مخاوف من انهيار مقام ديني على تلة في السويداء نتيجة استجرار الرمل البركاني

السويداء – نورث برس

يحذّر شيوخ وخبراء جيولوجيا في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، من انهيار مقام ديني في تل شيحان شمال مدينة شهبا، في ظل استمرار استجرار الرمل البركاني الأسود من قبل جهات حكومية تستخدمه في تعبيد الطرقات.

 ويضمُّ تل شيحان في مدينة شهبا بالسويداء مقاماً دينياً ذا قيمة دينية وتاريخية كبيرة لدى طائفة الموحّدين الدروز، وهو مزار لكثير من سكان محافظة السويداء لاعتقادهم أنه يجلب الخير والبركة لزائريه.

وقال الشيخ فهيم الغريب (65 عاماً)، وهو أحد الزوار الدائمين لمقام تل شيحان الدرزي، إن آلاف الأطنان من الرمل الأسود البركاني الذي يتكوّن منه التل، تم استجرارها من قبل جهات حكومية وأخرى خاصة متعاقدة معها.

وأضاف أن مطالبات السكان ازدادت بضرورة توقف عملية الاستجرار المستمرة منذ عشرات السنين، “رغم أن كميات الاستجرار أصبحت في أوقات متقطعة، لكن الجهات الحكومية ما تزال تستخدمه في تعبيد الطرقات.”

وأشار “الغريب” إلى أن استمرار استجرار الرمل من أسفل التل باتَ يشكِّل خطراً على المقام الديني في أعلاه، “وقد تحدث انهيارات رملية في طبقات التل التحتية مع زيادة الحفر والاستجرار، ما سيجعل المقام الدرزي عرضةً للتصدّع والانهيار المفاجئ.”

ويرى الزائر أن على الجهات الحكومية ومتعهدي الطرق التوقف بشكل نهائي وفوري عن تجريف التل، “لأن له دلالات رمزية دينية هامة للدروز.”

وقال أيضاً إن سكاناً من المنطقة وزائرين للمقام أبلغوا مشيخة عقل طائفة الموحّدين الدروز، وهي المرجع الديني الأعلى للطائفة الدرزية في سوريا، بأن أي خطر يتعرّض له المقام الديني “ستكون له نتائج كبيرة لدى سكان المنطقة وردود أفعال لا تحمد عقباها.”

ويعتقد سكان المنطقة أن أحد الأولياء الصالحين سكنَ قمة تل شيحان منذ زمن بعيد، فسُمّي التل باسمه “شيحان”، ولكن هناك رواية أخرى تقول إن شيخين كانا يتعبّدان الله على التل، ومع مرور الزمن تحوّلت كلمة شيخان إلى شيحان.

وذكر الشيخ زاهي البرادعي (50 عاماً)، وهو باحث ديني من السويداء، أن رجال دين من الطائفة يقومون بزيارة مقام تل شيحان كل أسبوع، “وقد يقيمون داخله لأيام بعيداً عن زيف الدنيا.”

وتل شيحان هو بركان ثار منذ ملايين السنين، وجلّه طفٌّ بركاني أسود اللون على شكل حبات أو ذرات رملية متساوية اللون والحجم والشكل.

ويرتفع التل عن سطح البحر 1140 متراً وهو إهليلجي الشكل، وعلى سطحه الغربي فوهة بركانية قطرها 300 متر.

ويرى مختصون أن التربة البركانية المنزلقة وغير المستقرة في تل شيحان تشكّل خطراً مُحدِقاً ببناء المقام الدرزي الموجود في قمته.

وقال أمير ناصر الدين (55 عاماً)، وهو خبير ومهندس جيولوجي، لنورث برس، إن استخدام الطفّ البركاني الأسود في تعبيد الطرق “أمر عديم النفع.”

وأرجع سبب ذلك إلى أن حبات الرمل فيه ليست صلبة، “رماله السوداء لا تصلح في مزجها مع مواد أخرى لتعبيد الطرقات، حيث لا يتيح استخدامه الحصول على جودة عالية ذات معايير عالمية منشودة.”

وتأخذ الطرق التي تُستَخدم فيها رمال تل شيحان البركاني ومع الزمن بالتشقق والانخساف لرخاوة حبيباته السوداء وعدم تماسكها، بحسب المهندس الجيولوجي.

من جانبه، قال عضو سابق في مجلس بلدية شهبا، فضَّل عدم نشر اسمه، إن عرائض كثيرة من قبل مشايخ دروز قُدِّمت للجهات الحكومية كي يتم إيقاف الحفر في قاعدة التل البركاني.

“لكن لم تتم الاستجابة من قبل الجهات الرسمية الحكومية في السويداء ودمشق، رغم إدراكهم لحساسية الأمر لدى أتباع طائفة الموحّدين الدروز.”

وأشار المصدر نفسه إلى أن بإمكان الحكومة السورية في دمشق الإيعاز للجهات الخدمية بالتوقف عن تفريغ التل من رماله، “لأن البدائل متوفرة في تلال أخرى مجاورة لها طبيعة الطفِّ البركاني نفسه وهي وبعيدة عن المقام الديني.”

إعداد: سامي العلي – تحرير: سوزدار محمد