فتيات في إدلب أجبرن على زواج الأقارب.. والضحايا مواليد مرضى وغياب حقوق الزوجات
إدلب – نورث برس
بالرغم من التحذيرات الطبية والمخاطر الصحية الناتجة عن زواج الأقارب، لا تزال عائلات في إدلب، شمال غربي سوريا، تجبر بناتها على الزواج من أقاربهن بحكم العادات والتقاليد التي تكرس الاعتقاد بأن القريب أولى بالفتاة من غيره.
لكن المواليد الجدد هم المتضررون بالدرجة الأولى من ظاهرة زواج الأقارب، حيث التشوهات الخلقية والإعاقات والإصابة بأمراض وراثية مزمنة، بحسب دراسات طبية.
وقالت سمر العلي (18 عاماً)، وهي من سكان مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، إنها أجبرت على الزواج من ابن عمها منذ قرابة العامين، “كنت أرفض الزواج منه بحكم نظرتي له كأخ لي، لكن والدي أجبرني على ذلك.”
لكن الزواج أثمر بعد عام طفلاً مصاباً بمرض الثلاسيميا (فقر دم وراثي مزمن)، “هو من سيدفع ثمن ذلك الزواج طوال حياته”.
وتضطر “العلي” لأخذ طفلها كل أسبوعين إلى أحد مراكز العناية بمرضى الثلاسيميا لنقل الدم له، ومن المؤسف أن تلك العملية ستُفرض عليه طوال حياته.
ويحتاج الأطفال المصابون بمرض الثلاسيميا إلى قضاء عدة ساعات في المشفى من أجل نقل دم منتظم إليهم، حيث يحتاج البعض منهم إلى تبديل الدم كل 15 يوماً والبعض الآخر يبدل دمه كل شهر تقريباً وفق درجة المرض.
وقال سكان من إدلب إن ظاهرة زواج الأقارب ازدادت أكثر في ظل الحرب، حيث أرجع بعضهم ذلك إلى عدة أسباب، منها ذرائع بالحاجة إلى حماية الفتاة من الظروف الأمنية والاجتماعية من اختطاف واغتصاب.
إضافة إلى نزوح أو لجوء الأقارب معاً إلى وجهة معينة داخل البلاد أو خارجها، إلى جانب انخفاض تكاليف الزواج مقارنة مع الزواج من نساء من خارج العائلة.
وقررت عائشة المحمود (30 عاماً)، وهي من سكان بلدة كفرلوسين بريف إدلب الشمالي، التوقف عن الإنجاب بعد مولود يعاني من شلل بطرفيه السفليين، تحوّل مع الوقت إلى ضمور في العضلات حتى لم يعد قادراً على الحركة والمشي.
وقالت “المحمود “، المتزوجة من ابن عمها الذي هو في الوقت نفسه ابن خالتها، لنورث برس، إنها توقفت عن الإنجاب حتى لا يواجه مواليد جدد لها مصير ابنها نفسه.
وأصرت المرأة على موقفها هذا حتى مع إقدام زوجها على الزواج من امرأة أخرى.
وحذر عبد القادر المحمد (30 عاماً)، وهو طبيب في إدلب المدينة، من زواج الأقارب دون الخضوع لفحوصات الطبية.
“العديد من الأقارب لا يخضعون للفحوصات الطبية لعدم إدراكهم المخاطر الصحية التي قد تنجم عن هذا النوع من الزواج.”
وبحسب الطبيب، فإن الأمراض الأكثر شيوعاً بين الأطفال نتيجة زواج الأقارب هي التأخر العقلي والتكيس الكلوي والأمراض القلبية وأمراض الكبد.
كما “تزيد فرص الإصابة بداء السكري وأمراض الدم وأخطرها مرض الثلاسيميا الذي ليس له علاج.”، بحسب “المحمد”.
ويعتقد بعض ممن يقومون بتزويج بناتهم لأقاربهم أن زواج الأقارب يقوي العلاقات العائلية ويحافظ على تماسكها وتقاليدها، إذ “تبرز العادات والتقاليد هنا بشكل أقوى من الحقائق العلمية”.
من جانب آخر، قالت مروة الحلاق (20 عاماً)، وهو اسم مستعار لفتاة من مدينة إدلب فضلت عدم نشر اسمها، إن الفتاة المتزوجة من أحد أقاربها تضطر في أكثر الأحيان “للتحمل والسكوت عن حقوقها لتجنب الخلافات بين العائلتين.”
وأشارت إلى أن زواجها من ابن خالها منذ عام كان بسبب ضغط والدتها عليها، “لكن ورغم المشاكل والخلافات المستمرة بيننا ورغم غياب التفاهم والانسجام بيننا، أنا مضطرة للتحمل لتلافي الخلافات بين أهلي وأهل زوجي.”