في ريف ديرك “آمالنا”.. مركز تأهيل يقدم رعاية لأطفال يعانون من “طيف التوحد”

كركي لكي – نورث برس

تتابع ليلوز ذات الأعوام الستة تأهيلها منذ عامين في مركز “آمالنا” لعلاج وتأهيل وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة، في بلدة كركي لكي (معبدة) بريف ديرك، أقصى شمال وشرق سوريا، لتبدأ بالنطق وتحرز تحسناً خلال ارتيادها للمركز.

وتعاني الطفلة ليلوز من اضطراب طيف التوحد، إذ ظهرت الأعراض عليها وهي في الرابعة من عمرها، وهو ما دفع والدتها للبحث عن مركز خاص للتأهيل في بلدة معبدة لافتقار مدينة ديرك التي تسكنها لمراكز تأهيل من هذا النوع.

وقالت نورة محمد (35 عاماً)، وهي والدة الطفلة ليلوز، إنها تعاني من صعوبة المواصلات وتحمل تكاليفها، بالإضافة لبعد المركز عن مدينة ديرك، “لكني لا أستطيع ترك ابنتي بدون تأهيل.”

ويستقبل المركز منذ قرابة عامين ونصف ما بين 30 و40 طفلاً كل عام، على اختلاف أعمارهم ودرجات إصابتهم، بحسب إدارة المركز.

ويتم تسجيل الأطفال  ضمن المركز برسوم مالية شهرية تصل إلى 40 ألف ليرة سورية، بينما تتحمل عائلات الأطفال تكاليف نقلهم إلى المركز بشكل فردي أو التعاقد مع سيارة لنقل مجموعة منهم.

وأشارت “محمد” إلى أن هناك العديد من الأطفال في مدينة ديرك يعانون من مرض التوحد، لكن صعوبة الوضع الاقتصادي لعائلاتهم وعدم وجود مراكز تأهيل عامة يدفعهم لعدم متابعة وضعهم، إلى جانب الخشية من تنمر المحيطين بهم.

وأضافت: “استطعت  تخطي مسألة النظرة المجتمعية، وفكرت بمصلحة طفلتي وخاصة بعد تحسنها في المركز.”

ويعتمد مركز “آمالنا” على برنامج لوفاس (وهو برنامج تربوي من برامج التدخل المبكر لأطفال التوحد) في التأهيل والتعليم، حيث يتم على أساسه وضع الخطة التعليمية والأهداف السنوية للأطفال، بحسب القائمين على المركز.

ويتم تشخيص الحالة وأي نقص لدى الأطفال من مهارة معرفية أو سلوكية سمعية أو نطقية في البداية، ثم العمل على نقاط الضعف بجلسات فردية، لتتم بعدها عملية الدمج للتعليم الجماعي والنشاط التربوي مع إشراك العائلة في عملية التعليم.

 وقالت حليمة الحسن (33 عاماً)، وهي معلمة في المركز، إنها تعمل على تعديل سلوك الأطفال وتطوير تواصلهم البصري وزيادة تركيزهم وانتباههم عبر جلسات خاصة بهم.

ويبداً دوام الأطفال ضمن المركز من التاسعة صباحاً وحتى الثانية عشر ظهراً، “مع القيام بنشاطات وفواصل ترفيهية جماعية”، بحسب “الحسن”.

وترى المعلمة أن التعامل مع الأطفال المصابين بالتوحد يختلف كلياً عن باقي الأطفال، حيث لدى بعضهم سلوكيات عدوانية وانعزالية وتأخر في الكلام، “الجهد معهم مضاعف، أحاول إبعادهم عن عالمهم المنعزل والعمل على دمجهم.”

وتقوم أربع معلمات حاصلات على إجازات تربوية جامعية بتعليم وتأهيل الأطفال في المركز، بعد أن خضعن لدورات تؤهلهن للتعامل مع أطفال المصابين بالتوحد.

وتم تخريج قسم من الأطفال بعد تحسن حالاتهم ليتابعوا تحصيلهم العلمي في المدارس، بحسب “الحسن”.

من جانبها، قالت زينة العلي، وهي مديرة مركز آمالنا لعلاج وتأهيل وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة، إن المركز تم إغلاقه أثناء فرض الحظر الكلي بسبب فيروس كورونا، “وكان ذلك سبباً في تراجع المستوى الجيد الذي حققناه مع الأولياء وأولادهم، ما جعلنا نعود لنقطة البداية مع كثير من الحالات.”

وانتقدت “العلي”، وهي أخصائية في تقويم الكلام واللغة، عدم تلقي المركز لأي دعم أو مساعدة من قبل الهيئات المشرفة والمنظمات التي تعنى بحقوق الطفل، “طرقنا عدة أبواب لمحاولة دعم الأطفال بكافة احتياجاتهم، لكنها لم تفتح لنا.”

ورأت أن “من الضروري” افتتاح مراكز عامة مجانية لتأهيل الأطفال المصابين بالتوحد، “فالوضع المعيشي والاقتصادي لا يسمح للجميع بتسجيل أطفالهم بمراكز خاصة.”

إعداد: سلام الأحمد – تحرير: سوزدار محمد