إعلان الائتلاف السوري تشكيل مفوضية عليا للانتخاب يثير غضب معارضين سوريين
إسطنبول ـ نورث برس
أثار إعلان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيانٍ، أمس الجمعة، عن تشكيل “المفوضية العليا للانتخابات”، غضب معارضين سوريين.
وطالب معارضون سوريون رئيس الائتلاف نصر الحريري، بالتراجع “فوراً” عن القرار، الذي وصفوه بأنه “اعتراف رسمي بشرعية النظام السوري.”
وأشاروا إلى أنه ليس من صلاحية الائتلاف تشكيل هيئة انتخابات، وأن الأمر من اختصاص هيئة الحكم الانتقالية بعد تشكيلها، وفق بيان جنيف واحد، والقرار الأممي 2254.
وقال الائتلاف السوري في بيان أمس الجمعة، إن من مهام هذه المفوضية “وضع الخطط والاستراتيجيات وتنفيذها والتحضير للمشاركة في الاستحقاقات السياسية المقبلة.”
ومن بين الاستحقاقات “الاستفتاء على مشروع الدستور، ونشر الوعي بالمشاركة في الاستحقاقات الوطنية، والتعاون والتنسيق مع القوى الاجتماعية والمدنية والسياسية داخل سوريا بما فيها الموجودة في مناطق الحكومة.”
بالإضافةً إلى دول اللجوء والمهجر، عبر كل الطرق المتاحة، أو الوصول لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام.
وأشار الائتلاف إلى أن آلية عمل المفوضية تتمثل بـ”تدريب كادر فني، وفرق عمل في كافة محافظات الداخل السوري الممكن الوصول إليها، وفي دول اللجوء الأساسية.”
وتتضمن الآلية أيضاً: “إجراء المحاضرات والندوات واللقاءات مع السوريين في أماكن وجودهم أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتصميم الدعايات والإعلانات والتسجيلات المرئية والمسموعة والمكتوبة ونشرها بين فئات الشعب السوري كافة.”
وتدعم الآلية، الكيانات التي تضم المعارضين في دول اللجوء، بحيث تتمكن هذه الكيانات من دعم عمل الائتلاف في الانتخابات، وتمكنه من تمثيل الشعب السوري بشكل حقيقي.
رفض للقرار
وأصدر “نشطاء الثورة السورية” بياناً أشاروا فيه إلى رفضهم لقرار الائتلاف، إن “إجراء أي انتخابات قبل سقوط النظام، وعلى رأسه بشار الأسد، هو إجهاض للثورة.”
ووصفوا القرار بأنه “تنازل عن حق المعتقلين، وتنكُّر لدماء الشهداء، وتجاوز معاناة الشعب، ومحاولة الائتلاف لإعادة شرعنة النظام ومنحه صك البراءة على ما اقترف من جرائم.”
وقال البيان إن “الجميع يعلم أن قدرة الائتلاف محصورة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وقسد، وسيعجز حتى عن إعداد وتقديم اللوائح الانتخابية.”
وأضاف: “قوائم النظام جاهزة وهي التي ستعترف بها الأمم المتحدة.”
بيان توضيحي
وبعد موجة الغضب، سارع الائتلاف لإصدار بيان توضيحي، قال فيه إنه “لا بديل عن هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات، وإنه لا يمكن القبول أو المشاركة بأي انتخابات بوجود هذا النظام.”
وجاء في البيان: “التزاماً من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بتنفيذ مسؤولياته تجاه قرار مجلس الأمن الدولي 2245، وبيان جنيف لعام 2012، ولكي تكون كوادر الثورة السورية، وقواها مستعدة لكامل الاستحقاقات المتعلقة بتنفيذ الحل السياسي، وتأسيس هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات دون الأسد، وفقاً لخطة السلال الأربعة، قرر الائتلاف إنشاء مفوضية وطنية للانتخابات استعداداً للمرحلة الانتقالية وما بعدها.”
وأشار إلى أنه “ستعمل المفوضية على التشبيك مع الكيانات السورية الثورية والمعارضة، في جميع أنحاء العالم بما يساهم في تبادل الدعم وصولاً إلى ضمان انتخاب الممثلين الحقيقيين للشعب السوري.”
وأضاف أن المفوضية “ستعمل على تعزيز مبدأ المشاركة والتعاون مع القوى الاجتماعية والمدنية والسياسية داخل وخارج البلاد.”
ورغم أهمية إنشاء المفوضية كخطوة على طريق الحل السياسي، بحسب البيان، “لكنها لن تكون كافية، ما لم يتم اتخاذ موقف دولي لإنهاء المشروع الإجرامي في سوريا.”
وطالب البيان بضرورة “الانتقال السياسي للحكم، بما يضمن حرية وكرامة المواطنين ويعمل على محاسبة المجرمين من جهة، وعلى رعاية وتضميد جراح المتضررين والضحايا من جهة أخرى.”
ردود فعل
وتساءل أحد قادة فصائل الجيش الوطني السوري التابع لتركيا، فضل عدم الكشف عن اسمه، “ما الذي جد حتى يخرج الائتلاف بهذا القرار بعد مقاطعته لمؤتمر إعادة اللاجئين السوريين.”
وقال في حديث لنورث برس، إن “هذا القرار لا معنى له سوى نية من أصدره المشاركة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يسعى النظام لإجرائها العام القادم.”
وأشار إلى أن القرار هو “إقرار صريح وواضح بمشاركة النظام في الانتخابات، وهذه جريمة بحق الثورة.”
وأضاف أنه “بالتالي الائتلاف وقوى المعارضة، وكل مكوناتها تندثر مع سقوط النظام، لأنها حالة مؤقتة تنتهي بإسقاط النظام وبناء دولة جديدة ونظام حكم جديد، وإنشاء هيئات ومفوضيات للانتخابات، لا مبرر له.”
ويرى المصدر أن القرار “يمكن فهمه على أنه نوع من المجاراة أو الاعتراف المبكر بالانتخابات غير الشرعية لنظام الأسد واستجابة للضغوطات والمسارات التي تحيّد القرارات الدولية.”
وأشار ناشطون من المعارضة السورية إلى أن بعض شخصيات في الائتلاف والتي تكون مسؤولة عن إصدار القرارات لا يمثلون إلا أنفسهم “وهم عملاء باعوا كل شيء من أجل مصالحهم.”
ويرى الناشطون أن هؤلاء “هم أكبر عقبة في التحرر ونجاح الثورة، لأنهم بانتهاء النظام ونجاح الثورة سيفقدون وظائفهم.”
وفي تموز/ يوليو الماضي، أعلن الائتلاف السوري، عن انتخاب الحريري، رئيساً جديداً له خلفاً لـ”أنس العبدة” المنتهية ولايته والذي تم انتخابه رئيساً للهيئة العليا للمفاوضات السورية.
وشكَّك سياسيون حينها، بمدى قدرة الحريري على النهوض بالائتلاف، وقالوا: إنه “لا يستطيع لا نصر الحريري ولا غيره النهوض بالائتلاف لأنهم بالأساس ليسوا أصحاب قرار فيه.”
وقال سليم الخراط، وهو مستشار في المصالحات الوطنية بدمشق، لنورث برس، إن “الحكومة السورية شددت على أن الحوار هو الطريق للأمن والاستقرار، ولا مكان لمعارضات مسلحة في سوريا.”