مع انتخاب المرشح الديمقراطي جو بايدن ليكون الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة الأميركية، تتحول الأنظار إلى اختياره لأشخاص سيشغلون مناصب رئيسة في أروقة السياسة الخارجية ووزارة الدفاع.
فمعظم الأسماء التي تم اقتراحها لمناصب وزارية هي معارضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وداعمة لقوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى أنها معارضة للتدخل العسكري التركي ضد قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا.
وقد خدم البعض منهم في ظل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، حيث قررت الولايات المتحدة حينها ولأول مرة دعم وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) في كوباني، على الرغم من أن البعض قدم أيضاً المساعدة للمتمردين المتشددين الذين ينخرطون الآن ضمن صفوف المعارضة المدعومة من تركيا.
وتقلد البعض الآخر وظائف أبعد من ذلك كأعضاء في الكونغرس، المؤسسة الحكومية الأكثر استعداداً لفرض عقوبات على أردوغان نظراً للأفعال التي ارتكبها.
ولن يتم تسمية المرشحين للمناصب الوزارية إلا بعد تولي بايدن منصبه في كانون الثاني/يناير.
ويحتاج كل مرشح إلى خمسين صوتاً ليضمن الفوز، وقد تكون هذه عملية صعبة ضمن مجلس الشيوخ الذي من المحتمل أن يحصل فيه الجمهوريون على الأغلبية.
ولكن بغض النظر عمن سيكون الفائز، من المرجح أن ينظر إلى تركيا وقوات سوريا الديمقراطية والقضية الكردية بشكل مختلف عن أسلافهم الديمقراطيين والجمهوريين – وهذا إن دل على شيء إنما يدل على تحولات سياسية مواتية.
الدفاع
وميشيل فلورنوي، هي واحدة من أبرز المنافسين على منصب وزارة الدفاع في إدارة بايدن، وهي التي عملت كوكيل لوزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسة من العام 2009 وحتى 2012.
ففي آب/أغسطس 2014، أعربت “فلورنوي” عن دعمها لمساعدة “المقاتلين الكرد” دون أن تحدد فيما إذا كانت تقصد المقاتلين الكرد في العراق أم في سوريا.
وقالت في تغريدة لها آنذاك: “نعم، ينبغي على الولايات المتحدة تزويد الكرد بما يحتاجونه من أجل الدفاع عن مناطق هامة والقضاء على داعش.”
وفي جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب عام 2019 حول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أثارت “فلورنوي” المخاوف بشأن الديمقراطية في تركيا عند حديثها عن التحديات التي تكمن في استحواذ تركيا على نظام الصواريخ الروسي S-400، واقترحت إدراج هذه المسألة ضمن بند التعاون الأمني.
وقالت آنذاك: “أعتقد أن تراجع الديمقراطية يجب أن يكون جزءاً من المناقشات. لم نطرح هذه القضية بالشكل المطلوب مع نظرائنا الأتراك. هناك حاجة للضغط عليهم بشأن هذه القضية، يجب أن ندرك لأي حد يمكننا ربط ما يجري في هذا المجال… بالدرجة التي يمكننا بها التعاون في المجال الأمني.”
كما تم اختيار الضابط السابق بالجيش الأمريكي والسيناتور جاك ريد، وهو عضو بارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، كمرشح محتمل لقيادة وزارة الدفاع.
ويعتبر “ريد” من أشد المنتقدين لأردوغان وداعماً لحد بعيد لكافة الأطياف الكردية والأرمنية النشطة في الدولة التي يمثلها.
وكان “ريد” قد عارض وبقوة الغزو التركي لشمال وشرق سوريا في العام 2019، وقدم مشاريعاً لقوانين ووثائق دعا فيه إلى اتخاذ إجراءات صارمة من قبل الولايات المتحدة بشأن حقوق الإنسان في تركيا أقدمها الوثيقة التي قدمها عام 1996، والتي دعا فيها الولايات المتحدة إلى إنهاء جميع المساعدات لتركيا إلى حين “اعتراف تركيا بالحقوق المدنية والثقافية لمواطنيها من الكرد، ووقف عملياتها العسكرية ضد المدنيين الكرد، واتخاذ خطوات واضحة نحو حل سلمي للقضية الكردية.”
بينما تعتبر المحاربة العسكرية السابقة والسيناتور تامي دكوورث مرشحاً آخر من المحتمل أن تتقلد هذا المنصب.
وعارضت “دكوورث” الهجمات التركية على سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض بشكل علني، بعد قرار ترامب بإعطاء الضوء الأخضر للغزو، واعتبرت ما حدث “فظاعة”.
