دمشق- نورث برس
تعج مكتبات في العاصمة دمشق بمطبوعات يقول قراء إنها تشبه ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، لتحتل صدارة الواجهات.
وتتسابق أيدي البعض للحصول على كتاب أنيق باللون الأسود وباللغة العامية، بينما “يشكو دوستويفسكي خيوط العنكبوت وسماكة الغبار”، وفق تهكم صاحب أحد متاجر الكتب في العاصمة.
و يعتبر الأدب “الرديء” ظاهرة قديمة تعاني منها الأوساط الثقافية، ويختلف الكثير من الأدباء والنقاد حول المعايير التي تحدد هذا الأدب.
ويستقبل أصحاب المكتبات هذه الكتب لأن غايتهم في النهاية هي البيع والربح.
ويتأسف محمد نويلاتي، وهو صاحب مكتبة في منطقة الحلبوني في دمشق، لأن تاجر الكتب يجلب دائماً الأكثر مبيعاً وطلباً، “وغالباً ما تكون هذه الكتب دون المستوى.”
ويقول “نويلاتي ” إن جمهور الكتب التجارية “لا يستهان به، ويجب مراعاة جميع الأذواق، فهي تجارية وفقاً لرأيي، ولدي الكثير من الكتب المهمة لكن الطلب عليها قليل.”
ويقوم صاحب المكتبة بعرض الكتب الجديدة “المطلوبة” على الواجهة، روايات وقصص وأشعار تتميز بأغلفة جذابة وعناوين ملفتة.
“الأدب سينتصر”
وقال الروائي السوري ممدوح عزام إن المشكلة تكمن في تعريف هذه الظاهرة، “فالأدب في جهة والرداءة في جهة أخرى، وبالتالي يمكننا أن نقول إنها كتابة رديئة فقط.”
ويرى “عزام” أن من الضروري البحث عن الدوافع، لأن نشر الكتب “عمل غير مربح على الإطلاق.”
كما يعتقد أن “لا علاقة لظروف الحرب السورية بظاهرة نشر الكتابات الرديئة، “إذ لطالما كان هناك كتابات رديئة تدعي أنها قصة أو شعر أو رواية.”
ولا يشجع الروائي السوري الوصاية على عملية النشر، لأن “الأصل هو الثقة بالقارئ، فليكتب الناس وتَنشر ما تريد، فإن الأدب منتصرٌ في النهاية”.
وللكاتب ممدوح عزام أعمال قصصية وروائية، بينها رواية “قصر المطر” الصادرة عام 1998 والتي مُنعت من التداول.
“نشاطات سهلة”
لكن السيناريست السوري ممدوح حمادة يشجع تحديد معايير معروفة للكتابة، إلى جانب “منع كل ما يحرض على القتل أو يروج للعنصرية بكافة أشكالها، وفيما عدا ذلك أنا أشجع على حل مؤسسة الرقابة كلياً.
و يعتقد “حمادة” أن للحرب في سوريا وتدهور الأوضاع على كافة الأصعدة دوراً في تفاقم ظاهرة نشر هذه الكتب.
وبحسب متابعين، كان المظهر الديني قد طغى على الدورة الـ 31 لمعرض الكتاب الدولي بدمشق التي أقيمت في أيلول 2019، بينما لم تعقد الدورة الـ 32 في إطار الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا المستجد.
وقالت نوهت جمول (26 عاماً)، وهي متخرجة من كلية الآداب ومتابعة للنشاط الثقافي بالعاصمة، إن سهولة حجز المراكز الثقافية في دمشق لإحياء أمسيات أدبية، أدت لظهور هذه الأسماء وكتبهم.
وأشارت “جمول” إلى دعوة أحد المنجمين لإلقاء محاضرة في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة.
وأضافت: “لم تكتف الوزارة بإهانة الجمهور بهذه الطريقة بل منحت ضيفها لقب دكتور في الطاقة الروحية رغم عدم وجود جامعة تدرس هذا الاختصاص.”
“ربح الناشرين”
من جانبها، قالت الروائية أميرة الكردي، وهي مديرة دار سوريانا الدولية للطباعة والنشر، إن أعلى المبيعات تحققها كتب الأبراج والكتب التي تبحث في الطاقة الروحية وبعض الروايات.
وأضافت لنورث برس: “لا أريد أن يفهم أحد أننا تجاريون ولا يهمنا سوى الربح، فلو كان الأمر كذلك لاخترنا مهنة أخرى، ولكن هذا لا يعني أن دار النشر ليس لديها أعباء مالية.”
وتصدر هذه الكتب رغم أن دور النشر ترفض نشر الكثير من المخطوطات التي تصلها “لأنها رديئة”، على حد قول “الكردي”.