رشاوى ومحسوبيات في سجن السويداء وتهريب مواد مخدرة لسجناء “درجة أولى”

السويداء – نورث برس

قال سجناء سابقون في السجن المدني المركزي بالسويداء، جنوبي سوريا، إن إدارة السجن وضباطه يعملون على إرضاء سجناء متنفّذين وتهريب مواد ممنوعة لهم، وسط غياب الرعاية الصحية التي تتسبب بحالات وفاة لا تحدد أسبابها.

وقال سالم رحمة (33 عاماً)، وهو سجين قضى أربعة سنوات داخل السجن المدني في السويداء بتهمة مقاومة السلطات الحكومية وإطلاق نار على دورية أمنية، إنه عانى عدة مرات من حالات تسمم وإسهال بسبب الأغذية الفاسدة والمياه غير النظيفة التي تُقدَّم للسجناء.

وأضاف أن النقطة الطبية داخل السجن أعطته مسكنات وأدوية منتهية الصلاحية، بينما رفض طبيب السجن نقله لمشفى حين ساءت حالته.

لكن “رحمة” أشار إلى فئة سمّاها بـ”سجناء درجة أولى”، قال إنهم كانوا يتمكنون من تطويع ضباط السجن وعناصره بسبب امتلاكهم المال، إذ كانوا يحصلون على كل ما يرغبون.

ويُقدَّر عدد نزلاء السجن المركزي المدني بالسويداء بـ 1500 سجين وسجينة بأحكام جنائية وجنح وأخرى سياسية مرتبطة باتهامات تصفها الحكومة بالإرهاب، بحسب مصادر من داخل السجن.

سجناء متنفّذون

وقال رجى رحروح (40 عاماً)، وهو سجين خرج هذا العام بعد أن قضى سبع سنوات بسبب إطلاقه النار على شريكه في العمل بعد خلاف مالي بينهما، إن الرشاوى والمحسوبيات هي أساس التعامل داخل السجن.

وأضاف لنورث برس أن المواد المخدرة والمشروبات الكحولية يتم تهريبها لداخل السجن، “كنت أشعر أنني داخل ماخور.”

ويضمُّ سجن السويداء المدني مهاجع تحتوي على “شاشات تلفاز كبيرة باهظة الثمن وثلاجات وأفران غاز حديثة”، وهي مخصصة لسجناء يدفعون أموالاً ورشاوى كبيرة لضباط السجن، وغالباً ما يكونون من تجار المخدرات والأسلحة، بحسب “رحروح”.

ويستذكر السجين قضاء “نمير الأسد”، وهو أحد أولاد عمومة الرئيس السوري، فترةً من محكوميته في السجن المدني بالسويداء حتى العام 2016 قبل أن يتم ترحيله إلى دمشق، وذلك لاقترافه عمليات سطو مسلّح على البنوك الحكومية.

ويقول “رحروح” إن نمير الأسد كان يتصرّف وكأنه مدير السجن ، “كان يسهر مع ضباط السجن فارشاً لهم ما لذَّ وطاب من موائد  الطعام والشراب في مكتب مدير السجن.”

وكان السجين نمير الأسد يستثمر بوفيه السجن لصالحه بشكل غير قانوني، ويرفض منافسته في عائدات طلبات تهريب مواد كحولية ومخدِّرة لبعض السجناء، دون أن يستطيع أحد من ضباط وعناصر السجن أن يمنعه، بحسب السجين السابق “رحروح”.

وكان سجن السويداء قد شهد في العام 2016 حادثة استعصاء لسجناء سياسيين بعد اعتداء نمير الأسد على أحدهم بالضرب، بينما عمدت إدارة السجن لمعاقبة المُعتَدى عليه، بحسب ما نشرته وسائل إعلام حينها.

سيارات فارهة

وقال أحد عناصر شرطة السجن المدني بالسويداء، طلب عدم الكشف عن هويته، إن السجن يتألف من أربعة أقسام، بينها قسم للسجناء السياسيين ويسمى زنزانة “الإرهاب”، وآخر مخصص للنساء، وثالث للرجال ورابع للأحداث.

كما أن هناك سجون منفردة لا تتجاوز مساحة الواحدة منها مترين مربعين، وتستخدم غالباً لمعاقبة السجناء السياسيين وزيادة الضغط عليهم من قبل المحققين، بحسب المصدر نفسه.

وأضاف الشرطي: “لا يمكن تصوّر مدى الفساد الحاصل، ضباط السجن باتوا يملكون سيارات فارهة.”

وذكر أن حالات وفاة “كثيرة” تحدث داخل السجن، وأن الضابط الطبيب لا يستطيع اتخاذ قرار نقل المرضى للمشفى خارج السجن لأن مدير السجن يتحكّم بجميع القرارات.

من جانبه، أفاد ناشط حقوقي من مدينة السويداء، طلب عدم نشر اسمه، بأن السجناء يتعرضون إلى ابتزاز من قبل إدارة سجن السويداء وبعض السجناء المتنفّذين فيه، بينما تزداد حالات الوفاة.

اقرأ ايضا: “نفاذ”.. صفة تحول دون اعتراض صاحب السيارة المهربة وتفتيشها في السويداء.

وأشار إلى عدم سماح إدارة السجن للطبابة بمعرفة الأسباب الحقيقية لحالات وفاة السجناء، “هل هي بسبب أمراض مزمنة أم بسبب التعذيب؟ أم بسبب تناول نسبة عالية من الكحول والحبوب المخدِّرة التي باتت متداولة داخل السجن وأمام أنظار القائمين عليه.”

وذكر أن إدارة السجن والطبابة الشرطية اكتفت بإحالة قضية حالتي وفاة يوم الثلاثاء الماضية إلى الطبيب الشرعي الذي قال إنها بسبب “التسمم بمواد وأدوية غير معروفة.”

إعداد: سامي العلي – تحرير: حكيم احمد