وتبنت “دكوورث” قانوناً يدين حملة أردوغان القمعية ضد الأفراد والمنظمات التي دعت إلى حل سلمي للقضية الكردية، وأيدت فرض عقوبات على كبار المسؤولين الأتراك، وعبرت عن دعمها لدور أميركي بارز في التوسط لحل سياسي بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية.
الخارجية
ويعتبر أنتوني بلينكين، وهو مستشار مقرب من بايدن ومرشح محتمل لوزارة الخارجية، من أكثر مرشحي بايدن المؤيدين لتركيا.
شغل “بلينكين” مناصب مختلفة في مجال الأمن القومي منذ عهد إدارة كلينتون، وشارك إلى حد ما في سياسات الاسترضاء والتسوية الأكثر تدميراً لتلك الإدارة.
ففي عام 2001، أجرى مقابلة مع قناة تلفزيونية تركية دافع فيها عن دور الولايات المتحدة في القبض على زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.
وفي افتتاحية نيويورك تايمز في كانون الثاني/يناير 2017، قال “بلينكين” إنه يتوجب على الولايات المتحدة دعم قوات سوريا الديمقراطية في حملتها لتحرير الرقة، العاصمة المزعومة لتنظيم “داعش”، بينما ساند تركيا في الوقت نفسه على تثبيت موطئ قدم لها في مدينة الباب السورية القريبة من الحدود مع تركيا.
ودعا “بلينكين” الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، إلى إقامة علاقات شخصية مع أردوغان بهدف تبني دبلوماسية أشد صرامة مع تركيا، وقدم التوصية ذاتها إلى بايدن.
وسوزان رايس، التي شغلت منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة من 2009 إلى 2013 ومستشارة الأمن القومي من 2013 إلى 2017، هي الأخرى مرشحة لتولي منصب وزارة الخارجية.
وخلال الغزو التركي في تشرين الأول/أكتوبر 2019، انتقدت “رايس” مراراً وتكراراً كلاً من ترامب وأردوغان على أفعالهما، وأعربت عن قلقها من عدم قدرة تركيا على محاربة “داعش” بشكل فعال.
وفي مقابلة مع قناة PBS NewsHour قالت “رايس”: “لا يشكل مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية الكردية أي تهديد إرهابي لنا أو لغيرنا. على العكس تماماً، لقد قاتلوا داعش في وقت لم يقم الأتراك بهذا الدور.”
وأضافت: “لقد سمح الأتراك للآلاف من مقاتلي داعش بالتدفق عبر تركيا إلى سوريا. والآن، فإن تسليم المعركة إلى الأتراك والتظاهر بأنهم سيقاتلون داعش وسيقومون بتأمين السجناء أمر بعيد عن المصداقية.”
والجدير بالذكر، أنه عندما ساوى ترامب بين داعش وحزب العمال الكردستاني، صرحت “رايس” بأن هذه المقارنة كانت “من بين أكثر تصريحاته خداعاً وجبناً على الإطلاق”.
والمرشح الآخر المحتمل لحقيبة وزارة الخارجية، هو السناتور كريس كونز، أحد مؤسسي تجمع حقوق الإنسان في مجلس الشيوخ.
وقد أيد “كونز” العقوبات ضد تركيا بسبب أفعالها في سوريا، مشيراً إلى أنه لا يمكن للولايات المتحدة “أن تتجاهل تصرفات تركيا ورئيسها أردوغان في زعزعة الاستقرار في سوريا والشرق الأوسط بأكمله”، كما دعا البيت الأبيض إلى نشر نص المكالمات الهاتفية بين ترامب وأردوغان.
وكريس مورفي، هو عضو مجلس الشيوخ ومرشح محتمل أيضاً لتسلم منصب وزير الخارجية، يمتلك سجلاً قوياً.
فقد تبنى “مورفي” مؤخراً قانوناً طالب فيه بتقديم تقرير حول ممارسات تركيا المتعلقة بحقوق الإنسان، ووصف الهجمات التركية ضد قوات سوريا الديمقراطية بأنها “كارثة إنسانية وأمنية ووطنية”، ودعا ترامب إلى إلغاء دعوة أردوغان لزيارة البيت الأبيض في تشرين الثاني/نوفمبر 2019.
وبينما حذر “مورفي” من فرض عقوبات على المسؤولين الأتراك، دعا في الوقت نفسه إلى فعالية ردع جرائم الحرب التي ترتكبها تركيا ومواجهة دعمها لتنظيم داعش.