أغطية مبللة وخيم رديئة.. معاناة مهجري تل أبيض في مخيمٍ شمال الرقة
الرقة – نورث برس
تقوم رفعة العبدالله (68 عاماً)، وهي مُهَجَّرة من منطقة تل أبيض، بجمع التراب من أطراف مخيم تل السمن (40 كم شمال الرقة)، شمالي سوريا، لتضعه أمام خيمتها في محاولة منها لمنع تسرّب المياه إلى داخلها مرة أخرى.
وتسرّبت المياه إلى داخل خيمة “العبد الله” وخيم أخرى في المخيم خلال العاصفة المطرية نهاية الأسبوع الفائت، فابتلّت معظم أغراضها من حُصُر وبطانيات وإسفنجات رقيقة.
وكانت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا قد افتتحت مخيماً لنازحي تل أبيض في بلدة تل السمن في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الفائت بعد سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلّحة التابعة لها على منطقتي تل أبيض وسري كانيه (رأس العين).
وتجاوز عدد مُهَجَّري منطقة تل أبيض في مخيم تل السمن هذا العام 700 عائلة، مع وجود مئات العائلات الأخرى بانتظار الحصول على مأوى داخله، بحسب إدارة المخيم.
وتعلم المُهَجَّرة رفعة أن التراب الذي وضعته لن يمنع دخول المياه إلى خيمتها مع عواصف أخرى قادمة، “فالخيم غير مجهَّزة لاستقبال فصل الشتاء.”
تقول وهي تشير إلى حال أغراض خيمتها، “والله تبهدلنا، أحتاج إلى خيمة خاصة، فابنتي مريضة وتحتاج إلى عناية خاصة، حتى الآن لم يعطوني خيمة.”
وكانت “العبد الله” قد انتقلت مؤخراً مع ابنتها من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى المخيم، لتسكنا في خيمة كانت لأحد أقاربها الذي خرج من المخيم بغرض العمل في قرية الهيشة (45 كم شمال مدينة الرقة).
“أتنقّل أنا وابنتي المريضة من خيمة إلى أخرى لعدم امتلاكنا خيمة خاصة بنا.”
من جانبه، قال محمد المصطفى (36 عاماً)، وهو مُهَجَّر من قرية فاطسة الشركراك جنوب مدينة تل أبيض ويسكن في مخيم تل السمن منذ تسعة أشهر، إن الخيم التي يقطنونها غير مؤهلة لاستقبال فصل الشتاء.
“وقعت خيمتنا على رؤوسنا مع أول عاصفة تعرَّض لها المخيم، حيث اضطررت للمبيت مع أطفالي في خيمة جيراننا.”
وتضطر كل أربع أو خمس عائلات للتجمّع في خيمة واحدة عند سقوط الأمطار أو هبوب الرياح وذلك حتى يتم تثبيت الخيم التي تتهالك مع الرياح وغالباً ما تسيل مياه الأمطار داخلها.
وأضاف “مصطفى”: “يحتاج كل طفل إلى ثلاث بطانيات لتدفئته فالأغطية التي تم توزيعها علينا رديئة جداً.”
ووصف أوضاعهم داخل المخيم بالمأساوية، ورأى أن على الجهات المسؤولة والمنظمات الإنسانية دعم المخيم بالتجهيزات المناسبة من خيام وأغطية ووسائل تدفئة لاستقبال فصل الشتاء.
من جانبه، قال الرئيس المشارك لمخيم تل السمن، محمد شيخ علي، لنورث برس، إن المخيم يعاني من تدني مستوى التجهيزات لاستقبال فصل الشتاء.
وأشار إلى أنهم استلموا مؤخراً /50/ خيمة من المفوضية العامة لشؤون اللاجئين، وهي “خيم رديئة جداً وقعت أرضاً بمجرد هبوب الرياح وهطول الأمطار.”
وأضاف: “كذلك البطانيات التي تم توزيعها على المُهَجَّرين من قبل المفوضية العامة لشؤون اللاجئين هي ذات جودة متدنية، فكل شخص يحتاج إلى أكثر من خمس بطانيات لتدفئته.”
وكانت إدارة المخيم قد قامت، العام الفائت، بتأمين كافة احتياجات 250 عائلة من سكان المخيم خلال فصل الشتاء، لكن العدد ازداد بعد ذلك، حسب ما ذكر “شيخ علي”.
وبدأت إدارة مخيم تل السمن، بداية الشهر الفائت، بمشروع توسيع المخيم نظراً لكثرة طلبات التسجيل، حيث شملت عملية التوسيع إقامة 500 خيمة جديدة على مساحة 70دونماً، مع تجهيزها بالمرافق الصحية وخزانات المياه.
وبحسب إدارة المخيم، فإن هناك أكثر من 800 عائلة أخرى مسجّلة تنتظر السماح لها بدخول المخيم.
وقال “شيخ علي” إن إدارة المخيم تقدّمت بطلبات إلى منظمة بلومونت لدعم المخيم بوسائل التدفئة، “لكنها اكتفت بتقديم مدافئ الكاز التي لا نستطيع أن نوزعها لخطورتها، فقد حدثت عدة حرائق داخل المخيم جراء الاستخدام الخاطئ لهذه المدافئ خلال الشتاء الماضي.”
وشدد “شيخ علي” على ضرورة تدخّل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتقديم الدعم للمخيم، “نظراً للأوضاع المادية الصعبة التي يعاني منها المُهَجَّرون ولكثرة العائلات التي تحتاج إلى دعم حقيقي لمواجهة فصل الشتاء.”