لصعوبة تأمين مواده المستوردة… حرفي يحوّل ورشته بريف حلب لمشغل يصنع قطعاً فنية

حلب – نورث برس

 

نتيجة عجزه عن استثمار ورشة الخراطة واستجلاب المواد الأولية إليها، لاسيما الحديد الذي ارتفع ثمنه بشكل قياسي، قام إحسان فواز (39) عاماً، بتحويل ورشته إلى مشغل لصناعة القطع الفنية و"الأنتيكة" من الخشب التالف.

 

ويقيم فواز ببلدة الزهراء في ريف حلب الشمالي، ولديه أربعة أولاد، ويعمل مدرساً لمادة الخراطة والتسوية في ثانوية بلدة نبل الصناعية المجاورة لبلدته.

 

يقول الحرفي إنه وجد في صناعة القطع الفنية الخشبية وتشكيلها حلاً لتأمين مداخيل مادية معقولة تجنبه الوقوع في ضائقة اقتصادية ومعيشية قاسية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها معظم السكان في مناطق سيطرة الحكومة السورية.

 

قبيل اندلاع الحرب في البلاد فتح إحسان فواز ورشة للخراطة بمساعدة اخوته، وشكلت هذه الورشة مصدر كسب له إلى جانب راتبه في التعليم، حيث كان يقوم بتبديل وإصلاح قطع السيارات وقوالب المكنات الزراعية وتصنيع بعض أجزائها.

 

لكنه وخلال الأشهر الماضية تعرّض لخسائر كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الحديد وبات من الصعب متابعة العمل وتأمين المواد الأولية، إذ يستورد الحديد والقطع المعدنية الأولية من روسيا وتخضع لضرائب جمركية ورسوم عالية، فبات من الصعوبة تصنيع القطع وبيعها للزبائن بأسعار تحقق له مرابح ولو بسيطة.

 

"بسبب الظروف الاقتصادية وتعثّر العمل وعدم القدرة على شراء المواد الأولية قمت بإغلاق ورشتي التي تعتبر مصدر رزقي الأساسي ووجدت في تصنيع الخشب ملاذاً".

 

واستثمر فواز مهارته الفنية وبنفس أدوات ورشته السابقة في حرفة لا تحتاج لرأس مال وبضائع مستوردة، لا سيما أن مواده الأولية هي جذوع أشجار مقطوعة أو أخشاب تالفة ومأخوذة من البيئة المحلية لتصنيع قطع فنية ومواد خشبية لقيت رواجاً في بلدتي نبل والزهراء.

 

وتجري عملية تصنيع هذه القطع على مراحل عدة تبدأ بقص الأخشاب أو جذوع الأشجار بعد تنشيفها ومن ثم يقوم بتشكيلها ودهنها واكسابها لوناً معيناً، ويضيف لها بعض النقوش والرسومات.

 

"عملي هو إحياء القطع وتحويلها لأدوات مفيدة وقطع فنية، فاصنع النراجيل واللمبديرات الضوئية وكؤوس الشرب الخشبية إضافة لأدوات خاصة بالمكاتب كحمالات الأقلام، كما أصنع أشياء فنية ومنزلية وأدوات زينة خشبية حسب طلب الزبون وكلها بأسعار رمزية".

 

ويقول إنه "يراعي" الأوضاع والظروف الاقتصادية التي يمر بها معظم الزبائن، إلا أنه يأمل أن يحظى باهتمام جهة رسمية أو مدنية لتقدّم دعماً مادياً أو تسويقياً، بحيث يوّسع مشروعه وليوفر فرص عمل للسكان عبر إقامة معارض أو شحن بضائعه إلى مختلف المناطق السورية.

 

وأدى توقف الأعمال والشلل شبه التام الذي أصاب معظم المهن والحرف في ريف حلب الشمالي لأزمات بطالة بين الكثير من الشرائح في المجتمع لاسيما الشباب في ظل "غياب أي مبادرات أو دعم حكومي لإنقاذ سوق العمل وإعادة الزخم إليه ولو بالحد الأدنى".

 

وانخفضت قيمة الليرة السورية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة أكثر من 50 %، لتدخل الأسواق وحركة التجارة في حالة من التخبّط وارتفاع جنوني لمصادر المعيشية اليومية، كما يعيش أربعة من بين خمسة أشخاص من السوريين تحت خط الفقر، وفقاً لتقرير منظمة اليونيسف في 2019.

 

ومع الواقع المعاش تبقى تجربة إحسان فواز "يتيمة" وغير ذات جدوى اقتصادية هامة، في ظل توجه أصحاب معظم ورشات الحدادة الأخرى في بلدتي نبل والزهراء إلى إغلاق ورشهم نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة وركود سوق العمل.