجبارية في الجيش الحكومي لعوامل عدة أبرزها الموقف من الحرب والظروف الاقتصادية المتردية، فيفضلون التواري عن الأنظار والابتعاد عن الحواجز والنقاط الأمنية كي لا يتم سوقهم للتجنيد الاجباري.

وقال وسام العاصم (24 عاماً)، وهو اسم مستعار لشاب مقيم في منطقة دمر على أطراف مدينة دمشق، إن إقرار البدل الداخلي سينعش حركة عودة الشباب إلى سوريا بشكل كبير، داعياً الحكومة إلى إقراره على وجه السرعة.

ورأى “العاصم” أن البدل الداخلي سيتم إقراره آجلاً أم عاجلاً، وأرجع سبب ذلك إلى حاجة الحكومة السورية إلى القطع الأجنبي (الدولار) لمستوى ثلاثة ألاف ليرة سورية مقابل الدولار الواحد.

ويعتقد الشاب أن السبب نفسه دفع الرئيس السوري بشار الأسد لإصدار مرسوم حدد قيمة البدل الخارجي وبدل الخدمات الثابتة بالعملة الأجنبية.

وكان المرسوم، الصادر في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، قد قضى بإجراء تعديلات على قانون خدمة العلم في سوريا فيما يخص البدل الخارجي وسمح للمكلفين بالخدمات الثابتة داخل البلاد بالإعفاء من الخدمة العسكرية مقابل دفع ثلاثة آلاف دولار أمريكي.

كما سمح المرسوم بدفع بدل بقيمة عشرة آلاف دولار أمريكي للمغتربين لأكثر من عام وأقل من عامين، وتسعة آلاف دولار للمغتربين لأكثر من عامين وأقل من ثلاث سنوات، وثمانية آلاف دولار أمريكي لمن قضوا أكثر من ثلاثة أعوام خارج البلاد.

“هم كبير”

ويأمل سلوم العابد (62 عاماً)، وهو اسم مستعار لمحام يقيم في حي ركن الدين الدمشقي، في أن يتم إقرار البدل الداخلي كي يتخلص من ” الهم الكبير” الذي يحمله حول مستقبل ابنه الشاب الذي يبلغ 27 عاماً والذي اقترب من استنفاذ كل فرصه في التأجيل الدراسي.

وقال:” بصراحة أنا خائف على حياة ابني ومستقبله، ولا تكاد تمر ليلة علي إلا وأفكر في كيفية إبعاده عن شبح الخدمة العسكرية.”

وأدت الحرب الناتجة عن الأزمة السورية، والتي بدأت على شكل اضطرابات شعبية في آذار/مارس 2011، إلى مقتل نحو /500/ ألف شخص، وفقاً لتقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ومنذ عام 2012 عقدت سلسلة اجتماعات بشأن الحل في سوريا في مدينة جنيف السويسرية تحت رعاية الأمم المتحدة، لكن الخلافات العالقة بين الحكومة السورية والمعارضة وعدم وجود توافق دولي للحل حالت دون حسم القضايا المطروحة للتفاوض.

ولم يخف الستيني، وهو والد ابن آخر مسافر إلى ألمانيا منذ عدة أعوام، شعوره “ببعض التفاؤل” تجاه احتمال اقتراح جهات رسمية في الحكومة إقرار البدل الداخلي.

إعداد: وحيد العطار – تحرير: حكيم أحمد