تربية النحل في الرقة تواجه مصاعب مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وفقدان مستلزماتها

الرقة- نورث برس

قبل عشر سنوات بدأ أحمد الحنوش(38 عاما) من سكان مدينة الرقة، تربية النحل كهواية، لكن لم تمر أعوام قليلة حتى تحولت تربية النحل إلى مصدر دخل له ولعائلته.


ويعمل العشرات من أبناء مدينة الرقة في مجال تربية النحل، يتخذ منها البعض كحال “الحنوش” مصدرا للدخل، لكن آخرون يجدون فيها هواية تؤمن لهم حاجتهم الشخصية من العسل.


ويقول “الحنوش” إن الرقة بيئة ملائمة لتربية النحل نظراً لتنوع الغطاء النباتي على سرير نهر الفرات وانتشار أنواع من النباتات النادرة على ضفافه، تتميز بجودة عسلها كـ”الشفلح والعاكول.”

 كما أن زراعة القطن والخضار بالإضافة إلى الأشجار المثمرة توفر بيئة مناسبة لتربية النحل، وفق “الحنوش.”


ومع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مدينة الرقة بدأت المصاعب تواجه المهنة كما حال الكثير من المهن والأعمال في المدينة.



ويشير “الحنوش” إلى أن تربية النحل تحتاج إلى تنقل فصلي، “كان من عادتنا أن ننقل الخلايا في الربيع إلى تل أبيض وكوباني لنحصل على عسل المرير(نباتات شوكية).”

لكن خلال سيطرة التنظيم أصبح متعذرا عليه نقل خلايا النحل خاصته، “ذلك أن طائرات التحالف الدولي كانت تقصف السيارات التي تحمل الخلايا، لأنها كانت تتشابه مع صناديق الذخيرة”، وفق تعبيره.



ورغم أن الحرب أجبرت المربي الشاب على الانقطاع عن تربية النحل بعد نزوحه من الرقة إبان المعارك ضد تنظيم “داعش”، إلا أنه عاد بعد ذلك  وبدأ من الصفر مجدداً.

ويقول “الحنوش”: لم تكن لديّ سيارة، لذا تركت خلايا النحل ورائي، ولأنني كنت بالكاد قادرا على حمل أطفالي.”


ويتذكر “الحنوش” عودته إلى المدينة وكيف وجد أن القذائف لم تترك له من أصل خمسين خلية سوى واحدة فقط.

بعدها كان عليه أن يبدأ من جديدة، ويواظب على العناية بها حتى بات عددها  يصل اليوم إلى  40 خلية.



لكن رغم عودة الكثيرين إلى مزاولة تربية النحل في الرقة إلا أنها لا تخلوا من مصاعب تأتي في مقدمتها وفق “الحنوش”، عدم وجود تنسيق بين مربي النحل والمزارعين الذين يقومون برش المبيدات الحشرية كل عام.

 ويتسبب رش المبيدات الحشرية عادة، بنفوق قسم كبير من أسراب النحل.


ويُحَملُ المربي الشاب دائرة الثروة الحيوانية المسؤولية فيما يحدث من فوضى في رش المبيدات الحشرية في المنطقة.

ويشير إلى ضرورة إبلاغ مربي النحل قبل رش الحقول، حتى يتخذوا التدابير المناسبة لحماية خلاياهم إلى حين زوال مفعول المبيدات.


ويتحدث “الحنوش” عن عدم تلقي مربي النحل أي دعم من مكتب الثروة الحيوانية التابع للجنة الزراعة، ذلك “أن دعم هذا القطاع قد يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من العسل في المنطقة.”



وعن المردود المادي الذي تحققه مهنة تربية النحل، يؤكد الحنوش أن كل خلية تنتج ما بين 10 إلى 15 كيلو غراما من العسل سنوياً.

ولا تتوفر في الوقت الحالي غير الأسواق المحلية كبديل وحيد لتصريف نتاجهم، حيث يقوم ببيعها بنحو 25 ألف ليرة للكيلو غرام الواحد.

وكان إنتاج سوريا من العسل يبلغ قبل الحرب حوالي /3,000/ طن سنوياً، إلا أنه تعرّض لأضرار كبيرة لينخفض الإنتاج لـ /600/ طن فقط.

وتشير  الإحصائيات خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى زيادة بنسبة 25 %، بحسب اتحاد النحالين العرب في سوريا.


لكن المربي محمد العواد(٥٦عاما ) وهو من سكان قرية المحوكية غرب مدينة الرقة يقول إن تربية النحل في الرقة باتت تراجع خلال السنوات الأخيرة.

ويعدد” العواد” الذي يربي النحل منذ نحو عشرين عاما، الأسباب تراجعها، حيث يأتي في مقدمتها عدم وجود الدعم المادي من قبل مكتب الثروة الحيوانية.

 كما أن عدم توفر مستلزمات تربية النحل لارتفاع ثمنها، بات من المشاكل التي تواجه المربين أيضا.

ويقول “العواد” أيضا إن “تربية النحل تحتاج إلى صناديق خشبية تحتضن الخلايا وألبسة واقية وفرازات للعسل وأعلاف شتوية وكل هذه التجهيزات باهظة الثمن.”

ويضيف المربي الخبير إنه كان يملك نحو 40 خلية فيما سبق لكن غلاء الأسعار وعدم توفر المستلزمات تسبب بانخفاض أعداد خلاياه إلى ثمانية فقط.


عدا عن أنه لم يعد يستطيع الآن نقل خلاياه إلى منطقة تل أبيض كما جرت العادة، بعدما باتت تحت سيطرة تركيا وفصائل المعارضة التابعة لها.

من جهته يقول رئيس مكتب الثروة الحيوانية التابع للجنة الزراعة في مجلس الرقة المدني محمود حمزاوي إن عدد مربي النحل الفعليين في مدينة الرقة تجاوز (١٠٠) مربي.

ويضيف أن عدد المربين المنتسبين إلى جمعية النحالين وصل حالياً إلى (٢٠٠) مربي .


ويشير “الحمزاوي” إلى أن عمل مكتبهم في مجال تربية النحل يقتصر على التوجيه والإرشاد للمربين “على اعتبار أنه قطاع اقتصادي يصنف من القطاعات ذات المردود الخاص.”

ويقول المسؤول إنهم يقومون بتنبيه المزارعين إلى ضرورة إبلاغ مربي النحل المجاورين لحقولهم قبل رش حقولهم بالمبيدات الحشرية المضرة بالنحل.


ويضيف رئيس مكتب الثروة الحيوانية أنهم يعملون على التنسيق مع المنظمات لدعم هذا القطاع وخاصة فيما يتعلق بالمعدات وتأمين ملكات النحل لتوفير أصناف جيد من النحل للمربين.

 إعداد: أحمد الحسن- تحرير: جان علي