سكان في العاصمة دمشق: أزمة الخبز مرتبطة بالفساد وضعف الإدارة الاقتصادية للحكومة
دمشق – نورث برس
يرى صحفيون ومثقفون في العاصمة دمشق أن تفاقم أزمة الخبز واستمرارها وسط غياب الحلول الجادة لها، دليلاً واضحاً على ضعف الإدارة الاقتصادية للحكومة وعدم قدرتها على محاربة الفساد في أكثر القطاعات حساسية.
وقال مرهف هرموش، وهو صحفي يقيم في دمشق، إن أزمة الخبز هي “الأقسى” في سلسلة أزمات متوالية عاشها المواطن السوري.
وذلك ” لتهديدها الأمن الغذائي للسكان في ظل انهيار الحالة الاقتصادية بشكل مخيف”، بحسب “هرموش”.
ويرى الصحفي أن سبب أزمة الخبز يعود إلى ضعف الإدارة الاقتصادية للمسؤولين عن هذا القطاع وعدم وجود مصادر استيراد كافية في ظل تطبيق قانون قيصر، بالإضافة لارتفاع سعر صرف الدولار.
وتشهد العاصمة دمشق منذ قرابة شهرين نقصاً في توفر الخبز وارتباكاً في قرارات الحكومة لتحديد آليات توزيعه، حيث يضطر السكان إلى الوقوف لساعاتٍ ضمن طوابيرٍ طويلة ليحصل كل منهم على ربطة أو ربطتي خبز.
وكانت الحكومة قد رفعت، الشهر الفائت، سعر ربطة الخبز بنسبة مئة بالمئة، حيث ارتفع سعر المبيع من 50 إلى 100 ليرة سورية، مع تخفيض وزن الربطة من 1300 غرام إلى 1100 غرام.
ويعتمد توزيع الخبز في المناطق الحكومية على البطاقة الذكية، إذ يحق للعائلة المؤلفة من شخص إلى ثلاثة أشخاص مثلاً الحصول على ربطة خبز واحدة، والعائلة المؤلفة من أربعة إلى سبعة أشخاص الحصول على ربطتين.
وحددت الحكومة، بهذه الطريقة، كمية الخبز التي يجب على السوري أن يكتفي بتناولها، وإلا ستضطر العائلة للتوجه إلى السوق السوداء لشراء كميات إضافية.
ويعتقد الصحفي “هرموش” أن “الفساد نخر مفاصل جميع القطاعات، وخصوصاً الفساد الإداري والقرارات الارتجالية غير المدروسة الناتجة عنه.”
وأشار إلى أن هناك مكاسب مالية لبعض الأشخاص من استمرار الأزمة، وزاد: “الأسماء معروفة للجميع.”
وتعاني مناطق الحكومة السورية نقصاً شديداً في تأمين القمح والطحين للأفران رغم تصريحات رسمية سابقة “زعمت” قدرة الحكومة على تأمين المواد الأساسية وفي مقدمتها مادة الخبز.
وقال معاون وزير التجارة الداخلية السوري، جمال شعيب، الأسبوع الفائت، إن حالات الازدحام التي تشهدها الأفران للحصول على الخبز سوف تنحسر خلال الأيام القليلة القادمة.
ولكن “شعيب” لم يذكر حينها الآلية التي ستتبعها الحكومة لحلِّ أزمة الخبز المتفاقمة، لتبقى طوابير الانتظار على الأفران مستمرة.
وبحسب الصحفي “هرموش” فإن حل أزمة الخبز تكمن في رفع الدعم بشكل كامل عن الخبز “بشرط رفع مستوى دخل المواطن بما يتوافق مع متطلبات المعيشة الأساسية، بالإضافة لزيادة عدد نقاط البيع.”
من جانبها، اعتبرت ميادة اللبابيدي، وهي شاعرة تقيم في دمشق، أن في مشهد الطوابير التي تقف لساعات طويلة أمام الأفران “إهانة لكل الشعب السوري، فذلك مشهد لحكومة مستبدة ونحن شعب مضطهد بكل ما للكلمة من معنى.”
وأضافت أنه من غير المعقول أن يستهلك الإنسان نصف يومه في الطابور للحصول على أبسط حقوقه وهو رغيف الخبز.
ورأت هي الأخرى أن رفع الدعم عن الخبز “سيؤدي لتوقف سرقة الطحين والمازوت، ويتوقف مع ذلك بيع تلك المواد في السوق السوداء.”
أما السيناريست فايز بشير، وهو من سكان العاصمة أيضاً، فقد ربط على نحو ساخر بين “شكل الرغيف الدائري وشكل عجلات السيارة التي تحتاج بنزيناً وشكل المدفأة الدائرية التي تحتاج مازوتاً ودوائر الدولة التي لا تضع حلولاً.”
وحول تحجج الحكومة بالحصار وقانون قيصر تساءل “بشير”: “من أين تدخل السيارات الفخمة والهواتف النقالة الحديثة؟ أم أن قانون قيصر يطال فقط رغيف الفقراء!”