فلسطينيون راغبون بالعودة لمنازلهم بمخيم اليرموك بدمشق يتخوفون من كمين الموافقات الأمنية

دمشق- نورث برس

للأسبوع الثاني على التوالي، تتوافد أعداد من أهالي مخيم اليرموك في دمشق للتسجيل على العودة إلى المخيم لدى المكتب عند الذي أحدثته محافظة دمشق في بداية شارع الثلاثين جنوبي العاصمة .

وكانت الحكومة السورية قد قررت، في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، السماح بعودة سكان مخيم اليرموك إلى منازلهم بالتنسيق مع مجلس محافظة دمشق.

وأعلنت محافظة دمشق استقبال طلبات عودة الأهالي إلى منازلهم  في المخيم اعتباراً من العاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت.

لكن الراغبين بالعودة ووجهوا بسلسلة من الشروط تضمنت السلامة الإنشائية للعقار وإثبات الملكية والحصول على الموافقات الأمنية، بعد إلغاء شرط وثيقة براءة ذمة للماء والكهرباء، ليتم تقديم تلك التصاريح في مكاتب بجانب “المفرزة” في شارع الثلاثين.

وسخر ناشطون من تلك الشروط وقالوا إن السلامة الإنشائية مثلاً تحتاج “تشكيل لجان قد يستغرق عملها عمراً”، في إشارة إلى الروتين الذي يعطل عمل اللجان الحكومية.

بينما قال عمر كرم، وهو اسم مستعار لفلسطيني من سكان مخيم جرمانا، إن هذه الإجراءات فُرضت من قبل السلطات الأمنية السورية، “فقد اجتمعت الفصائل الفلسطينية قبل حوالي أسبوعين لتشجيع الأهالي على العودة.”

ويفترض أن يتلقى صاحب الطلب، بعد قرابة 30 يوماً من تقديم الأوراق المطلوبة للفروع الأمنية، مكالمة من فرع الأمن العسكري في منطقة العدوي بدمشق لتسلّم الموافقة الأمنية التي تتيح له العودة والسكن في مخيم اليرموك.

لكن وفي الوقت الذي ينتظر كثير من أهالي مخيم اليرموك الحصول على تلك الوثائق، قال “أبو نوري”، وهو اسم مستعار لأحد سكان المخيم، إن “الموافقة الأمنية كمين لاصطياد مطلوبين لأجهزة الأمن.”

وأضاف: “المخابرات  تبحث عن بعض من تعتبرهم مطلوبين، وعندما يتقدم فرد من العائلة  بطلب يكون قد وقع في فخهم.”

أما أحمد العلي، وهو أحد أهالي المخيم الراغبين بالعودة، قال إنه ينتظر نتيجة تقدم آخرين بأوراقهم الثبوتية.

وأضاف: “إن سمحوا لهم سأتقدم بالطلب حتى لو عدت وجلست في الشارع، ففي المخيم منزلي ولم أعد أستطيع تحمل أعباء الإيجارات والتنقل من مكان لآخر.”

وكانت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”  قد قالت مطلع الشهر الجاري، إن 50 عائلة فلسطينية قدّمت أوراقها الثبوتية للحاجز التابع للأمن السوري عند مدخل شارع الثلاثين، بهدف الحصول على موافقات أمنية تمكنهم من العودة إلى منازلهم في مخيم اليرموك.

أما ليلى شرف، التي لم تتقدم بأوراقها بعد، فقالت:” أي ورقة أمنية ، شو داخلين نسرق بيوتنا، هذي شغلة العفيشة .. الحمد لله الحاجز موجود !!”

وكان سمير جزائرلي، وهو عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق، قد قال في تصريحات إعلامية سابقة إن بإمكان أصحاب المحلات التجارية أيضاً تقديم طلب العودة بعد الحصول على الموافقة، “فطلبات العودة تشمل العقار السكني والتجاري.”

وحسب جزائرلي ستتم إضاءة شارع اليرموك الرئيسي وشارعي فلسطين والثلاثين باستخدام الطاقة الشمسية، وذلك بعد مبادرة تطوعية أقدم عليها أحد المتبرعين.

ويدرك كثيرون من أهالي اليرموك صعوبة العودة إلى منازل مهدمة، لكن غالبيتهم لا يملكون خياراً آخر.

 وقالت “أم أحمد”، التي تعمل في صالون للحلاقة النسائية في جرمانا، إنها تفضل “السكن وسط الأنقاض على أن تبقى مهجرة تدفع الإيجارات.”

وأضافت: “قررت العودة رغم أن المخيّم غير صالح للسكن، وتكاليف إعادة تأهيل المنازل كبيرة جدّاً وأنا غير قادرة على استيفائها.”

وكان مخيم اليرموك قد شهد أعنف المعارك في محيط العاصمة، وتناوبت في السيطرة عليه فصائل مسلّحة مع جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، بعد خروج فصائل فلسطينية وأخرى سورية معارضة منه.

دخول القوات الحكومية إلى المخيم  جاء إثر جهود روسية أفضت في أيار/مايو 2018 إلى خروج نحو 2556 مسلحاً مع عائلاتهم عبر ممر إنساني بموجب اتفاق يقضي بإخراج المسلحين من اليرموك وفك الحصار عن آخرين في كفريا والفوعة.

ويقارن البعض بين مخيم اليرموك ومخيم السبينة، المدعوم من وكالة الأنروا لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والذي عاد إليه سكانه قبل نحو عامين.

وكانت القوات الحكومية قد استعادت سيطرتها على مخيم سبينة عام 2015، بينما عاد السكان في العام 2018.

 وقال محمد صافي، وهو اسم مستعار لإعلامي سوري من سكان السبينة، إن نسبة الدمار في المخيم تقدر بحوالي 15% فقط من الأبنية.

وأضاف لنورث برس: “مخيم سيينة مدعوم وفيه دائرة خدمات تتبع للوكالة الأممية، وهو مخدم بخطوط نقل من السبينة باتجاه نهر عيشة جنوب دمشق، إلى جانب عمل شبكات الكهرباء والهاتف والإنترنت فيها.”

إعداد: أوس حمزة – تحرير: حكيم أحمد